«خاتونات» محمود عبود في «قصص من النهرين»

بغداد ـ الصباح الجديد:
لا يأبه الفنان محمود عبود بالمعايير الفنية بقدر تقديم كل ما هو جمالي وعجائبي في لوحاته. تنبع هذه العجائبية من خصائص عدّة، أولها أنه يعيد بناء المرأة وجسدها ضمن قيم خاصة بعيداً عن الأبعاد المنطقية نسبة للمكان الذي تحلُّ فيه، فالتضخيم بؤرة مركزية في لوحاته، ليعيد من خلاله رسم خاتون بغداد بترفها وغنجها والدلال الذي يضفيه على ملامحها، حتى لتبدو أنها تملك العالم بيديها في لحظة من التجلي التي لا تتكرر.
يبدو هذا واضحاً في معرضه الأخير «قصص من النهرين» الذي أقيم ضمن فعاليات صيف الفنون في الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة.
عرض عبود لوحاته في قاعتين ببيت تراثي إماراتي قديم يدعى «بيت الشامسي»، يقع في قلب منطقة الفنون القديمة، أو كما تسمى «مركز المدينة القديم».
حاول في أعماله التي عرضها تقديم أفكار متنوعة، لكن بأسلوبين مختلفين، فقدّم في القاعة الأولى أعماله التي عرف بها في السنوات الأخيرة، وهي تشتغل على الخيال والفنتازيا مع أعمال بورتريه للموناليزات، منها موناليزا بغداد وموناليزا الفرات، سعى في هذه البورتريهات إضافة مسحة من التعبيرية الرومانسية، فضلاً عن عرض الصورة بأسلوب البورتريه القديم الدائري الشكل مع إدخال عناصر عراقية كالطوق من التمر أو السعفة، كما في موناليزا العراق، في حين كانت اللوحة الأخرى من مدينة البصرة، وهو عمل غير مكتمل لكنه اضطر لعرضه فقط من أجل اكتمال سلسلة الأفكار التي أراد أن يقدمها، أما العمل المهم في هذا المعرض والجديد كلياً، فهو لوحة (شط الحلة، الخاتون ونوارسها) والتي كانت بقياس 96x160cm زيت على القماش. ومن الملاحظ أن هذا العمل استحوذ على إعجاب
المرأة هي عالم عبود الأثير، فهو عالم ما زال يثريه بالأفكار ويرسم له ملامح جديدة في كل مرة، حسب ما يقول عبود، ذلك «بسبب غناه التعبيري وحضوره الاجتماعي الطاغي على حياتنا على الأقل، في أعمالي الحالية ما زالت المرأة هي المسيطرة على أغلب مواضيعي، ربما قد تتغير المعادلة وأشاركها الرجل بنفس القيمة المعنوية التي تحملها المرأة عندي في المستقبل القريب، إلا أنني قررت إكمال سلسلة الخاتون التي ابتدأتها في العام 2010، وهو اسم السيدة العراقية في الحقبة العثمانية وما بعدها، لكن هذه المرَّة جاءت الخاتون من الحلة في مشهد مسائي صيفي، رسمت المرأة فيها، أو بطلة العمل أكثر نحافة من السابقات وبنظرة حالمة، لكنها كانت تمتلك ثقة بالنفس أكثر من الخاتونات السابقات، مع تفاصيل حليِّة أخرى من البيوت إلى النهر فضلاً عن بقية التفاصيل الواضحة في عملي الأخير».
ربما تمثَّل لوحة «خاتون الحلة» اشتغالاً مغايراً في أعمال عبود وتطوراً ملحوظاً، فهو يرفد أعمال ويدعمها بالخيال والفنتازيا، ساعياً من خلالهما لإغناء المخيلة التي يحاول توظيفها في كل مرَّة لاستعادة طفولته وذكرياته وحارته التي عاش فيها حينما بدأ يحمل فرشاة ليخطط لوحته الأولى، ليأتي فيما بعد ليلون لوحاته بحكايات مضت، أو أحداث تاريخية منسية يحاول أن يستعيدها، و»يمكن أن تكون موضوعاً رائعاً لعمل فني أمرره بأسلوب يخرج عن التقليدية المملة، وهو هاجسي الكبير دوماً، وأعلن للمرة الأولى أنني مقبل قريباً على أعمال كبيرة الحجم ضمن هذا السياق الخيالي والسحري المرتبط بالواقع أساساً».

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة