من أساء للاسلام رائف أم داعش؟

اصدرت احدى المحاكم السعودية حكماً على الناشط المدني والمدون رائف بدوي بالسجن لمدة عشر سنوات و1000 جلدة ومليون ريال غرامة. والتهمة هي (الاساءة للاسلام) الهراوة الأزلية نفسها والتي لا ترتفع غالباً الا بوجه المارقين عن ثوابت الأمة، ومن اتباع البدع والظلالة والتدوين، حيث تسترشد سلالات المحتسبين الجدد بوصية السلف الخالدة والتي تقول:

استودع العلم قرطاساً فضيعه/ وبئس مستودع العلم القراطيس.

جريمة هذا الشاب الذي رمته الأقدار على تلك التضاريس الصامدة من دون جغرافيات هذا العالم الذي تحول الى قرية، على ما كانت عليه منذ عشرات القرون، تلك المحميات الطبيعية التي ما زالت تحتفظ بريش ذلك الصقر الذي كان متوثباً للانقضاض على كل من يقول بكروية الارض؛ انه حلق بعيداً في سحب العالم الافتراضي، وتخيل نفسه جزء من سكان هذه القرية الكونية، فأسس لنفسه كما كل عيال الله في هذا الكوكب الازرق؛ موقعاً الكترونياً ليدون فيه تغريداته بوصفه كائناً حراً، من دون أن يلتفت الى ان (اجماع الامة) ما زال يستلقي عند ضفاف عالم ما قبل المغفور له كوبرنيكوس وفرمانات محاكم التفتيش.

تغريدة ذلك الشاب المرهف الحر رائف بدوي، استنفرت كل مجسات ومحاكم وهراوات المحتسبين الجدد، ولم يمر وقت طويل حتى اعتقلت مفارز ما يعرف بـ (هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر السعودية) هذا المتهم الخطير لتلقي به خلف القضبان. أما آلاف المواقع الارهابية المسؤولة عن تعبئة وتجنيد الآلاف من الشبيبة اليائسة من رحمة الله، وتحويلهم الى وقود ودواب متفجرة وسط الناس الابرياء من سكان الاوطان المنكوبة بفقدانها لنعمة الامن والاستقرار، وبالتالي تهديد حاضر هذه الاوطان ومستقبلها وامن المنطقة والعالم أجمع، فلا يحرك شيئاً لدى تلك المفارز وما تنتمي اليه من سلطة ومؤسسات. ومن يتابع ممارسات وسلوك مفارز تنظيم داعش بعد احتلاله للمدن السورية والعراقية، سيرى ومن دون الحاجة لجهد كبير، نوع البرك الآسنة التي تجمعهم و طحالب (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) والتي طفحت على كل هذه التضاريس الواسعة ببركة البترودولار ومناخات الغيبوبة العظمى التي انحدرت اليها شعوب وقبائل وملل “خير أمة” في العقود الاربعة الأخيرة.

ان اعتقال هذا الشاب السعودي الشجاع، وبمثل هذه الذرائع المسؤولة عما انحدرنا اليه من حال لا تحسدنا عليه آخر القوافل الخارجة من ادغال افريقيا، يعد وصمة عار كبيرة لا على السعودية ونظامها القضائي وحسب بل على جبهة جميع الدول والمجتمعات والمؤسسات التي تدعي مناصرتها لما جاء في الاعلان العالمي لحقوق الانسان.

 

جمال جصاني

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة