أحلام يوسف
راكب الريح، يوسف اليافاوي، والذي أطلق عليه البعض لقب يوسف الذي يركب الريح. وأطلق عليه الرواة وعازفو الرباب، لقب راكب الريح. اما في قرى الخليل، فقد أضافوا كلمة «صندلاوي»، فصار «راكب الريح صندلاوي».
رواية راكب الريح للروائي يحيى خلف، تأخذ القارئ الى أجواء تشبه الى حد كبير ببعض تفاصيلها أجواء مسلسل حريم السلطان، حيث الدسائس والمؤامرات، والنسوة اللواتي سُبين من بلدانهن ليتم تصنيفهن فيما بعد حسب اهواء ورغبة الولاة.
في حكاية راكب الريح نجد ان هناك لمحات شفيفة تجمع البطل يوسف بالنبي يوسف الصديق، حيث جمال الشكل الذي يصل حد الفتنة، والشجاعة التي تميز بها الى حد انه يدعي بأن له قرينا يقوم أحيانا بالقتال نيابة عنه.
نقرأ في الرواية احداثا مرت بها مدينة يافا في اثناء الاحتلال العثماني، والصراع الذي قام بين الشعب وقوات «الجندرمة»، كذلك الحرب الخفية التي يمارسها الانكشاريين كي تكون سدا منيعا يحول دون تنفيذ الإصلاحات التي كانت مقررة من قبل السلطان سليم الثالث، وخاصة اذا ما علمنا ان من بين تلك الإصلاحات هو رغبة السلطان ببناء جيش يحل بدلا عن الجيش الانكشاري، الذي عاث فسادا في البلد واشاع الفتن لتكون وسيلة الهاء للشعب والسلطة في ان.
صورة أخرى من صور الرواية تتمثل بفترة احتلال جيش نابليون لمدينة يافا والحصار الذي فرضه على مدينة عكا، وما تبعها من مجازر واحداث دموية، بعد ان قرر الأهالي المقاومة من اجل طرد الاحتلال، واسفرت تلك الاحداث عن موت المئات، وقد قتلوا بطرق عديدة، اجتمعت ببشاعتها وقسوتها، وتركت جثثهم في الشوارع، مما أدى الى تفشي مرض الطاعون.
وتذكر الرواية ان الفرنسيين حين قرروا الانسحاب أخلوا مواقعهم وأغرقوا أسلحتهم الثقيلة في البحر وتخلصوا من جنودهم المرضى بالطاعون بحقنهم بجرعات كبيرة من الافيون وحملوا عددا كبيرا من الجرحى في رحلة العودة الشاقة الى مصر.
هذه رواية رجل يخرج من اساطير يافا وبحرها واسوارها من حكايا الولاة والسلاطين والإنكشارية والحرملك والجواري والغواية ودسائس القصور. هذا ما كتبه الناشر « دار الشروق/ عمان « على ظهر الكتاب، مضيفا: كانت يافا لؤلؤة البحر المتوسط، ونافذة الشرق على الغرب، وكان الرجل «يوسف» لؤلؤة المدينة وقمرها وفتى ذلك الزمن، في روحه فن ورسم وخطوط عشق وغواية وفي جسده نار وطاقة وقرين، رجل يسير بحثا عن الحقيقة والحكمة واسرار الحياة، ويتنقل عبر الأمكنة مثقلا بالحكايات والنزوات والمغامرات حاملا يافا ايقونة تنوعها وانينها وعبقرية مكانها وتوحش حكامها وغزاتها.
راكب الريح صدر عن دار الشروق في عمان، بلغ عدد صفحات الكتاب 344، وصدرت الطبعة الأولى منها عام 2016.
يحيى يخلف كاتب فلسطيني من مواليد عام 1944. عُيّن وزيراً للثقافة في السلطة الفلسطينية من عام 2003 حتى 2006.
شغل بضعة مناصب أخرى وترأس وفد فلسطين في العديد من المؤتمرات الثقافية العربية، ومؤتمرات اليونسكو.
يقيم حالياً في مدينة رام الله، وهو متفرغ للكتابة.
أصدر مجموعات قصصية وروايات ترجم بعضها إلى لغات عدة.
من أبرز رواياته: «نجران تحت الصفر»، و»تفاح المجانين»، و»بحيرة وراء الريح»، و»ماء السماء»، و»جنة ونار». وقد وصلت روايته «ماء السماء» إلى القائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية عام 2009.