غير القليل من مسوخ حقبة ما بعد الفتح الديمقراطي المبين، من الذين أدمنوا اجترار علف الاجابات الجاهزة في مستوطنات الموتى، سارعوا لاستعراض عضلات حناجرهم المذعورة وديباجاتهم البائسة والمنتشلة من ركام وفضلات الارث المسؤول عن ما انحدرنا اليه من مستويات لا مثيل لها للذل والقهر والهوان، خاصة بعد ان كشفت حفرياتهم عن علاقة داعش بمؤامرات أعداء الرسالة الخالدة من سلالات الشيطان وابن سبأ ومقلديه من عملاء الامبريالية العالمية والمولعين بـ (بروتوكولات صهيون) وغير ذلك من الهراء الذي أكرم شعوب وقبائل وملل “خير أمة” بكل هذه الهذيانات التي يعجز عن سبر غورها طيب الذكر كارل غوستاف يونغ بجلال قدره.
قراصنة المنعطفات التاريخية هؤلاء لا يطيقون رؤية ملامحهم الحقيقية التي صارحتهم بها عصابات داعش والتي يشهد لها العدو والصديق بأنها لا تطيق منهج اللف والدوران حول الغايات النهائية لفلول آخر خلافة اسلامية أكرمها القائد التركي الشجاع اتاتورك نهاية الحرب العالمية الأولى. داعش هي الفضيحة المدوية لكل اشكال الجماعات الاسلاموية التي وضعت نصب عينيها مهمة اعادة الروح لمومياء الخلافة الاسلامية منذ نهاية الربع الأول من القرن المنصرم، لتحوله داعش الى واقع في ثاني المدن العراقية (الموصل) والمناطق المتجحفلة معها بجهاد وفلول واتباع في العراق والشام والشيشان.. والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو: لماذا وفي هذا العالم الذي حولته التطورات العلمية والقيمية العاصفة الى ما يعرف بالقرية الكونية حيث تتساقط فيها الحدود الوطنية والاقليمية انتصاراً لكرامة وحقوق الانسان المتحرر من فضلات عصور ما قبل النهضة والتنوير؛ تتساقط في مضاربنا الحدود عبر قوى وجحافل منحدرة اليه من مغارات الهمجية والانحطاط..؟
هذا هو السؤال الذي يسخر اولو الأمر الجدد كل مواهبهم وحيلهم الشرعية للزوغان بعيداً عنه. فهم وبكل ازيائهم ورطاناتهم المختلفة يقفون خلف الاسباب والمناخات التي حولت هذه الاوطان القديمة والتي كانت مترعة بالحياة والتطلعات المشروعة للانضمام لنادي الامم الحرة؛ الى مستوطنات للموتى، اغرت قوافل الموت الممثلة بداعش وغيرها من مسوخ البشر كي تختارها مكاناً لتجمع حثالاتها من شتى البرك الآسنة. ومن يقتفي اثر هذه القوافل الهمجية سيجدها تزدهر في التضاريس التي حكمها حزب الدمار الشامل وصاحب الامة الواحدة والرسالة الخالدة (البعث) ومثل هذه المصادفة ليست بريئة بكل تأكيد. فعقود من الهيمنة المطلقة لحزب (المنحرفون) في العراق والشام حولهما الى مستوطنات منكوبة من دون اسوار ودفاعات حيوية، حيث التشرذم وفضلات العقائد المنتهية الصلاحية منذ قرون، جعلت من سكانها فريسة سهلة لأوباش العالم ومكباً اممياً لمرضاه النفسيين..!