توقّع أن تخلّف طموحات الإقليم لتصدير الطاقة أزمة جديدة بين أربيل وبغداد
السليمانية ـ عباس كاريزي:
أعلنت منظمة دور المعنية بمتابعة ملف النفط في الإقليم، في أحدث تقرير لها، أن إقليم كردستان سيبدأ عام 2020 بعملية تصدير الغاز الطبيعي الى تركيا ومنها الى أوروبا، وبينما توقع التقرير ان يغطي ذلك 6% من طموحات حكومة الاقليم في مجالات الطاقة، سيخلف ازمة سياسية جديدة بين الاقليم والحكومة الاتحادية.
وقالت المنظمة في تقرير بعنوان «الغاز الطبيعي في الاقليم، جولة جديدة من الصراع بين اربيل وبغداد» تسلمت الصباح الجديد نسخة منه، انه وفقا للمعلومات التي حصلت عليها فان حكومة الاقليم ستبدأ عام 2020 بتصدير الغاز الطبيعي من حقول الاقليم الى تركيا ومنها الى اوروبا، مشيرة الى ان تخمينات وزارة الثروات الطبيعية في حكومة الاقليم تؤكد قدرة الانبوب الذي انشأه الاقليم لتصدير الغاز الطبيعي على تأمين 6% من احتياجات الغاز الطبيعي في اوروبا، التي تعادل 30 مليار متر مكعب.
ويضيف تقرير منظمة دور، ان حكومة الاقليم وقعت ثلاثة عقود في مجال الغاز الطبيعي مع كبرى الشركات العالمية، والتي تتمثل بالعقود التي وقعتها مع شركة دانا غاز الاماراتية ومساهميها، وجنل انرجي التركية، وروسنفت الروسية، مشيرة الى ان كل عقد من تلك العقود له جوانب ايجابية واخرى سلبية على حكومة الاقليم.
ويقول وريا هورامي مدير منظمة دور، ان عام 2018 سيكون عاماً مهما للاستثمار في قطاع الغاز الطبييعي بالاقليم، لان الاقليم وفقا لهورامي يضع قدميه في مرحلة جديدة في انتاج واستثمار الغاز الطبيعي وفقا للمعايير العالمية.
ويقول هورامي، ان العقود التي وقعتها حكومة الاقليم للاستثمار في قطاع الغاز الطبيعي بالاقليم يتخللها عدم توازن وفرض شروط املاءات كبيرة على حكومة الاقليم من قبل الشركات المستثمرة، مشيرا الى ان العقد الذي وقعته شركة جنل انرجي التركية مع حكومة الاقليم لتصدير الغاز الطبيعي، يفرض على حكومة الاقليم منح تركيا 20 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، وهو ما قال انه يمثل نصف الاحتياجات التركية من الغاز الطبيعي الذي تستورده من روسيا.
وتوقع مدير منظمة دور، ان تخلف طموحات الاقليم لتصدير وبيع الغاز الطبيعي جولة جديدة من الصراع بين حكومة الاقليم والحكومة الاتحادية، على غرار ملف النفط الذي ما زال مثار جدل وخلاف بين اربيل وبغداد.
ويقول تقرير المنظمة ان طموحات الاقليم وفتح ابواب الاستثمار وتصدير الغاز الطبيعي ينبغي، ان يكون عبر التنسيق والتعاون مع الحكومة الاتحادية، واردف «انه من المستحيل ان يتمكن الاقليم من استمرار في خططه لاستثمار الغاز الطبيعي دون اصدار قانون من مجلس النواب الاتحادي»، لذا يتابع التقرير على حكومة الاقليم ان تعمل عبر ممثليها في مجلس النواب لاصدار قانون يمنح الصلاحيات المطلوبة للاقليم طي يتمكن من الاستفادة من ثرواته الطبيعية وتفعيل اللامركزية الادارية فيما يخص ملف النفط والغاز في العراق الامر الذي يمنح الاقليم حق الاستخراج والتصدير.
ويضيف تقرير منظمة دور ان العالم يتجه نحو زيادة الاستثمار في الغاز الطبيعي وان الحاجة الى استخدام الغاز الطبييعي في انتاج الطاقة الكهربائية ستصل عام 2040 الى قرابة 40%، مشيرا الى ان الاقليم سيتمكن مع حلول عام 2020 من تصدير 10 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي الى الخارج.
ويضيف التقرير ان تركيا وضعت اهتمامها على حقلي ميران وبنه باوي لانتاج الغاز الطبيعي نظرا لقرب هذين الحقلين من حدودها في تأمين حاجتها من الغاز الطبيعي، نظرا لقدرة هذين الحقلين على تأمين نصف احتياجاتها من الغاز الطبيعي الذي تستورده من روسيا.
ويقول التقرير ان شركة روسنف الروسية ستستكمل بناء انبوب نفط الاقليم المصدر للغاز الطبيعي الى الخارج مع شريكها شركة كار المملوكة للحزب الديمقراطي الكردستاني، بنسة 60% للشركة الروسية و40% لشركة كار، مضيفاً ان هذا الانبوب له القدرة على نقل 30 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي وسنتهي العمل به عام 2019 المقبل، الامر الذي يتيح لحكومة الاقليم تصدير الغاز الطبيعي عام 2020.
من جانبه عدّ السفير العراقي لدى موسكو حيدر العذاري «العقد الذي تم توقيعه بين شركة روسنفت الروسية وحكومة اقليم كردستان خلال العام الحالي والعام الماضي، على هامش مؤتمر سانت بطرسبورغ يتعارض مع الدستور العراقي الذي يعطي الحق فقط للحكومة الاتحادية بتوقيع العقود النفطية».
وقال العذاري في مؤتمر صحفي عقده في العاصمة الروسية موسكو الجمعة «الحكومة الاتحادية غير ملزمة بهذه العقود وتعدها غير قانونية، في حين انها تدعم الشركات التي تتعامل معها بصورة مباشرة كشركة لوك اويل وغاز بروم وباش نفط وغيرها من الشركات الاخرى».
واستبعد العذاري ان «يكون للعقد الذي تم توقيعه مؤخراً بين شركة روسنفت وحكومة اقليم كردستان أية تأثيرات سلبية على العلاقات بين البلدين، حيث اجرى وزير الطاقة الروسي الكسندر نوفاك في العام الماضي زيارة الى العراق التقى خلالها برئيس الوزراء حيدر العبادي وتم التباحث في سبل التعاون وتذليل العقبات والتحديات بين الجانبين».
بدوره عد مصدر مسؤول في حكومة الاقليم ملف النفط والغاز في الاقليم والفساد والتلاعب الكبير الذي يشوبه اكبر عقبة امام توصل حكومتي الاقليم والحكومة الاتحادية، الى اتفاق نهائي يفضي الى حل المسائل العالقة، برغم التقدم الذي احرزاه، على صعيد تسليم المطارات والمنافذ الحدودية وفقا للدستور العراقي
واضاف المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه للصباح الجديد، ان ملف النفط والغاز والعقود النفطية التي وقعتها حكومة الاقليم مع شركات النفط العالمية، وتحديدا العقد طويل الاجل لها مع تركيا يعد العقبة الاهم امام معالجة المشكلات العالقة بين اربيل وبغداد.
وتابع ان تسلم حكومة الاقليم مبالغ مالية ضخمة من شركات النفط العالمية، والتي كان اخرها تسلم مليار ونصف المليار دولار من شركة روس نفت الروسية، نظير منحها استثماراث في عدد من حقول النفط والغاز بالاقليم، فضلا عن اربعة مليارات تقول تركيا انها منحتها كديون لحكومة الاقليم، والتي ترفض الحكومة الاتحادية تحمل تبعاتها، العقبة الاهم امام توصل الطرفين لاي اتفاق نفطي في المستقبل القريب.
واوضح المصدر، ان العقود النفطية التي وقعتها حكومة الاقليم مع شركات النفط والتي حصلت بموجبها على مبالغ ضخمة باعت بموجبها نفط الاقليم للسنوات المقبلة تعد مشكلة كبيرة، يصعب لاي اتفاق بين اربيل وبغداد معالجتها، وبموجب الالتزامات التي تفرضها هذه العقود فان حكومة الاقليم غير قادرة على تسليم نفط الاقليم المتبقي بحوزتها الى بغداد.
وكانت احزاب المعارضة ولجان الطاقة والاقتصاد والمالية والنزاهة في برلمان الاقليم، كشفت عن اختفاء وتبديد مبالغ كبيرة من اموال بيع النفط والغاز في الاقليم خلال السنوات الاخيرة، وتحديدا منذ بدء الاقليم تصدير نفطه منفردا عبر انبوب التصدير الواصل الى ميناء جيهات التركي.
وبينما حملت رئيس حكومة الاقليم نيجرفان بارزاني ونائبه قباد طالباني المسؤولية عن اختفاء هذه الاموال، التي قالت انها تستخدم لتثبيت اركان حزبيهما، قالت ان الحل الوحيد المتبقي امام الاقليم لتدارك ازماته الاقتصادية هو العودة والاتفاق مع الحكومة الاتحادية على تسليم كامل للنفط لقاء الحصول على ميزانية الاقليم من الموازنة الاتحادية.