حتى نظل في بوتقة نضالية واحدة مع الشعب الكردي

قبل أيام أدى السيد نيجيرفان بارزاني اليمين الدستورية بوصفه رئيساً للإقليم ومن بعده انتخب السيد مسرور بارزاني ابن عمه رئيساً للوزراء في سابقة نظر اليها الكثير من المراقبين والمعنيين بوصفها إشارة الى تجميع السلطات في يد عائلة واحدة.. والبعض كان يرى فيها بعض الشكوك السياسية المعروفة ومنها المخاوف من التسلط وما الى ذلك.. كيف انتهينا الى هذه النتيجة؟
الواقع السياسي المعاش يلقي بثقله على الكائن وخياراته وسلوكه.. ففي أيام النضال تكون الأولويات والاستحقاقات مرتبطة بعناصر محددة أمامنا والميدان امتحان كبير لنضالية الفرد والجماعة، أكانت حزباً أم تنظيماً، ولكن تلك المحددات تتميز بالوضوح والتلقائية والشفافية. فكل عمل أو قول مرتبط كما ترتبط السلسلة بروح الجماعة التي يغذيها الفرد.
أما العمل السياسي في أيام الحكم فتكتسب القضايا والملفات والتحديات مميزات محيرة وغير متطابقة مع الوضوح السابق. هكذا رأيت التحولات التي حصلت في السياسة المحددة التي عرفتها جيداً ايام عملي وكفاحي مع المناضلين الأكراد واكتسبت منهم خصالاً تتشابه مع ما كوّنهم وأنشأ بنيانهم وتوزعهم. وبهذه الشاكلة جرى ترتيب الحياة والاستحقاقات والمكاسب والخسارات على أسس لا تكاد ترتبط بالماضي القريب. فمن كان يظن أن الأكراد سيصبحون سلطة كبرى بالطريقة التي هم عليها الآن؟ وسيرى المتابع بدهشة كيف ترجم المناضلون الأكراد أهدافهم الى هذا الشكل الملتبس اليوم؟ ولم يعد يثير دهشة الأغلبية الكبرى من أبناء الشعب العراقي كيف تتسرب أموال النفط الى مسارب أخرى لا يعرفها أعضاء البرلمان الكردي أو العراقي ولا الوزراء أنفسهم. أي قانون يرسم هذا الأمر ويتحكم فيه؟ لا نعلم ولا يمكن أن نعلم مستقبلاً أسرار الملف المثير الذي هو أساس الخلافات مع الحكومة العراقية التي يفترض أنها شريكة في النضال الكردي ومساهمة في الواقع السياسي والحكم في العراق.
وسيظل الكثيرون في موقع التشكيك وانعدام الثقة حتى يحصل غير ذلك. وحتى يجيب السيدان نيجيرفان ومسرور البارزانيين على الأسئلة التي لا تزال مطروحة. فالعلاقات مع بغداد والحكومة المركزية لا يمكن أن تستوي من دون أن تحسم ملفات النفط على المستويين القانوني والميداني. أي الانتهاء من حسم قانون النفط والغاز وتسوية الخلافات المرتبطة برفض أربيل تسليم مستحقات متزايدة عن بيع النفط خارج مؤسسة سومو المتخصصة والمسؤولة الوحيدة في العراق.
كما أننا نتوقع من المسؤولين البارزين الجديدين أن يحسما ملفات المناطق المتنازع عليها وفقاً لأحكام المادة 140 من الدستور وما يتخلفها من اتفاقات دستورية متوافق عليها بين الطرفين. ونحن ندرك أن هذه الملفات تنطوي على تعقيدات وتقاطعات معقدة ولكننا في وضع لا يمكن تجاهله أو التغاضي عنه. بل علينا أن نتجاوز حقل الالغام هذا بثقة وشجاعة وصولاً الى اتفاق وطني عراقي شامل يقطع الطريق على أعداء العراق ويفرح أصدقاءه. فيا أيها السادة الأكراد لا تتوقعوا ان يواجهكم الناس بالرضوخ والخنوع أمام تمسككم بالواقع الحالي فالجيل الجديد من المواطنين لا يشبه المناضلين العرب الذين شاركوكم الكفاح ضد الدكتاتورية، فهو جيل براغماتي وعملي وبعيد عن مناخات الصداقة والكفاح.. وما لم يجر الأمر على هذه الصيغة فالشكوك والتشكيك بالأكراد وبين صفوفهم سوف يتوسع ويشمل مساحات أخرى قد لا يمكن السيطرة عليها.. وقد تتهدد وحدتنا النضالية المشتركة.

اسماعيل زاير

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة