قحطان جاسم جواد
صدر للناقد «محمد جبير» كتاب نقدي جديد، تناول فيه رواية «حميد الربيعي «الموسومة» أحمر حانة»،من خلال قراءة نقدية جديدة بعنوان «قراءة النص السردي– تطبيق إجرائي». الكتاب يقع في 92 صفحة من القطع المتوسط، صادر عن دار امل الجديدة،ومقسم الى عدة مباحث،منها القطع التاريخي والبنى المتحركة. اوالنصوص المجاورة-التفتيت والمخالفة،والمرويات السردية بين النص والمرجع،العتبة والنص، واليات الضبط السردي، والمستويات السردية للنص،والمستوى الافقي، والمستوى العمودي،وهندسة النص السردي،والانغلاق السردي والبنى الفاعلة. يخلص من كل ذلك الناقد»جبير»ان رواية»احمر حانة»رواية جديرة بالقراءة.وهي الخامسة للروائي»حميد الربيعي».ايقونة الاسم من المحفزات التي تستدعي من القارئ اقتناء الرواية»ايقونة الاسم»المغرية،والمكثفة لحضور الملف السردي عبر اعماله الروائية والقصصية السابقة. حيث تمكن الربيعي فيها من ترسيخ منظوره الخاص للحكاية السردية. وهو لم يذهب الى التاريخ بوصفه مدونة ام سجلا للماضي،انما بوصفه فعلا انسانيا قابلا للتجديد والبعث ثانية. اذ يقوم باعادة خلق الحكاية،لااستنساخها،او اعادة صياغتها،كي تكون ملائمة لروح العصراو خطاب العصر،انما يسعى في عمله لايجاد بنية خاصة بالنص السردي،الذي يشتغل عليه في مختبره الخاص. وتشير المكونات التشكيلية لسطح الغلاف الاول اسئلة خارج يقينية الاسم،تبدأمن العتبة ،احمر حانة»وما ينتجه من دلالات خارج المكون،متوافقا مع المكنونات الثقافية للمتلقي،الى تجنيس الكتاب بوصفه رواية،ثم اللوحة التي زينت الغلاف وتؤشر فيها ثلاثة عناصر اساسية،سماء زرقاء،تندرج فيها الالوان بين الرمادي والابيض،جراء وجود اللون الاصفر المتفاوت الابعاد،ويدل على اشتعال الحراق. ويمتزج مع الارضية،التي يدل لونها على قاحلية الصحراء. ما بين ابن الاثير والربيعي ويضيف الناقد»جبير» ان هناك جامعا بين مدونة» ابن الاثير» عن «بغداد المدورة» في كتابه»الكامل» وحكاية «حميد الربيعي»في نص»احمر حانة». وهنا نتساءل هل يمسك الربيعي من تعالق نصه مع نص ابن الاثير؟ام انه اعادة تمثل؟ام انه تشكل على تشكل سابق،وما هي وظيفة هذا النص المنتج حديثا واختلافه او تقاربه؟لاسيما وانهما يكتبان عن نفس المدينة.الاول عن مرحلة التأسيس وانشاءالمدينة، والثاني يرصد تحولات المدينة في الزمن الحديث،وبين الاثنين فاصلة زمنية بمئات السنين. اي ان هم المدينة حاضرا في الخطاب،وفي ريبئير النص وتعدده،من اجل لم شتات الحكاية،التي توسعت مدياتها السردية المختلفة،مابين الواقعي والخاص والعام والتخيلي والحكائي الغرائبي،واعادة صهر تلك المكونات في منظومة سردية واحدة اسمها»احمر حانة».