الصباح الجديد – متابعة:
في خضم السعي اليومي للإبقاء على أسباب الرزق والمعيشة التي باتت تتذبذب بين الدمعة والابتسامة، لم تخرج أحاديث ركاب المركبات كثيرا عن دائرة المألوف.
الكل يتناول الزحام المتواصل واليومي في شوارعها، ولكن بوجهات نظر تختلف حسب ثقافات المتحدثين الذين يتجاذبون أطراف الحديث عن أسبابها على الرغم من عدم معرفة بعضهم البعض.
وبرغم رفع الآف الكتل الكونكريتية عن اغلب شوارع العاصمة بغداد، وفتح المنطقة الخضراء بشوارعها امام المواطنين، إلا ان معاناة المواطن البغدادي مستمرة مع الزحام، فضجيج منبهات المركبات وحرارة محركاتها ترتفع صباحا وظهيرة مع انتهاء الدوام الرسمي للدوائر لتقف المركبات واصحابها مجبرين في طوابير طويلة.
تمَلمَل وأبدى انزعاجه بعد الزحام الذي رافقه اثناء عودته الى منزله ولعدة ساعات فقال المواطن اسلام محمد الذي يعمل في احدى شركات مذاخر الادوية للقطاع الخاص التي تقع في منطقة الكرادة ببغداد إن «الازدحامات في الشوارع اصبحت من الظواهر المألوفة لدى المواطن البغدادي سواء كانت في الصباح او المساء»، مضيفا وهو يروي «مأساة» يوميه لـ إن «الوقت الذي يستغرقه للوصول من عمله الى منزله اكثر من ساعة في حين ان الوقت لا يتجاوز 10 دقائق في اوقات العطل التي تخلو في بعض الاحيان من الازدحامات».
ويرى ان «كثرة اعداد المركبات التي هي في تزايد يقلقنا»، مبينا ان «شوارعنا اصبحت لا تستوعب هذا الكم من المركبات بالرغم من افتتاح الكثير منها بعد ان كانت مغلقة».
ويقول المواطن حمزة ناصر إن «ازالة الكتل الكونكريتية من الشوارع لم تسعفنا للتخلص من الازدحامات»، مبينا ان «جميع دول العالم وحتى الجوار تقوم بعمل مجسرات وانفاق لتسهيل انسيابية المركبات عندما تجد ان هناك حاجة ماسة لذلك».
ويضيف ان «الازدحامات اصبحت اداة لقتل الرزق وتعطيل الحياة، مؤكدا ان «الدول لا تتقدم مع وجود وسائل اتصالات ونقل متخلفة».
في حين يعزو حسن عبود احد الاسباب الزحام الى «كثرة سيارات الاجرة»، مبينا ان «معظم المواطنين قاموا بتحويل سياراتهم الخاصة الى اجرة مما اربك النقل واحدث ازدحامات متواصلة» ، ويرصد عبود عبر حديثه «عدم تنظيم وتقنين لحركة سيارات الاجرة في العراق فالكل يعمل كسائق اجرة بدون ضوابط»، مبينا ان «افضل الحلول وهو ما متبع بدول العالم واكثر دول الجوار هو قيام شركة معينة بتشغيل سيارات اجرة لغرض نقل المواطنين».
وتؤكد مديرية المرور العامة أن السبب الرئيس للزحام يتمثل بكثرة اعداد المركبات، اذ يقول العميد عمار وليد من اعلام مديرية المرور أن «السبب الاول في الازدحامات هو عدد المركبات الذي لا يتلاءم مع شبكة النقل»، مبينا ان «هناك مليون و880 مركبة في العاصمة بغداد وحدها».
ويضيف وليد أن «الاسباب الاخرى التي تتفرع منها هو عدم وجود طرق حلقية وطرق سريعة ومجسرات كثيرة، كما ان البنى التحتية للطرق التي تعتبر ضرورية من علامات وتخطيط اغلبها غير متوفرة» ، ويشير الى ان «وسائط النقل الجماعية غير متوفرة كالمترو والقطار واعتماد المواطن البغدادي على وسائط النقل الخاصة للوصول الى غايته مما ادى الى كثرة الزخم المروري».
من جانبه اكد الخبير الاقتصادي ضرغام محمد علي أن «الازدحام بشكل عام يؤثر على عصب التنمية المتمثل بالنقل ويؤخر عجلة الانتاج ويزيد من استهلاك الوقود ويرفع نسب التلوث ويزيد من استهلاك المباني الناتج من الانبعاثات الكاربونية» ، ويوضح علي ان «الازدحامات تؤثر ايضا على عنصر التسويق بشكل عام ويعتبر طاقة عمل مهدرة وتقليص لقدرة بذل الجهد في المجالات الانتاجية».
واكثر من هذا، تنعكس كثرة الزحام وتكرره على سلوكية الشخص بنحو سلبي، إذ تقول الباحثة الاجتماعية بيداء محمد: ان «كثرة الازدحامات والوقوف في طوابير طويلة ولساعات من شانها ان تسبب التوتر وتعكس سلوكيات غير مرغوب بها في الشارع، كما انها تؤثر على مزاجية المواطن داخل البيت بسبب الضغط النفسي الذي يتحمله في الشارع».
وتشير محمد الى ان «الغضب السريع والعدوانية على المدى الطويل سوف يلازمان السائق مع وجود وكثرة الازدحامات، فضلا عن الوقت الذي يهدر بسببها».