الحكومة العراقية العتيدة

«الحكومة العتيدة» تعني قاموسيا «الحكومة المقبلة» وليس «الحكومة العتيقة» كما يمكن أن يُفهم من المصطلح الدارج الذي تعود أسبابه الشعبية كون أن الحكومات العراقية في التاريخ السياسي العراقي ملكيا أو جمهوريا تستنخ ذاتها بذاتها فلا تنتج حكومة جديدة وإنما يُعاد تكرار الأسماء ذاتها للوزراء المستوزرين وتبديل أماكنهم فقط.
لا نطمح أن يحدث هذا الأمر مع الحكومة العراقية العتيدة أي المقبلة؛ تابع الشعب العراقي بتلهف وقلق ما سوف تسفر عنه جلسة البرلمان المنعقدة مساء يوم الأثنين 8 أيلول 2014 للتصويت على الوزراء المرشحين لمناصبهم من قبل رئيس الوزراء المكلف بتشكيل الوزارة الجديدة الدكتور حيدر العبادي.
تابع العراقيون ومعهم الكثير من المهتمين بالشأن السياسي في جميع أصقاع العالم وعواصم الدول الأوروبية وأميرك ا بالتحديد جلسة البرلمان العراقي الأخيرة التي أعلنت عن تشكيل الحكومة العراقية العتيدة في هذه الأوقات الحرجة التي يخوض فيها العراق جيشا وشعبا الحرب الضروس مع التنظيمات الإرهابية التي تعبث بمقدرات الدولة العراقية وتسيطر على مناطق واسعة من العراق الغربي والشمالي.
مازال الأمل معقودا من قبل جميع القوى الخيرة العراقية والأجنبية على نجاح العراقيين من مختلف المذاهب والمشارب والقوميات والإثنيات على التوصل لحلول تفيدهم جميعا وتنقذ بلدهم من الدمار الشامل والتفكك المحدق بهم من قبل جميع قوى الشر الكبرى التي تضاهي قواها المدعومة قوات جيوش منظمة ومؤسسات دول تاريخية راكزة.
خطأ البرلمان العراقي اليوم خطوة جدية على هذا المسار بتقديم الدكتور حيدر العبادي تشكيل وزارته الجديدة الناقصة لمنصبين سياديين هما الأكثر اهمية لدى الكتل السياسية العراقية من مختلف الجهات والطوائف. وزارة الداخلية ووزارة الدفاع. هاتان الحقيبتان الوزاريتان تمثلان طبيعة فهم الكتل السياسية الطائفية لمستقبل العراق القادم بشكل عام. في الدول المتحضرة ديمقراطيا لا يشكل هذا الأمر عائقا جديا أمام سير العملية السياسية بالبلد. والكتل التي تحصل على أغلبية برلمانية هي الوحيدة التي تتمتع بصلاحية تعيين وزيرا للداخلية أو الدفاع. غالبا ما يكون هؤلاء الوزراء من الأكاديميين المختصين وليس من المحترفين العسكريين. في السويد اليوم يُسند منصب وزير الدفاع لامرأة من الكتلة الفائزة التي هي كتلة المحافظين وحلفائهم. ليست هذه المرأة عسكرية لكنها تتمتع بتخصص إدارة وزارة الدفاع ماليا وحربيا عند الحاجة وهي مؤهلة لعمل ذلك عندما تستدعي الضرورة لذلك.
وزارات سيادية مثل المالية والخارجية والداخلية والدفاع يجب أن تُناط بشخصيات أكاديمية محترفة وليس بأشخاص يمثلون الطوائف ورغباتهم الضيقة المحدودة. هكذا ينجح عراق المستقبل.. ربما؟
علي عبد العال

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة