الانتخابات النيابية المقبلة.. شذرات عن الديمقراطية

لقمان الفيلي
السفير العراقي السابق في الولايات المتحدة
ما هي اهم الخصال لاختيار مواصفات شخص رئيس مجلس الوزراء القادم؟ سؤال جوهري ويحتاج الى وقفة عراقية طويلة وآنية. طبيعة التحديات كثيرة وعميقة ولكل جانب عراقي متطلبات خصال مختلفة او متعددة، اذن ما هو الحل الأمثل لتلبية احتياجات الواقع وتطلعات العراقيين لمن سيجلس على هذا الكرسي المهم
أرى من المستحيل ان يستطيع شخص واحد ان يملك كل هذه الخصال المهمة، وعليه فلعل اهم خصلتين ضروريتين لتلبية حاجة متطلبات المرحلة هي اولاً في القدرة على العمل بشكل فعال ضمن فريق وثانياً إدارة التعقيد. اذ من دون فريق قوي (شخصي وكابينه وزارية) فلن يستطيع أي شخص تلبية احتياجات او تطلعات العراقيين المختلفة والضرورية، ومن دون القدرة على إدارة التعقيد فلن تكون أجهزة الدولة المختلفة والمتعددة تعمل بتناسق وتكامل.
كثرة التركيز على من سيكون رئيس مجلس الوزراء القادم سيبعدنا بعض الشيء عن التركيز على إيجاد حلول لأولويات العراق والحالات الطارئة والمستعصية الكثيرة التي تحتاج الى جهد وتركيز كبيرين. اتمنى ان لا تتحول ديموقراطيتنا العراقية الوليدة الى هوس حول من سيحكم فقط ونكون مثل بعض الديمقراطيات التي تبدأ الحملة الانتخابية للولاية الثانية (وهوس البقاء في الحكم) منذ اليوم الاول لتسلمهم للولاية الاولى.
لكي نبني العراق على أسس صحيحة، من الضروري للأحزاب وكل مفردات العملية الانتخابية ان تستحضر قبل غيرها انها مسؤولة عن هذا البناء، وان هناك معادلة طردية بين الخطاب الانتخابي السليم وتعافي الدولة واجهزتها المختلفة.
لعل السؤال المهم بعد الانتخابات متعلقة بمن (كأشخاص وأحزاب) لهم الاستعداد ان يكونوا ضمن الكتل المعارضة (مقابل الكتل الحاكمة)؟ وإذ لم يكونوا مستعدين لذلك، فهنا يأتي السؤال الثاني المعني باستعداد (او قدرة مقاومة) مرشح رئاسة مجلس الوزراء لتشكيل حكومة ائتلافية جديدة عريضة وواسعة؟ وبالتالي اذا أراد الكل ان يكونوا (وكانوا) ضمن تشكيلة الحكومة القادمة فسنرجع للمنهج الحالي للمحاصصة ، فضلاً عن تداعيات فقدان مصداقية تفعيل برنامج سياسي فعال.
حسب قواعد علم السياسة فان التقارب الفكري او الايديولوجي هي المحرك الاول لمقومات تشكيلات الائتلافات الحكومية، بعدها تأتي تاريخ التعاملات الايجابية السابقة بينهم، وأخيرا مقبولية هكذا تحالفات عند الجمهور. هذا على مستوى النظري، اما إذا شاهدنا الواقع العملي ففي واقعنا السياسي العراقي الفكر السياسي ضعيف الوجود بعض الشيء، وتاريخ التعاملات السلبية بين الفرقاء سريع النسيان، خصوصاً ان الكثير من التحالفات مرحلية وليس استراتيجية، وأخيراً المقبولية ليس بأمر صعب لأننا كمجتمع نرتبط بالرموز والزعامات ونسمع لهم أكثر من أي طرف اخر وبالتالي لم تترجم كثيراً روح الديمقراطية في يوميات السياسة عندنا.
اسباب هشاشة الائتلافات السياسية العراقية هي سرعة انشائها وتفككها، وأنها لا تقوم على مشتركات فكرية قوية او برامج حكومة قادمة او حتى تفاهمات مستمرة بين قيادات الاحزاب المختلفة. أي ان التغيير في الولاءات لا يمنح الديمومة لهذه الائتلافات او حتى ضمانات استمرار في العمل المشترك بعد الانتخابات.
ومن غير الممكن لمثل هذه الثقافة السياسية أن تبني بلداً، ولا حتى تقلل من هذا الكم من الأحزاب وانشطاراتها وذلك يعني عدم وجود منهجية الصيرورة، وبالتالي ضعف تحسين المنظومة السياسية، فاستمرار التوترات، فهشاشة وضعنا السياسي.
الأحزاب والتكتلات لكي تكون جزءا أساسيا من الحل، عليها مراجعة ان كانت جزءا أساسيا من المشكلة ايضاً؟ انه لمطلب صعب وشاق وخصوصاً وانهم اعتمدوا على الكثير في عوامل قوتها اما على الخارج او الداخل المنقسم او المشتت.
من المفروض ان تكون النخبة هي حلقة الوصل بين قيادات الحكومة والشعب، السؤال المهم متعلق بمدى متانة حلقة الوصل هذه؟ انتخابات 2014 عكست ضعف هذه الحلقة، اذ اغلب قراءات النخب لم تكن دقيقة، فهل ستقوي الاربع سنوات القادمة من متانة حلقة الوصل هذه؟ وبالتالي نستطيع ان نبني قاعدة ديمقراطية متينة تثقف الشعب وتقوم الحكومة؟ الجواب سنراه بعد بضعة أسابيع او أشهر.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة