الأهوار.. حاضر يتحسر على ماضيه

أحلام يوسف
قبل عام 2003 كان نظام الأقسام الداخلية منتشرا، إضافة الى نظام الخدمة العسكرية التي كانت تدفع الشاب الى التواجد بمحافظة غير التي يقطن بها، وبالتالي فكان هناك تلاقح بين الأفكار، وتواصل جميل بين مواطني المحافظات.
الكثير من الرجال اليوم يتحدثون عن عادات افراد بعض المحافظات بما تبقى لهم في ذاكرتهم عنها، سواء في ايام الدراسة، او المعايشة في اثناء الخدمة العسكرية. اليوم أصبح الحال مغايرا تماما، حيث التزم كل فرد بمحافظته، والأسباب عدة، لسنا بصدد التحدث عنها، لكن مثلما هناك اقبال على مصايف كردستان شمال العراق، صار هناك توجه لزيارة المناطق الاثرية والسياحية في الجنوب، وعلى رأس قائمة تلك المناطق، الأهوار.
يتحدث الباحث الآثاري عامر عبد الرزاق عن تاريخ الاهوار قائلا: الاهوار، الفردوس السومري. في هذه البقعة المقدسة حضاريا من جنوب العراق، بزغت أول حضارة في تاريخ الوجود. وكانت اريدو المدينة المحاطة بأهوار الجنوب أقدم مدينة متحضرة بالعالم، والتي ترجع الى 5000ق.م، فكانت تلك الارض المنتشرة بها الاهوار من القصب والماء والطير، بداية التاريخ، وجنة عدن المفقودة، وكثيرا ما نرى صور الاهوار في الاختام الاسطوانية والالواح السومرية.
ويتابع: تعد المنطقة بقعة حية للتراث العالمي، فما زالت الى يومنا الحاضر تستعمل تلك الادوات السومرية والبابلية، وحتى طرق العيش، والتقاليد. تمارس الحياة السومرية بكل تفاصيلها من بناء وانشاء، وكلمات، وقد ثبتنا 110 موقعا اثريا فقط في منطقة أهوار ذي قار كانت سابقا مغمورة بالمياه.
في هذه الارض ولدت أهم سلالة في حكم العراق وهي ما تسمى (سلالة القطر البحري)، حسبما ذكر عبد الرزاق ويضيف: أتذكر في سبعينيات القرن الماضي عندما زار المنطقة استاذنا الكبير فوزي رشيد، وقال وهو ينظر الى ابن الاهوار (والله هؤلاء هم السومريون). اذ بها المشحوف السومري، والتنور الطين السومري، وبيت القصب السومري.
عادل الواسطي صاحب شركة سياحة يقول ان هناك اقبالا كبيرا على زيارة الاهوار من الوافدين من خارج العراق، وأيضا من المحافظات الأخرى، فقد انتشرت فيديوهات كثيرة وصور أكثر عن هذه المنطقة “الاهوار”، وعن الاثار الموجودة في الناصرية على وجه التحديد ويقول:
الناس باتوا متحمسين لرؤية الاهوار التي تعني حضارة كاملة وتاريخا عظيما، والاثار الجميلة، التي نأمل ان يهتم المعنيون بها أكثر، فلا اجدها اقل شأنا من الحضارة الفرعونية ان لم تكن اهم وأجمل، لكن الاعلام والمسؤولين لا يعيرون أهمية للموضوع، وقد يكون للسياحة دور مهم بلفت عناية المسؤولين في وزارة الثقافة والسياحة. نحتاج الى مرافق سياحية كثيرة تليق بتلك المناطق، لتجذب السياح من جميع انحاء العالم.
الاهوار شأنها شأن العديد من المناطق في العراق تعرضت للإهمال، حتى بعد ان وضعتها منظمة اليونيسيف على لائحة التراث العالمي، الأولى ان يصب المسؤولون اهتمامهم بها.
للسياحة دور مهم للتعريف بحضارة البلد، إضافة الى ان السياحة أحد اهم الروافد الاقتصادية في أي بلد. نتأمل ان ينظر المسؤولون باقتراح السيد الواسطي وهو امل كل العراقيين، بان تكون هناك مرافق سياحية لمثل تلك الأماكن لتشجيع المواطنين داخل العراق وخارجه والسياح الأجانب لزيارتها.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة