القانون والفن

الفنان الحقيقي، هو الذي يؤدي رسالة إنسانية، يستهدف من خلالها تغيير الواقع والتأثير بالناس من خلال الفن الذي يقدمه، سواء كان على خشبة المسرح أم شاشة التلفزيون. والفن هو أحد الوسائل الفاعلة في نشر الثقافة وحث الجمهور على تغيير أنماط حياتهم وطريقة تفكيرهم من خلال ما يطرحه من مفاهيم تصحح الأفكار السائدة المغلوطة. القانون، بوصفه ضرورة لكل مجتمع، لابد له من وسائل انتشار داخل كافة أوساط المجتمع. المشرع افترض ان النشر في الجريدة الرسمية للدولة( الوقائع العراقية) امر كاف لعلم الناس بالقوانين التي تنشر فيها، سواء تم توزيع تلك الجريدة او لم توزع. إضافة الى محاولات بعض المشتغلين بالحقل القانوني، نشر الثقافة القانونية عن طريق الدراسات والمقالات التي تنشر في الصحف والمواقع الالكترونية. وتلك الوسائل تحولت الى تقليدية بفعل عزوف الكثير من الناس عن القراءة ومتابعة المستجدات على الساحة القانونية والدستورية، كان لابد من إيجاد آليات كفيلة بإيصال المعلومة القانونية الى اكبر عدد من الناس، عن طريق الذهاب اليهم بدلا من انتظارهم، وهذا يتحقق من خلال الفن بشكل أساس، كون ان الفنان بما يقدمه من اعمال تلفزيونية ومسرحية وسينمائية، يمكن ان يؤثر وبشكل كبير في المتابع. ومن هنا يمكننا توظيف الفن لخدمة القانون، عبر انتاج نصوص مسرحية او تمثيلية، تؤدى من قبل فنانين، تتضمن قضية قانونية او تحاول معالجة مشكلة قضائية قائمة، من خلال ارشاد الناس الى الطريق الصحيح واعلامهم بالآليات القانونية التي عليهم اتباعها تجنبا للمشاكل التي قد تصيبهم لو لم يعرفوا حقوقهم وواجباتهم. لكن أيا من هذا لم يحدث وللأسف، حيث ان الساحة الفنية تكاد تخلو من اعمال فنية تعالج قضية قانونية الا ما ندر. عدا معالجة كوميدية ساخرة، اقرب للسطحية منها الى الرصينة، تبث عبر احد الفضائيات خلال شهر رمضان، تصور رجال القانون من المحامي والقاضي والشرطي، تصورهم بشكل سطحي، بعيد عن المهنية واصول العمل القانوني، حيث تعالج كل حلقة من ذلك المسلسل مسألة قانونية ولكن بطريقة تبتعد عن روح القانون وتقترب من الضحك والاستخفاف بعقل المشاهد. فكان بدلا من اللجوء الى هذا الأسلوب ان يتم انتاج مسلسلات رصينة، تعالج مشكلة قانونية ولو بطريقة مبسطة، وتعطي للمشاهد انطباعا جيدا حول كيفية التعامل مع القانون، بدلا من محاولة اضحاكه بطريقة لا تليق بالفن العراقي.
سلام مكي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة