ذاكرة سينمائية

نحاول في هذه الزاوية، استذكار أهم الأفلام التي ساهمت في الانتشار الواسع للفن السينمائي، والاقبال الكبير عليها، وكذلك نسلط الضوء من خلالها على أشهر النجوم الذين اشتركوا فيها ، أفلام عالمية وعربية ، ضمن قائمة تضم المئات من الأفلام التي ما زالت أحداثها راسخة في الذاكرة الجمعية للجمهور، وتحقق نسبة أقبال عالية عليها لحد الان.
سنبدأ مع فلم (ذهب مع الريح (Gone with the Wind) اخراج فيكتور فلمينغ ،الذي أُنتِج في عام 1939 عن رواية مارغريت ميتشل الشهيرة ذهب مع الريح. فاز الفيلم بِـ 8 جوائز أوسكار، واختاره معهد الفيلم الأمريكي ليكون الرابع في قائمة الأفلام الأمريكية المائة الأفضل في القرن العشرين، وحتي عام 2006 أصبح الفيلم ثاني أعلى الأفلام إيراداً في تاريخ السينما الأمريكية .

اختيار الممثلين
اختيار الممثلين للدورين الرئيسيين أصبح مسعى معقداً دام عامين، لتتأخل اثنتان فقط لتصبحا المرشحتين النهائيتين، بوليت غودارد، وفيفيان لي، للترشح الأخيرة لأداء دور البطولة، لقناعة المنتج ديفيد سيازينك فيها،فيما كان كلارك غيبل المرشح الفوري المفضل للجمهور وسيلزنيك معاً.

