لطالما ارتبط الاداء السياسي للمنظومة الحاكمة بحركة الرأي العام واتجاهاته وتظهر تجليات التفاعل بين الطرفين وتبرز واضحة ومكشوفة عند الازمات وغني عن القول ان النجاحات التي تحققها هذه المنظومة تنعكس بالتأكيد على المسارات الافتصادية والاجتماعية والامنية وبالتالي يمكن القول ان علاقة السياسي بالمجتمع يمكن تقييمها تبعا لقدرة المسؤول في اي موقع من السلطة في التفاعل مع الرأي العام ومن بين الاخفاقات الكبيرة في التجربة السياسية العراقية هو هذا الانقطاع الطويل مع الشارع العراقي وحركته واتجاهاته وفشل الكثير من النخب السياسية في التعرف العميق على هموم الشارع وعدم التناغم مع انفعالاته وبات من المتعذر معالجة التقاطعات بين المواطن والمسؤول في ظل الفشل الذي تكرره فرق الدعم الحكومي والادارات المؤسساتية في التركيز على اهم انشغالات الشارع العراقي ورصد الايجابي منها والسلبي وفقدان الامانة والصدق في نقلها الى المرؤوسين وخلال اكثر من ازمة او مشكلة كشفت الوقائع تباعدا كبيرا بين ما يطمح اليه المواطن العراقي وبين مايخطط له المسؤول او مايقرره ولربما يصح القول ان الكثير من السياسيين الذين تقلدوا زمام المسؤولية اثبتوا فشلهم في استقراء الكثير من المسارات التي يمكن ان يتجه اليها الرأي العام ..هذا الفشل وهذا الاخفاق هو اليوم يمثل ثغرة كبيرة ينفذ من ورائها متصيدون ينتمون الى جهات داخلية وخارجية مهمتهم شحن الشارع العراقي بالمزيد من المتناقضات وتحريف وتشويه الكثير من الحقائق وتوظيف مواقع التواصل الاجتماعي بما يخدمها ويخدم مجموعات اقليمية ودولية تريد المزيد من التعقيد والتشويش وصولا الى تنفيذ اهداف وغايات محددة تخدم مصالحها ومن هنا فان مسؤولية ضبط ايقاع حركة الشارع وطمأنة الرأي العام العراقي يحتاج الى تعمق في الوعي السياسي عامة والالتزام يالمصالح الوطنية خاصة وهي مسؤولية برأينا تقع على عاتق الطرفين على النخب الحاكمة والادارات المؤسساتية وعلى المواطن العراقي في الوقت نفسه ونعتقد بان ممارسة الشفافية من قبل الحكومة في عرض برامجها وخططها والتعريف بها امام الجمهور والتمسك باليات قانونية وتقريب الكفاءات وابعاد الفاشلين وعدم السماح بالانتهاكات والمزايدات على حساب المصالح العامة بما يؤدي الى انتشار الفساد كفيل بطمأنة الجمهور وبالمقابل فان وعي المواطن العراقي بالتحديات التي يواجهها العراق دولة ووطنا وعدم تأثره بالدعايات المشبوهة ووضع ثقته بالسياسي الكفوء والمقتدر وتشجيعه على خلق المبادرات ومساهمته في الحملات الجماعية سيشكل رأيا عاما ضاغطا يزيد من كفة النجاح في تجاوز الازمات ويخفف من الارتباك والاحتقان والتشويش على الاداء الحكومي ولايسمح بمرور اجندات مريضة تستهدف اضعاف الدولة برمتها .
د. علي شمخي
رأي عام ضاغط !
التعليقات مغلقة