اشكالية وغرائبية الرواية وفي مبحث اخر يؤكد المؤلف ان الرواية ذات عتبة اشكالية،وغريبة عن ذائقة المتلقي،لانها تشير ولاتقترب من النصوص المجاورة الاخرى،ولا توجه المتلقي نحو النص،ولاتمنحه مفاتيح النص بشكل مباشر،لكن لوقام المتلقي بتفكيك هذه العتبة،مستخرجا دلالات كل مفردة من كلمتي العنوان،فأنه سرعان ما يلمس طبيعة العلاقة بين المكان والحال،حيث ان الحانة تشكل مساحة مضيئة للبوح في زمن عتمة الدم»اللون الاحمر»،وهو الامر الذي سيتم توكيده في متن النص،ورغم ان النص اراد التمرد على العتبة،فأن عملية النحت اللغوي لعنوان الرواية وضعت حدا لهذا التمرد،من اجل ان تتماهى العتبة مع النص. في مبحث اخر يشير المؤلف ان الربيعي اختط نهجا نابعا من متن النص ليكون عنصر الضبط السردي، حيث اختار العرجاء لهذه المهمة،وهي مهمة ليست بالسهلة،كما يتصور البعض،فأن هذه الشخصية مثلت طلسم النص السردي،الذي اراد به الربيعي ان يربط تفاصيل حكايته وينتشلها من الخدراوالفتوراوالملل. وكانت العرجاء عنصرا دراميا اساسيا في شد وتماسك الحكاية السردية،كما كانت شخصية ادريس في حركته عنصر انتاج لحكايات سردية قام عليها النص. وبخصوص المستوى السردي للنص يذكر الناقد ان القارئ المتفاعل مع الرواية لايتعامل معها وفق قراءة سكونية جامدة،لاتتفاعل مع الحدث المركزي للنص،وانما لابد ان تكون متفاعلة،تتشارك في صناعة الحدث واضافات ما بعد الحدث،التي تغني وتعمق جماليات النص. كما استثمر الربيعي عين الراصد لواقعة»خراب المدينة المدورة»،في انتاج القدرة التخيلية لانشاء حكايته الخاصة،مثلما استثمر كل ما يمتلكه من خزين صوري عن الواقعة،في تحفيز مخيلة الكاتب،على الخلق والابتكار لانتاج جديده عن بغداد،على انقاض حكاية ابن الاثير.وقد كان وجود الربيعي اثناء حدوث الفعل وجود شخصي،فيما كان وجود نص احمر حانة،وجودا ماديا،استطاع ان يحوله الكاتب الى كيان مستقل ومنفصل عنه،في كتاب يحمل تفاصيل من الواقعة. هندسة النص السردي في هذا المبحث يشير المؤلف ان الربيعي وضع يده على امرين مهمين»الواقعة وشكلها التعبيري»وهذا مايبحث عنه اي كاتب قبل المباشرة بفعل الكتابة،الا ان هذا ليس كل ما يبحث عنه في هندسة الشكل الروائي،اهو ترتيب السرد الحكائي؟وهنا تبدأ لعبة الصائغ الماهر والبارع،خارج اطار السرد المحكي. هذا الوعي هو الذي قاد الى الشكل السردي،الذي عاد الى استثمار الاسترجاع و الاستباق في النص السردي، واثث نصه بما يلزم من المؤثثات الدالة على معنى خطاب الحكاية،التي يسعى الربيعي الى اعادة بنائها وتشكيلها ورقيا،وهو الهدق التدويني الاول للنص السردي،اي الحفاظ على بقائه في جملة سردية تشكل نصا مقبولا.لكن الكاتب الذي يبتكر شكلا ويستدعي شخصية من بطون التاريخ بنص مقبول،قد يعتمد في ترتيبه السردي على البنية الدرامية المتنامية نحو الذروة النهائية،وهو البناء التقليدي السائد.لذلك امسك الربيعي بمادة النص من مرويات ومسموعات ومشاهدات ومرجعيات ليعيد خلطها من جديد. توقعات المتلقي كما نجح الراوي في خلق بنية الحبكة السردية في مجال خلق التوقعات لدى المتلقي حول احداث الرواية،ودفعه الى توقعات عديدة افتراضية،اثناء قراءته للاحداث،بغية الوصول الى الحقيقة النهائية