حكاية الفلم
تدور قصة الفيلم، كما تفعل الرواية، حول انعكاسات الحرب الأهلية الأمريكية على المزارعين الجنوبيين، وصعود المجتمع الصناعي مع فرض قيم المنتصرين، تحرير العبيد، وانهيار المجتمع الإقطاعي. وتأثير ذلك على الأفراد عبر قصص حب متشابكة محورها البطلة الجنوبية سكارليت أوهارا التي تُحب أحد ورثة الإقطاع في الجنوب آشلي ويلكس، والذي لا يُبادلها الحب بدوره، لتتزوج من تشارلز هاملتون أخو زوجة ويلكس ميلاني، لتبقى بقرب حبيبها. ومن ثم ظهور البطل المغامر ريت بتلر الذي يحب سكارليت، لكنها لا تفطن لذلك إلا في النهاية، بعد أن يتركها، رغم أنها تزوجته.
يبدأ الفيلم في مزرعة قطن تُسمى تارا في ولاية جورجيا الأمريكية عام 1861 عشية الحرب الأهلية الأمريكية، حيث تظهر سكارليت أوهارا، الابنة الكبرى لمهاجر إيرلندي يُدعى جيرالد أوهارا (مالك مزرعة تارا)، مع أمها إيلين، وتبدو مستاءة جداً بسبب خطبة آشلي ويلكس لقريبته ميلاني هاملتون.
في الحفلة الكبيرة تلتقي سكارليت بالبطل ريت بتلر (كلارك غيبل)، الذي تدور حوله الفضائح، ويتقرب منها، كما تدور نقاشات حول نتائج الحرب الأهلية، يقول فيها بتلر أن الحرب ستنتهي لمصلحة الشمال بسبب تقدمه الصناعي، وتقرر سكارليت أن تتزوج تشارلز هاملتون، شقيق ميلاني، لتبقى قريبة من آشلي.
يذهب آشلي وتشارلز إلى الحرب، ويبقى ريت بتلر ليعمل في التهريب. يموت تشارلز هاملتون بالتهاب صدري فتصبح سكارليت أرملة، غير أنها تتصرف بما لا يلائم وضعها، ويظهر حين ذاك انجذاب ريت بتلر الشديد لها، كما يظهر معدنه الشجاع.
تضطر سكارليت إلى الهروب من مزرعتها إلى مدينة آمنة، فتستعين بريت ليساعدها، وتآخذ ميلاني وطفلها الذي ولدته ميلاني قبل أن يرحلا إلى المدينة . ويذهب ريت للانضمام إلى جيش الجنوب المنهزم، فيقاتل، ويأسره جنود الشمال.
تموت والدة سكارليت، وتصبح مسئولة عن أختيها، وعن ميلاني زوجة آشلي، فتعود بهم جميعاً إلى تارا حيث يعانون الجوع، وتحاول اللجوء إلى ريت، لكنها تخدعه فيبتعد عنها، وتضطر للاعتماد على نفسها في إعالة الأسرة، والخدم، والعودة بالمزرعة إلى الحياة، خصوصاً بعد وفاة والدها جيرالد أوهارا الذي عانى من خبال قبل ذلك بسبب تأثير الحرب المدمر على الجنوب.
تساعد ميلاني الجنود العائدين، وفي ذات يوم، يعود آشلي، وتعود مشاعر سكارليت إلى حرارتها القديمة، لكنها تتزوج فرانك كينيدي، حبيب أختها سوالين، طمعاً في أعماله المزدهرة، وتصبح سيدة أعمال ذات شأن. تتسبب سكارليت في مقتل زوجها الثاني كينيدي بعد خروجه مع آشلي ويلكس وآخرين لتأديب السود الذين حاولوا الاعتداء عليها عند عبورها منطقة خطيرة، حيث ينقذها عبد والدها السابق الشهير ببيغ سام، وتطاردهم الشرطة غير أن ريت بتلر يتدخل لإنقاذ من بقوا أحياء ويرسلهم إلى منزل صديقته سيئة السمعة بيل واتلنغ حفاظاً عليهم من استجواب الشرطة، ولا تأبه سكارليت بمصير زوجها المتوفى حيث تواصل أعمالها بشكل متصل، وتواصل تعلقها بآشلي ويلكس الذي تعطيه عملاً في ورشتها.
يكثر ريت بتلر من المجيء لزيارة سكارليت، ويحوم حولها، ثم يعترف لها في النهاية بحبه ويطلب منها أن تتزوجه، ويقيم معها في قصر كبير بناه لها، ويبدأ في تحسين صورته وسمعته بين الناس بالمساهمة في نشاطات المجتمع بشكل دائم، وتلد سكارليت له ابنة يسميها بوني بلو بتلر، ويستقيم تماماً لأجل أن يكسب سمعة جيدة لابنته. تستمر سكارليت في إهمالها الشديد لزوجها وابنتها، فيغادر بعد سنوات برفقة بوني إلى بريطانيا، لكنه يضطر إلى العودة فيما بعد بسبب شوق بوني إلى أمها، وتستقر الأمور بينهما، حيث يبدو أن علاقتهما في سبيلها إلى التحسن، غير أن سقوط بوني بلو من على حصانها وموتها بكسر عنقها (كما حدث لجدها جيرالد أوهارا) يصيب ريت بتلر بصدمة عنيفة تدفعة إلى ترك سكارليت.
تأتي ميلاني هاملتون لتعزية سكارليت وريت والإصلاح بينهما، غير أنها تسقط محتضرة وهي حامل، وتوصي سكارليت بالاعتناء بزوجها آشلي لأجلها، كما اعتنت بها من قبل لأجله، وحين تخرج سكارليت لرؤية آشلي تجده يبكي على ميلاني ويقول أنها كل شيء بالنسبة إليه، فتكتشف أخيراً أنها قضت حياتها في مطاردة وهم، وتكتشف أنها تحب ريت حقاً، وأنها تريد بقاءه.
يرفض ريت البقاء، وحين تسأله ماذا ستفعل؟ ومن سيهتم بها؟.. يجيبها بأنها لا يأبه على الإطلاق ويغادر تاركاً إياها منهارة على درج القصر الكبير، وبين دموعها الغزيرة تتذكر سكارليت كلام أبيها وريت وآشلي عن مزرعة تارا التي تملكها الآن، فتقرر العودة إليها والاستقرار فيها لتبدأ من جديد، ومن ثم تفكر في كيفية استعادة ريت، وتقول: غداً يوم آخر. لينتهي الفيلم بها واقفة في شموخ.

ردود الفعل
عندما سألت الصحافة ديفد سيلزنيك في ستبمبر عن شعوره إزاء الفيلم، أجاب قائلاً: “في الظهيرة أعتقد أنه إلهي، وفي منتصف الليل أعتقد أنه تافه. أحياناً أعتقد أنه أعظم فيلم في التاريخ. لكن، إذا كان مجرد فيلم عظيم فقط، سأظل راضياً.”
عندما عرض الفيلم قبل انتهائه على عينة محدودة من الجمهور لقياس ردة فعله في 9 سبتمبر 1939،هلل الجمهور بشدة عندما ظهر اسم مارغريت ميتشل، ومن ثم اسم المنتج سيلزنيك، الفيلم الذي قرؤوا عنه الكثير خلال عامين صار أخيراً واقعاً.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة