حذام يوسف طاهر
يتحدث أحمد الصافي النجفي عن ترجمته ل (رباعيات الخيام) فيقول:» أنا أمين في ترجمتي وفي شعري، ففي ترجمتي لم ادخل شيئا من فكري، وفي شعري لم ادخل شيئا من فكر الناس..».
الى أي مدى يمكن القول انه كان دقيقاً في جملته هذه؟ هل حقاً لم يدخل شيئاً من فكره؟ ومن شعره؟، ربما هو كان اميناً على الفكرة نعم، ولكن لابد انه أضاف من روحه الى النص الجديد (المترجم)، وصلتنا رباعيات الخيام ومازال الحديث والبحث والاعجاب حاضراً على روعتها، وتأثيرها ولكنها وصلتنا ناقصة!، حتماً خبأت الكثير من اسرار النص في اللغة الام.
كثير من المطبوعات المترجمة تأخذنا بعيداً لأجواء جديدة، نبحث عنها دوماً، لافتقادنا حضور البحر في النصوص المحلية، وما شابهها من أماكن لها قيمة أدبية وتاريخية، أحيانا نشعر ان للنص الشعري صوتا نسمعه، ونحن نقرأ مقاطعه، من هنا يؤكد (فريدريك شلير ماخر ) في دراسات الترجمة، على أهمية الصوت في الشعر كأحد المشكلات الرئيسية في الترجمة، ويعرف الشعر بأنه العمل الذي يكون فيه المعنى الأسمى والاكثر امتيازاً موجوداً في العناصر الموسيقية للغة في أثناء تجليها في الإيقاع، اذن المهمة ليست يسيرة كما يظن البعض، اذ يتحتم على من يقوم بترجمة النص الشعري ان يكون ملماً بأصول الكتابة الشعرية، وهنا ندرك الفرق الكبير بين من يترجم قصة او مقالاً او رواية، عن مترجم القصيدة، مع ان ترجمة ما ذكرنا من الاجناس الأدبية، تلزم المترجم أيضا بأن يكون ملماً باللغة الام ولغة النص الأصلي، فكيف يفسر مثلا المترجم نصاً قصصياً او شعرياً يتحدث عن وله العشاق بشارع ابي نواس؟، القارئ المحلي يدرك أهمية هذا الشارع والشاعر وتصله الفكرة مباشرة، ولكن القاريء الأجنبي، يستغرب من ذكر اسم هذا الشارع في نص شعري، لا يدرك معنى وأثر واهمية ابي نواس وشارعه.
واختم بقول لأندريه تاركوفسكي:» لا أؤمن بإنتاج نسخ للوحات؛ ولا أؤمن بترجمة القصائد؛ الفن غيور للغاية».