الانطباع الأول.. يجعلنا نخاف عفويتنا

أحلام يوسف
عادة وعند لقائنا بشخص لأول مرة تتولد لدينا انطباعات معينة تخص شخصيته، بغض النظر عن طول مدة اللقاء، او قصره، ونبدأ بالحديث للأخرين عنه وبتفاصيل توحي لهم باننا على علم بكل صغيرة وكبيرة تخصه.
هناك من لديه القدرة على الحكم على الأشخاص باللقاء الأول ويكون رأيه صائبا في اغلب الأحيان، وهناك من يكوّن انطباعا معينا، ومن ثم يكتشف ان الحقيقة على النقيض من الصورة التي رسمها له، لكن هذا لا يمنعه من تكرار الحالة مع اشخاص اخرين.
ولأننا غالبا ما ترتسم بمخيلتنا صورة عمن نقابله لأول مرة، بالمقابل يجعلنا هذا نتخوف من الصورة التي سيرسمها هو لنا، فنبدأ بالتصرف بطريقة يغلب عليها التصنع، وأحيانا نكذب بشأن بعض الحقائق خاصتنا، او نتباهى بأمور غير حقيقية لنضمن صورة مشرقة يرسمها لنا الآخر.
يقول الباحث الاجتماعي حسن الجبوري ان الثقة المهزوزة بالنفس هي ما تولد الشعور بالخوف، وهي ما يدفعنا الى التصنع والتصرف بغير طبيعتنا، لأننا غير واثقين من ان عفويتنا يمكن ان تكوّن انطباعا جميلا عنا، ولا ننتبه الى امر مهم، ان الثقة بالنفس تضفي على الشكل والروح هالة تجذب الاخرين الينا.
وتابع: لو استوعبنا حقيقة اننا لسنا بملائكة، فلا انا معصوم من الخطأ ولا الآخر، لكنّا أكثر استرخاء بتعاملنا مع الاخرين الذين نلتقي بهم اول مرة، فان طرح علينا سؤالا ما ولا نعرف الإجابة عليه نقولها بصراحة “لا اعرف”، وان استفسر منا عن حادث معين حصل معنا نجيب بالإيجاب، ونشرح ملابسات الموضوع ان وجدت، وهناك ملاحظة مهمة باللقاء الأول، يجب ان لا ندخل بتفاصيل حياتنا، ولا نتحدث بإسهاب عن أنفسنا، لأننا لا نعرف شيئا عن شخصية المقابل بعد، ولا آرائه، ولا أفكاره، ولا حتى مستوى ثقافته “الحقيقية”.
البعض يحاول عند لقائه اشخاص لأول مرة ان يستعين بالمزاح لأنه يعتقد انه عنصر جذب، يقول الجبوري بهذا الشأن: يجب ان نتنبه ان ما يعجبنا نحن، لا يعجب غيرنا، فقد ننجذب لمن يتمازحون كثيرا، لكن الاخرين يمكن ان يرسموا صورة مشوشة عن حقيقة ما نحن عليه، علينا التركيز بهذه النقطة، نحن لا نشبه غيرنا، وما يكون عنصر جذب لدينا، قد يكون عنصر نفور لدى غيرنا، والعكس صحيح.
واكد الجبوري على نقطة مهمة بلقائنا الأول، وهي ان طرح الأسئلة التي نبتغي منها التعرف على الشخص، يجب ان يكون بلباقة وود، وأضاف: من غير الصحيح طرحنا الأسئلة بطريقة توحي له بأننا نستجوبه، فإسلوب طرح الأسئلة والآراء له قواعده الثابتة. إضافة الى طبيعة المواضيع التي ننوي تبادل أطراف الحديث بها، فهناك من لا يهتم الى مواضيع السياسة، او الدين، وهنا يكون للفراسة دور بمعرفة ما يفضله الآخر من أحاديث وحوارات.
ما ذكره الجبوري أجده ضروريا بكل أحاديثنا وحواراتنا مع كل المحيطين بنا، وليس فقط من نتعرف عليهم حديثا، واهم نقطة الثقة بالنفس والعفوية، فهي الأساس الذي تبنى عليه الشخصية، ومفتاح القلوب بكل زمن ومكان، وبكل حالة.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة