تنامي السخط الشعبي ضد تركيا وإيران واللجنة العليا لأزمة المياه في حالة طوارئ

دعوات غاضبة لمقاطعة بضائعهما تحت هاشتاغ “خلوها تخيس” و”العراق عطشان”
بغداد – الصباح الجديد:
زادت تداعيات جفاف نهر دجلة، جرّاء البدء بملء سد اليسو التركي، وقطع إيران لتدفقات الزاب عن إقليم كردستان، حدة وتحولت الى غضب جماهيري وحراك سياسي على مستوى بعض الأحزاب والكتل، في حين دعت مديرية ماء الموصل الى استغلال الإجراء التركي والاستفادة من ضغط الماء في الأراضي التركية تحت السد بحفر آبار ارتوازية لتأمين حل جانبي لجفاف دجلة في نينوى، اتهم بعض الغاضبين المسؤلين الحكوميين بعدم التعامل الجدي سابقا مع أزمة الماء المحتملة في حينها وصارت واقعا مرا اليوم، وهذا في وقت أوردت أمانة بغداد خلاله أن مشاريع الماء الصافي التابعة للأمانة تعمل بشكل جيد، وأنها بصدد إزالة التجاوزات على شبكات الماء الصافي لتأمينه في البيوت.
وعبر ناشطون وإعلاميون عن غضبهم مما وصفوها “الممارسات التركية والايرانية” تجاه العراق، وطالبوا بتدخل عاجل امام مناظر الجفاف الحاصل في نهر دجلة، في حين اطلقوا هم وآخرون حملات لمقاطعة البضائع التركية والايرانية.
وأظهرت مقاطع فيديو انخفاض منسوب مياه نهر دجلة في مدينتي بغداد والموصل، بنحو غير مسبوق، لدرجة بات من الممكن عبور النهر سيراً على الأقدام، وذلك بعدما اعلنت الحكومة التركية بدء ملء سد “إليسو” الذي أنشئ على منبع النهر في الاراضي التركية، ما انعكس مباشرة على النهر في الجانب العراقي وانخفاض منسوب مياهه.
وتزامنا مع هذا الحدث، أقدمت السلطات الإيرانية على قطع مياه نهر “الزاب الصغير” عن محافظة السليمانية في إقليم كردستان “مجدداً”، ما تسبب بأزمة لمشروع المياه في قضاء قلعة دزة بالمحافظة، وعلى وفق ما أعلنته مديرية السدود في إقليم كردستان، فأن الاجراء الإيراني تسبب في أزمة توفير مياه الشرب، ما تسبب بموجة غضب عارمة، اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي من العراق، إذ عبر ناشطون وإعلاميون عن غضبهم من الممارسات التركية الايرانية “الاستفزازية” تجاه بلدهم الجار العراق، مطالبين حكومة بلادهم بالتدخل العاجل وإنهاء الجفاف الحاصل في نهر دجلة، ومنع الكارثة الإنسانية التي بدأت تلوح في الأفق.
ووفي هذا الصدد قال المحلل السياسي هشام الهاشمي، إن الحوارات الدبلوماسية الباردة التي قادها وزير الخارجية العراقي وفريقه ورئيس الوزراء ومستشاروه، لم تعط للعراق حلًّا واضحا، ولم تكن بحوارات شفافة تصارح العراقيين بالحقيقة، أو تقوم بالتدابير المناسبة لمواجهة بدايات هذه الأزمة وصولًا لذروتها.
وأضاف، في منشور له على “فيس بوك”، أن غاية تركيا وإيران من تقليل حصص بلدان المصب “العراق وسوريا”، تكمن في ورقة ضغط سياسية واقتصادية لحماية أهداف التأثير، التي تعمل بها دول جوار العراق.
أمّا الخبير القانوني أمير الدعمي، فعلق قائلًا: “إذا لم يكن لنا موقف كشعب بعيدا عن الحكومة تجاه من يريد موت دجلة، فأعتقد أن دجلة لا نستحقه”.
وانتقد آخرون موقف الحكومة العراقية بالتعامل مع تلك الأزمة، برغم أن تركيا بدأت ببناء السد منذ عدة سنوات، من دون اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة ذلك.
في حين ذهب آخرون الى اطلاق حملة دعوا خلالها إلى مقاطعة البضائع التركية والايرانية التي تغزو الأسواق المحلية في العراق، مطلقين هاشتاغ (خلوها تخيس، العراق عطشان، دجلة يحتضر، الماء مقابل الاستيراد ).
ومن جانبه، قال وزير الموارد المائية حسن الجنابي في مؤتمر صحافي، إن “القنوات المفتوحة بين العراق وتركيا كفيلة ببحث قضية أزمة المياه وإيجاد حلول لها، كاشفا عن زيارتين قريبتين إلى كل من تركيا وإيران لحل الأزمة، داعيا المواطنين إلى زيادة خزن المياه داخل منازلهم لمواجهة الأزمة”.
وفي الموصل قال مصدر في مديرية الماء هناك امس الاحد، بان نهر دجلة بدأ بالجفاف بشكل ملحوظ، مشيرا الى حاجة المحافظة لحفر آبار ارتوازية.
وقال المصدر ان “استمرار تركيا في تخزين مياه النهر في سدها لمدة 72 ساعة سيتسبب بأزمة مياه”.
واشار الى ان “الامر يحتاج الى حفر آبار ارتوازية كما بدأ اقليم كردستان العمل على حفرها باعتبار ان اراضي تركيا مرتفعة بخلاف العراق”.
واضاف ان “خزن المياه – أي في تركيا – يجعلها تنساب بقوة تجاه العراق وفي حال حفر تلك الابار يتدفق الماء تلقائيا الى ارتفاع ستة امتار تقريبا”.
وكانت ادارة محافظة نينوى حذرت، في وقت سابق، من انخفاض منسوب المياه في النهر وطالبت الحكومة الاتحادية بالتدخل في هذا الملف.
ومن جانبها اوردت أمانة بغداد، ان جميع مشاريع الماء الصافي التابعة للأمانة تعمل بشكل جيد مبينة ان شحة المياه التي تشهدها بعض مناطق العاصمة بغداد، سببها التجاوز على الخطوط والشبكات.
وأكدت أمينة بغداد، ذكرى علوش، في بيان تلقت “الصباح الجديد” نسخة منه، ان “جميع مشاريع امانة بغداد لإنتاج الماء الصافي تعمل بشكل جيد وهناك تعاون مع وزارة الكهرباء لاستثنائها من القطع المبرمج”.
وأضافت ان “شحة المياه التي تحصل في بعض المناطق سببها التجاوز على الخطوط والشبكات وان ملاكات امانة بغداد تنفذ حملات مكثفة لازالتها وايضا ازالة مواقع غسل السيارات غير المرخصة”.
ولفتت علوش الى ان “مستوى المياه في نهر دجلة سيكون ضمن المسموح لديمومة مشاريع تنقية المياه وتجهيزها للمواطنين وامانة بغداد تحرص على تقديم نوعية مياه جيدة كما دعت المواطنين الى ترشيد استهلاك الماء الصافي سيما خلال فصل الصيف”.
وعلى صعيد متصل، اكد نائب رئيس مجلس النواب همام حمودي، مساء امس الاحد، أن المجلس الذي كان دعا امس الأول الى جلسة استثنائية بهذا الشأن، اتخذ توصيات بشأن أزمة المياه من ابرزها اعلان طوارئ للجنة الحكومية العليا.
وقال المكتب الاعلامي لنائب رئيس البرلمان في بيان تلقت الصباح الجديد، نسخة منه، إن “البرلمان يأخذ بتوصيات حمودي بشأن أزمة المياه ومن ابرزها اعلان حالة طوارىء للجنة الحكومية العليا المشكلة للأزمة”.
واضاف البيان أن “حموي طالب الحكومة ان تكون اللجنة العليا المُشكّلة لازمة المياه في حالة طوارىء مستمرة لحين إنهاء الأزمة تماما في كل أنحاء العراق، فيما أكد على تشكيل قوة أمنية بإسناد قضائي لوضع حد للتجاوزات المائية في المحافظات وبما يحقق التوزيع العادل للجميع”.
ونقل المكتب عن حمودي قوله أن “البرلمان العراقي سيرسل رسالة عاجلة لنظيره التركي يدعوه لتأجيل ملء سد اليسو لثلاثة أشهر، وتشكيل وفد تفاوضي برلماني وزاري لزيارة تركيا والاتفاق على ذات الموضوع، اضافة لتفعيل لجنة الصداقة البرلمانية العراقية – التركية وعلى اعلى المستويات”.
ودعا حمودي الوقفين الشيعي والسني ورجال الدين الى “ابراز مشكلة المياه في خطبة الجمعة المقبلة ومطالبة الجارة تركيا لحل الأزمة”، مطالبا هيئة الاستثمار بـ”دعوة الشركات لفتح مشاريع خاصة بتحلية المياه واستقطاع مبالغ من الشركات النفطية العاملة بالعراق لتأسيس هذه المشاريع”.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة