روسيا تستغل الفراغ الأميركي وتطّور نفسها في المجال النووي

ناكاسون يؤكّد الرد على موسكو لقرصنتها الانتخابات
متابعة ـ الصباح الجديد:

حضر الجنرال بول ناكاسون، المرشح لإدارة جهاز الأمن القومي والقيادة المركزية الأميركية، جلسة استماع لمجلس الشيوخ بشأن التهديد الروسي المزعج، بعد ساعات قليلة من تفاخر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في الأسبوع الماضي بامتلاك أسلحة نووية جديدة «لا تًقهر»، تهدف إلى تجنب الدفاعات الأميركية الصاروخية، اعترف الجنرال بأن هناك خططًا للرد على موسكو خاصة لقرصنتها الانتخابات، وستطلب هذه الإجراءات موافقة الرئيس دونالد ترامب، مضيفا أن الروس لا يخشون واشنطن الآن لأنهم لا يعتقدون أن شيئا سيحدث لهم.
واستولى الثقل العضلي الروسي على الفراغ الاستراتيجي الذي يغلف واشنطن، حيث يسعى بوتين إلى النظر إلى ما يعتبره ترسانة جديدة من الجيل الجديد التكميلي، بجانب الأسلحة السيبرانية، وبالمقارنة، لا تزال الولايات المتحدة غير متأكدة من كيفية استخدام الأسلحة السيبرانية بعد إنفاق مليارات الدولارات لبناء ترسانتها، ويساورها القلق من أن الروس إلى جانب الصينيين والإيرانيين والكوريين الشماليين يمكنهم الرد بسهولة على أي هجوم، وضرب المصارف الأميركية، والمرافق، وأسواق الأوراق المالية، وشبكات الاتصالات، وفي المجال النووي، فإن إدارة ترامب لم تقدم بعد إستراتيجية لاحتواء روسيا أو ردعها بما يتجاوز مجرد مطابقة تراكم الأسلحة، وقد ظل ترامب نفسه صامتا إلى حد كبير عن رؤيته لاحتواء النفوذ الروسية، بينما لم يعرب عن أمله في جذب موسكو إلى جولات جديدة من المفاوضات لمنع سباق التسلح المتكرر.
وساعد التهديد الذي تفرضه روسيا على كلا الجبهات على دفع الولايات المتحدة لإعلان التحول الجوهري في الأمن القومي، حيث أكد وزير الدفاع جيمس ماتيس في كانون الثاني أن المنافسة الكبرى على السلطة، وليس الإرهاب، تركز الولايات المتحدة على ذلك في الوقت الراهن.
ومن جانبه، قال غاري سامور خبير حظر انتشار الأسلحة النووية «إن بوتين أصبح أفضل صديق لصناعة الأسلحة النووية الأميركية»، وقد تفاوض مع الروس خلال إدارة كلينتون، عندما كان التفاؤل مرتفعا بأن عصر المنافسة النووية قد انتهى، ومرة أخرى خلال إدارة أوباما، بعد أن بدأ بوتين التحديث النووي الحالي لموسكو، فيما يعتقد البنتاغون أن العديد من الخطط الجديدة التي أعلنها بوتين الأسبوع الماضي لتعزيز ترسانته، بما في ذلك طوربيدات نووية تحت سطح البحر وصواريخ «كروز» نووية وغيرها من الأسلحة الجديدة، هي نتيجة سنوات من الانتشار الروسي عالميا، حيث وصف صواريخه الجديدة التي لا تقهر، بأنها يمكنها الهرب من الدفاعات الصاروخية الأميركية.
واتهم بوتين فشل الولايات المتحدة في تبني معاهدات الحد من التسلح السابقة كسبب لذلك، لكنه اشتكى بشكل خاص من الدفاعات النووية الأميركية التي قال إنها كانت تستهدف روسيا حين كانت في كوريا الشمالية، وقال مسؤولون أميركيون إن هذا هو سوء استخدام التكنولوجيا، وفي خطاب الاتحاد في كانون الثاني، طالب ترامب الكونغرس بتحديث وإعادة بناء الترسانة النووية، وأعقبه ذلك في شباط استعراض الإدارة النووية، ودعا ترامب لتطوير الأسلحة النووية بعد التقدم الروسي الأخير.
وتتضمن مسودات إستراتيجية الدفاع الصاروخي الجديدة، التي ربما تنشر في وقت لاحق من هذا الشهر، اقتراحات بأن البرنامج قد يتحول الآن إلى تطوير الدفاعات الصاروخية ضد روسيا والصين، وليس فقط مواجهة دول مثل كوريا الشمالية ذات الترسانات الأصغر، فيما قال تقرير صدر في العام الماضي عن مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، وهو مركز أبحاث في واشنطن «يجب علينا ألا نفكر بعد الآن في بناء قدرات الدفاع الصاروخي المحدودة فقط.، فيجب أن تبدأ الولايات المتحدة الرحلة لتطوير دفاع صاروخي من الجيل القادم».
روسيا تستغل الفراغ الأميركي وتطّور نفسها في المجال النوويودعت إلى إتباع «طبقة القتل الفضائي» التي ستحاول إسقاط أسراب الرؤوس الحربية والصواريخ للعدو، وهي خطوة من شأنها أن تتجاوز بحوث حرب النجوم التي تجريها إدارة ريغان حول الأسلحة الفضائية، ولا شك في أن تحفز جولات جديدة من التفاعل من بوتين والجيش الروسي، وخلال الأشهر القليلة الماضية، لم يتبع أحد سياسة ضبط النفس، حيث أن بوتين وترامب يتخذان خطوات لإعادة بناء ترساناتهما، وإن القيام بذلك ينذر بجيل جديد من الأسلحة النووية، حيث أن هذه التحركات تخلق أساسا منطقيا لبناء المزيد من الأسلحة النووية.
وقال ليزبث غرونلوند، وهي عالم بارز في اتحاد العلماء، في كامبريدج، عن إعلان بوتين الأسبوع الماضي «يزيد من سباق التسلح الجديد، مما يجعل العالم مكانا أكثر خطورة»، فيما قال ماثيو بون، وهو أستاذ في جامعة هارفارد، وهو أحد مديري مشروع إدارة أتوم، لمجموعة من الصحافيين في مؤسسة نيمان في كامبريدج «لا شيء من هذا يغير الصورة الأساسية لما تفعله الولايات المتحدة وروسيا تجاه بعضهما البعض»، مضيفا أن ما يتغير هو درجة التوتر التي تحيي مخاطر سوء الحسابات التي يمكن أن تؤدي إلى عمل عسكري، والذي كان الخوف الكبير في ذروة الحرب الباردة خلال الخمسينات والستينات والسبعينيات.
وأصبح التحدي السيبراني عاملا رئيسيا في الأزمة الأميركية الروسية، وحتى الآن لم يناقش الرئيس أي إستراتيجية تمنع الروس من التدخل في الانتخابات النصفية هذا العام.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة