لندن تستضيف بيكاسو 1932

لندن – ابتسام يوسف الطاهر:
“بيكاسو عام 1932 حب وشهرة ومأساة”، هذا عنوان المعرض الذي احتضنته قاعات التيت مودرن للفن الحديث.
عشرات اللوحات وزعت على مجموعة قاعات كبيرة، كل منها خصصت لشهر من شهور ذلك العام، وتعددت المواضيع والاساليب في رسم اللوحات من بورتريهات ومناظر طبيعية ومجسمات نحت بالحديد، واشهرها (امرأة في حديقة) الى المجسمات التي استعمل فيها الخشب أو الحجر. مع لوحات متنوعة الاحجام لأعمال تشير الى بدايات المرحلة التكعيبية.
في تلك السنة 1932 لم يتم بيكاسو حتى منتصف طريقه الابداعي. ففي العشرينيات، وبعد معاناة من عوز وجوع، انتقل من برشلونة الى باريس، لكنه في بدايات 1930 تمكن من اعتلاء عرش الفنانين المحتفى بهم، ومن الفنانين النادرين الذين اغتنوا من فنهم.
ويقول الكتيب، الذي وزع على جمهور المشاهدين، والذين اكتظت بهم القاعات ولم يمنعهم الثلج، ولا المطر او برودة الجو من التمتع بمشاهدة اعمال اشهر فناني القرن العشرين، ”
بيكاسو لم يعرف الاستقرار، وانما كان دائم البحث بريشته او يده كنحات، عن كل ماهو جديد. وابتعد عن الطبيعة، وترجم الانطباعية والراديكالية، الى التكعيبية التي اخترعها مع جورجيس بْراك(George Braque)”.
بيكاسو كأجنبي في باريس ابتعد عن السياسة، وعن التجمعات الرسمية، والنشاطات السياسية، او الاجتماعية، حتى التي تخص الجالية الاسبانية. لكنه في عام 1937 بعد الهجوم النازي والفاشي على اسبانيا، رسم بالابيض والاسود اشهر لوحاته “الجورنيكا” والتي تعد اهم عمل فني ضد الحرب.
خلال حياته الفنية استطاع بيكاسو احياء التراث الغربي في اعماله، متأثرا بمشاهير الفنانين مثل ماتيس وفيلاسكو ومانيه وغيرهم. كما رسم الموضوعات التي عرفها فن الرسم الكلاسيكي من نساء عاريات، ومصارعة الثيران.
في بداية الثلاثينيات من القرن العشرين كان النقاد يعدون بيكاسو فنان الماضي اكثر منه فنان المستقبل. في هذه الفترة كان قد اشترى قصرا من قصور الثامن عشر في ضواحي ريف فرنسا، وقد خصصت احدى قاعات المعرض لعرض صور فوتوغرافية لذلك المنزل، وكان لديه سيارة وسائق، فقد تحول بعد زواجه من راقصة الباليه الروسية أولغا، من مهاجر فقير الى سوبرستار غني. كان قد جعل في القصر ستوديو ضخما لتنفيذ اعماله النحتية.
كثير من لوحات تلك الفترة تجسد بورتريه او جسم امرأة، كما في لوحة (فتاة امام المرآة) التي تماثل لوحة فنان القرن التاسع عشر الفرنسي ادورد مانيه الكلاسيكية، لكن بيكاسو رسمها بطريقة رمزية تحت الهام، او تأثير عشيقته ماري والتر. فواضح حضور تلك المرأة في معظم اعماله، لكنها جسدت كنحت، او رسم بشكل يوحي بالكاريكاتير، او بطريقة سريالية كما يسميها النقاد، ربما للتمويه، فقد كان يعاني من صراع بين حياته الزوجية، وعشقه لتلك الفتاة التي كانت احدى الموديلات.
في صيف ذلك العام، رسم بيكاسو العديد من اللوحات الصغيرة التي نفذت بسرعة وبفرشاة حرة، ماعدا لوحة (امرأة على كرسي احمر) التي ظهرت الخطوط فيها والكتل قوية ومتدفقة بنحو حسي اكثر من قبل.
وخصصت احدى قاعات المعرض للكثير من تخطيطات وسكيتشات الفنان بالفحم، كذلك قصاصات لما كتبه من قصائد وملاحظات، لكن بيكاسو كما يقال انه لم يحفل بالتواريخ ويزدري التسلسل الزمني.
في قاعة سبتمبر (ايلول) رسم العديد من اللوحات لعائلته، ابنه وزوجته، على شاطئ البحر وطبعا بطريقته.. والمعروف انه لم يكن يجيد السباحة. ولوحات عديدة صغيرة جدا لمناظر طبيعية وباسلوب واقعي. كما عرضت بعض لوحاته المعروفة مثل المهرج الصغير. ووجوه نسوية بخطوط ملونة بسيطة.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة