16 ألف عقد زواج منذ التحرير و70 قسّاماً يومياً:
نينوى ـ إيناس جبار:
تعتبر محاكم الأحوال الشخصية مقياسا حقيقياً لجس نبض الحياة الاجتماعية في أي مدينة، ففي الموصل التي تعطلت عن الحياة لعامين عادت اليوم محكمة الأحوال الشخصية لتؤشر عودة الحياة الى المجتمع الموصلي.
وأكد قضاة مختصون في محكمة الأحوال الشخصية في الموصل على زخم المعاملات الواردة لاسيما دعاوى فقدان المواطنين وإصدار القسمات والحجج واثبات النسب لافتين إلى ارتفاع عدد عقود الزواج وتصديقها.
وقال القاضي زاهر القطان في محكمة الأحوال الشخصية في الموصل إن «الإحصاءات الأخيرة للمحكمة سجلت ورود أكثر من 3720 دعوى خلال 2018 فيما بلغت القسامات الشرعية أكثر من (3000) قسام في المدة نفسها وهو مؤشر على عودة الحياة الى المدينة بعد تعطلها لأكثر من عامين.»
وأضاف قاضي الأحوال الشخصية: إن «إقبال المواطنين بهذا الزخم تطلب العمل بشكل مضاعف»، لافتا إلى أن «أكثر المشكلات التي عاناها المواطنون صعوبة إيجاد سكن لاسيما بعد عودة النازحين بعد اطمئنانهم الى الوضع الأمني وتهدم اغلب الأماكن.»
المشكلات الناتجة عن احتلال داعش للمدنية وعودة الحياة المجتمعية إلى ما كانت عليه قبل 3 سنوات راكم الدعاوى على المحكمة ووسع القضايا التي كان أغلبها تصديق الزيجات وتسجيل الوفيات والمفقودين، وهي مشكلات جميعها تحتاج إلى حلول قانونية، بحسب القطان.
ويتابع: أن «المحكمة تصدر يوميا (70) قساما وهو عدد كبير بالنسبة للمحاكم التي تعمل في الظروف الاعتيادية»، مؤكدا أن «إصدار القسامات بهذه الكمية ومشكلة تصديق الأحكام والحجج السابقة سببها اختفاء او إحراق السجلات من قبل عصابات داعش.»
وعن الآلية أكد القطان: أن «الحجج وتصديق القسامات إجراء بسيط في الظرف الطبيعي يحيله القاضي الى شعبة الرسوم لاستيفاء الرسم القانوني ومن ثم يتم استخراجه، اما في هذه المحكمة فالوضع خاص فقد عمدنا إلى الاستماع للبينة الشخصية ومن ثم طلب صورة قيد، وهنا واجهنا مشكلة التأخير بسبب زخم المعاملات على الدوائر الأخرى فأحيانا ننتظر الإجابة لأكثر من عشرين يوما.
وأفاد قاضي الأحوال الشخصية بأن «رئاسة محكمة استئناف نينوى تلافت الزخم الكبير بفتح محكمة مسائية يبدأ الدوام فيها من الساعة الثالثة إلى السابعة مساءً لتلقي الدعاوى والعمل متواصل تجاوزنا فيه المرحلة الصعبة.
وتجاوزا للروتين يشير قاض المحكمة الشرعية إلى أن: «القضاء حل مشكلة السجلات المختفية إذ أصبحت كل حالة تناقش على حدة، ففي موضوع ضياع القسامات الشرعية نطلب صورة قيد للأحوال المدنية او شهادة وفاة إما إذا كان القسام غير موجود أو أي صورة ضوئية عنه، هنا نعمل على إصدار قسام جديد بإجراءات مبسطة.
ويعرج القطان على مشكلة عقد الزواج المفقود، وبين أنه «إذا كان المواطن لديه نسخة ولا يمتلك العقد الأصلي نطلب صورة قيد أو نلجأ الى الاستشهاد بحضور أحد الزوجين أو كلاهما مع الاحتفاظ بنسخة تعتبر (سجلا أو أصلا).
ويضيف: «تواجهنا أيضا مشكلة أن العقود غير مرحّلة إلى سجلات الدوائر المدنية ولا تتوفر بيانات الحالة، فنكلف المواطنين بإقامة دعوى تأييد وهي دعوى غير موجودة في المحاكم أوجدتها ضرورات العمل كما ترد أيضا دعاوى يكون فيها الزوجان حاملين لهوية الأحوال المدنية بصفة (أعزب، باكر) أي البيانات تكون غير مرحّلة في السجلات وهنا نعمل على أثبات صدور عقد الزواج بدعوى قائمة وتسمع أقوال الشهود ويصدر حكم بثبوت واقعة الزواج أمام المحكمة الأحوال الشخصية وهي حالة خلقتها أوضاع نينوى الخاصة.
وعن قضايا إثبات نسب والزيجات مع الإرهابيين يوضح القاضي: أن «التعليمات تشير إلى عدم تزويد عناصر داعش الإرهابي صورة قيد ما يولد عائقا أمام إثبات الزواج، فالدوائر لا تعطي مستمسكات، أي ترفض التزويد، ومازالت هذه المشكلة تبحث عن حل.
وفيما يخص دعاوى التفريق، يلفت قاض الأحوال الشخصية إلى أن: محكمة التمييز أوجدت حلا لها، بوجود أوراق تحقيقية بالإخبار عن الزوج في محكمة التحقيق التي بدورها تجري تحقيقاتها كاملة وتزود نسخة من الإخبار مرفق مع نسخ من كتب الجهات الأمنية وتتمكن من التفريق.
وكشفت إحصائية رسمية عن أعداد الدعاوى المحسومة في محاكم الأحوال الشخصية، وذكرت أن «محاكم الموصل سجلت 16064 عقد زواج من بداية التحرير لغاية نيسان 2018 وتم تسجيل (39635) حجة زواج فيما أدرجت حالات الطلاق بـ815 حالة خلال 2017 و983 حالة كانت خارج المحكمة لذات العام، وبينت كذلك أن حالات الطلاق لعام 2018 كانت 960 حالة في المحكمة و 654 حالة خارج المحكمة.
ويؤكد ساير خلف حسين قاض أحوال الشخصية في محكمة الموصل المسائية أن «الدعاوى الكثيرة التي وردتنا وزخم المواطنين أوجبت وجود محكمة مسائية لإنجاز المعاملات»، لافتا إلى أن «أكثر الدعاوى الواردة هي حجج القيمومة وفقدان المستمسكات وفقدان المواطنين الذين اختطفهم داعش مجهولي المصير، وكذلك تسجيل الأطفال المولودين خلال تلك الفترة.
وعن أبرز القضايا التي ينظرها، أفاد حسين بـ: «وجود الكثير من المشكلات والدعاوى التي تستقبلها المحاكم الشرعية منها إثبات وفاة الأب التي حدد القانون أربع سنوات لإثباتها، كذلك عدم وجود أوراق ثبوتية للزواج أو الولادة والتي هي بدورها دعاوى أخرى تنظرها المحكمة، كذلك دعاوى تصديق الزيجات القديمة لاسيما بعد دمج معاملات الساحل الأيمن مع الأيسر.