قالت لم أعد أحتمل الحديث عن ما يجري في العراق. فالحال من سيء إلى أسوأ فلنحكِ عن أي شئ، لنحكي عن الطنطل والسعلوة.
طنطل، مفرد طناطل، إسم لكائن خرافي هلامي مرعب ومخيف يهابه سكان الاهوار. وللأسف يستخدم لتخويف الاطفال لدفعهم للنوم من دون مراعاة لوضعهم وما يسببه الخوف من كوابيس!
وطنطل الاهوار يختلف إختلافا كلياً عما موجود منه في المدن والازقة المظلمة والمقابر والصحاري. ففي الاهوار يكون شرساً ومؤذياً، ويقطع الطرق على الصيادين والمسافرين. ويسيطر على مساحات واسعة تحرم على البشر. لذلك تتكاثر الاسماك والطيور فيها وتتشابك غابات قصبها. وهناك عشرات القصص الخيالية يرويها السكان في مضايفهم ودواوينهم.
أسم طنطل قريب جداً من (تانتالوس او تانتال) في الميثولوجيا الاغريقية.. يقال إن تانتالوس حاول سرقة سر الالهة اليونانية، فعوقب بأن يقف كل حياته في بحيرة تتوسطها شجرة تتدلى ثمارها فوقه لكن كلما أراد قطف إحداها إبتعدت. وكلما عطش وإنحنى ليشرب الماء تنسحب وتجف البحيرة، ثم تعود لتغرق أقدامه مرة أخرى. في رواية أخرى يقال أنه ضحى بابنه تقرباً للالهة. فعرفت أمه وجمعت عظامه وبمساعدة كبير الالهة زيوس أعادته للحياة فعوقب تانتالوس على فعلته تلك!
ونعرف أن كثيراً من الاساطير تنتقل من شعب إلى آخر مع قليل من التغييرات أو الاضافات.
ففي العراق كان الناس يؤكدون رؤيتهم للطنطل الذي يظهر في الليل فقط وللمسافرين بين قرية وقرية أخرى في الليالي التي يغيب القمر عن سمائها. فمرة يرونه سفينة واخرى عملاقاً يحمل خنجراً. وآخر يراه ضبعاً أو ذئباً. وهكذا يغير الطنطل شكله حسب درجة الظلام ودرجة الخوف التي يعيشها الشخص.. ولابد أن مشكلة الكهرباء المزمنة صارت مصدراً لتغذية الخوف وظهور الطنطل في كل العراق بعد أن كان محصورا بالأهوار والقرى النائية.
ثم قلت لها للاسف لامفر من الموضوع. فمن نتحدث عنهم هم الطنطل والسعلوة. لكنهما ليس أسطورة بل حقيقة مجسدة. فكما هو معروف عن الطنطل تغيير شكله.
طنطل اليوم هو أيضاً يغير شكله بين الحين والحين الآخر، فيظهر مرة بجبة إسلامي من القاعدة ومرة داعش.. وأخرى طائفي بحجة التهميش يقتل هنا ويفجر هناك.
ومرة على شكل دبابة أميركية أو بارجة بحرية بالمناسبة هناك باخرة حربية أميركية تسمى تانتالوس أي طنطل (USS Tantalus (ARL-27).
وللطنطل هذا عدة سعالوا (جمع سعلوة) نعرفهم جميعاً. ولكن طنطل المحاصصة الطائفية لا يسمح بفضحها للعلن خوفاً من إرتفاع سقـف مطالب الكتل وزارياً، غير مبالين بما يفعله طنطل داعش وأعوانه!!
إبتسام يوسف الطاهر