ماذا بعد انتخاب محافظ جديد لبابل؟

انشغلت الأوساط السياسية والشعبية في محافظة بابل، بحدث انتخاب محافظ جديد خلفا للمحافظ السابق الذي فاز بعضوية مجلس النواب. كما شهدت شوارع الحلة، تظاهرات منددة بآلية الانتخاب التي جرت داخل أروقة مجلس المحافظة. مجلس محافظة بابل، فتح باب الترشيح لمنصب المحافظ، وقد قدمت العديد من الأسماء طلبات الترشيح، وقد تم استبعاد عدد من تلك الطلبات، ومن بينها المرشح الفائز بالمنصب، حسب المستندات والكتب التي سربت الى وسائل الاعلام. اعتراض جماهير بابل والنخب السياسية والثقافية، جاء بسبب ان شخص المحافظ الجديد، وهو شاب يقال انه ليس من سكنة بابل، خلافا للقانون رقم21 لسنة 2008 الذي اشترط في مرشح المحافظة ان يكون من سكنة المحافظة لمدة لا تقل عن 10 سنوات قبل ان يقدم أوراق ترشيحه. إضافة الى الأحاديث التي انتشرت حتى قبل عقد جلسة الانتخاب والتي اشارت الى ان المنصب تم شراؤه، وان المحافظ الجديد قام بدفع مبالغ مالية كبيرة الى أعضاء المجلس ليصوتوا له. وهذا الكلام لم يتم اثباته لحد الآن بالطرق المعتبرة قانونا.
رد فعل الجماهير، كان متباينا بين متظاهر وبين من لجأ الى الأساليب القانونية والإدارية في التعبير عن رفضه واحتجاجه. وهذا يدل على ان للشارع رأي وهو رأي لا يمكن تجاوزه بأي حال من الأحوال، وهو يتطلب أن يؤخذ بنظر الاعتبار من قبل صناع الرأي في المحافظة. فمن بين تلك الردود، هو قيام بعض النشطاء بتقديم اخبار الى محكمة تحقيق الحلة المختصة بقضايا النزاهة، لغرض اتخاذ الإجراءات القانونية بحق أعضاء المجلس الذين صوتوا للمحافظ الجديد، بعد ان دفع لهم مبالغ نقدية لقاء التصويت له. وهناك من قدم لائحة الى المرجع السيستاني طلب منه التدخل في قضية إدارية وقانونية بحتة، لا علاقة لرجل دين محترم وله مكانته الدينية والاجتماعية! فريق آخر وجه رسالة الى رئيس الجمهورية السيد برهم صالح، طالبا منه حل مشكلة محافظ بابل، في حين ان رئيس الجمهورية له صلاحيات واختصاصات محددة في الدستور ولا يمكنه تجاوزها وليس من بينها التدخل في مثل هكذا قضايا.
اما بالنسبة لمحافظة بابل، فقد وجهت كتابا الى مجلس المحافظة عقب انتهاء جلسة التصويت على اختيار المحافظ الجديد، تضمن الكتاب الذي عنوانه (رد قرار) ان المحافظ السابق لم ينفك من الوظيفة لحد الآن، برغم مرور وقت طويل على ترديد القسم في مجلس النواب وعدّه عضوا في المجلس، وبرغم ان الدستور لم يجز الجمع بين العمل التشريعي واي عمل آخر، الا ان ديوان المحافظة يرى ان منصب المحافظ ما يزال غير شاغر لحد الان! وهي مخالفة دستورية واضحة! والديوان في كتابه الذي نشر على وسائل التواصل الاجتماعي، انما يطلب من المجلس الغاء قراره! كل تلك الردود انما تدل على موقف واضح لأصحابها، لكنها وللأسف، غير منتجة ولا قيمة قانونية معتبرة لها، بل هي مجرد تعبير عن الرأي عبر وسائل سلمية نص عليها الدستور، لكنها لا تؤدي الى تحقيق اية نتيجة. ذلك ان أي قرار يصدر عن مجلس المحافظة، وهناك من يراه غير صحيح ومخالف للقانون، ومصالحه تتأثر به، من حقه ان يقيم دعوى امام محكمة القضاء الإداري كونها هي الجهة المختصة بالنظر في تلك القرارات. وهذا ما ننتظره من قبل أي شخص، ان يسلك الطريق الذي نص عليه قانون مجلس الدولة في الطعن بقرار مجلس المحافظة، وكذلك تقديم ما يؤيد تسلم أعضاء المجلس مبالغ مالية لقاء التصويت على المرشح ليتسنى للقضاء اصدار قراره العادل في القضية.
سلام مكي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة