قصف وغارات جديدة للنظام
الصباح الجديد ـ وكالات:
أفاد ناشطون بتجدد الضربات الجوية الحكومية السورية على الجيب الذي تسيطر عليه المعارضة المسلحة في الغوطة الشرقية، على الرغم من صدور قرار من مجلس الأمن يدعو إلى وقف إطلاق نار في سوريا لمدة شهر في وقت صوّت أعضاء مجلس الأمن الدولي بالإجماع، في وقت متأخر امس الاول السبت، لصالح مشروع قرار بشأن فرض الهدنة الإنسانية لمدة 30 يوما في جميع الأراضي السورية.
وأشار المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره بريطانيا، إلى وقوع غارتين على الأقل على منطقة الشيفونية في ضواحي مدينة دوما، فضلا عن مقتل امرأة وإصابة 7 مدنيين جراء قصف حكومي بأربع قذائف مدفعية استهدف بلدة حموريه في الغوطة الشرقية.
وفي غضون ذلك تواصل سقوط قذائف على العاصمة السورية دمشق، استهدف منطقة الدويلعة وأماكن في منطقة العباسيين، ما أسفر عن مقتل شخص واحد واصابة عدد من الجرحى، بحسب المرصد ذاته.
وعلى الرغم من هاتين الغارتين أشار المرصد إلى أن الغوطة الشرقية عاشت بعد صدور القرار الدولي ليلة امس الاول السبت الأهدأ بعد أسبوع من القصف الجوي الحكومي المكثف قتل خلاله أكثر من 500 مدني.
وكان مجلس الأمن الدولي تبنى بالإجماع قرارا يدعو إلى وقف إطلاق النار فورا من أجل «إفساح المجال أمام إيصال المساعدات الإنسانية بشكل منتظم وإجلاء طبي للمرضى والمصابين بجروح بالغة».
وفي كلمة ألقاها بعد عملية التصويت، قال مندوب الكويت لدى الأمم المتحدة، منصور عياد العتيبي، إن المهم الآن هو تنفيذ القرار بما يحفظ حياة المدنيين في سوريا.
من جانبها، أعلنت المندوبة الأميركية نيكي هيلي أن الولايات المتحدة تريد إنفاذ وقف النار في عموم سوريا. وأضافت أن على «النظام السوري وحلفائه» وقف الهجمات على الغوطة الشرقية وإيصال المساعدات الإنسانية إلى محتاجيها.
واتهمت هيلي روسيا باتخاذها موقفا حال دون تبني مجلس الأمن قرار الهدنة من قبل قائلة: «اليوم اتخذت روسيا قرارا متأخرا بالانضمام إلى الإجماع الدولي ووافقت على ضرورة الدعوة إلى الوقف الفوري لإطلاق النار، لكنها جربت كل الأساليب لتفادي ذلك». كما دعت هيلي موسكو إلى ضمان «المحاسبة الفعلية» لأطراف مسؤولة عن استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا.
وأشارت المندوبة الأميركية إلى أن الولايات المتحدة تعول على التطبيق الفوري للقرار، وخاصة في غوطة دمشق الشرقية.
فيما أعرب المندوب الروسي فاسيلي نيبينزيا، عن شكره للكويت والسويد على جهودهما الجبارة في الوصول إلى توافق بشأن القرار.
وأضاف أن عملية تنسيق وثيقة المشروع استغرقت وقتا طويلا، لأن مسودتها الأولية كانت تضم نقاطا تجعل إحلال الهدنة في سوريا أمرا مستحيلا، مما أثار تحفظ روسيا . وأشار نيبينزيا إلى أن نظام وقف إطلاق النار لا يشمل تنظيمي «القاعدة» و»جبهة النصرة» والمنظمات المرتبطة بهما.
وفي سياق رده على الانتقادات الأميركية أيضا، أشار نيبينزيا إلى أن الولايات المتحدة تتستر بمحاربة الإرهاب في سوريا لتحقق هناك أهدافها الجيوسياسية التي «تثير شرعيتها شكوكا».
وتابع: «نحن نصر على الوقف الفوري للأطماع الاحتلالية التي يظهرها التحالف المزعوم، الأمر الذي سيكون له تأثير إنساني واضح، لأنه سيسمح للحكومة السورية بالشروع في إعادة الحياة إلى طبيعتها في جميع الأراضي المحررة من الإرهابيين».
وأكد الدبلوماسي أن روسيا لن تسمح بأي تفسير تعسفي لبنود قرار الهدنة في سوريا، كما أنها تطالب الولايات المتحدة بوقف تهديداتها لدمشق، قائلا إن موسكو تشعر «بقلق عميق إزاء تصريحات تصدر عن بعض المسؤولين الأميركيين الذين يهددون بشن عدوان ضد سوريا ذات السيادة».
وتابع أن روسيا تطالب الولايات المتحدة بوقف تصعيد هذه الخطابات غير المسؤولة والانضمام، بدلا من ذلك، إلى الجهود المشتركة الرامية إلى تسوية النزاع في سوريا بناء على قرار 2254 لمجلس الأمن الدولي».
من جهته، دعا المندوب الفرنسي، فرانسوا ديلاتر، السلطات السورية إلى ضمان إيصال المساعدات الإنسانية إلى محتاجيها، إضافة إلى دعوته الموجهة إلى الدول الضامنة لعملية أستانا (روسيا، إيران، تركيا) لممارسة «الضغط على النظام السوري»، لضمان تنفيذه أحكام القانون الإنساني الدولي..
وأكد ديلاتر عزم فرنسا على بذل كل جهودها لتنفيذ قرار الهدنة، مضيفا أن تنفيذه يمكن أن يصبح نقطة محورية في تسوية النزاع في سوريا.
أما مستشار البعثة البريطانية لدى الأمم المتحدة، ستيفن هيكي، فأكد في كلمته أن تقارير عن معاناة المدنيين في غوطة دمشق الشرقية تعكس الحقيقة «و ليست دعاية، على عكس ما يمكن سماعه من بعض الدول. وأضاف أن ما يحدث في هذه المنطقة «جرائم حرب ونحن ملتزمون تماما بالعمل على محاسبة المجرمين».
فيما دعا مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة، بشار الجعفري، إلى تطبيق القرار الجديد على كل الأراضي السورية بما فيها عفرين والأراضي التي تحتلها القوات الأمريكية وعلى الجولان السوري المحتل.
كما طالب الجعفري، في كلمة أمام مجلس الأمن، بتطبيق 29 قرارا آخر بشأن الوضع في سوريا منها 13 قرارا لمكافحة الإرهاب.
وأشار المندوب السوري إلى أن الإرهابيين المتمركزين في غوطة دمشق الشرقية استهدفوا المقر الرئيسي للهلال الأحمر العربي السوري في العاصمة السورية بعدة قذائف.
وأضاف أن أهالي دمشق يعانون بشكل حقيقي من الإرهابيين الموجودين في الغوطة، مشيرا إلى أن نداءات 8 ملايين سوري لا تصل إلى الأمانة العامة وإلى صندوق بريد مندوبي بريطانيا وفرنسا بينما تصلهم نداءات الإرهابيين.
وأكد مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة أنه يجب أن تتوقف حكومات الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا عن عقد اجتماعاتها وعن وضع خطط استراتيجية تذكر بعهد الاستعمار وتهدف لتقسيم سوريا وتغيير نظام الحكم فيها بالقوة.
وشدد الديبلوماسي السوري على أن بلاده تمارس حقا سياديا بالدفاع عن نفسها، مؤكدا أن سوريا ستستمر في مكافحة الإرهاب أينما وجد على الأرض السورية.
وأفاد الجعفري بأن الحكومة السورية تعاملت بجدية مع كل المبادرات والتزمت بها حرصا على حياة مواطنيها، مبينا أن اتفاق أستانا ألزم الجماعات المسلحة بفصل ارتباطها عن تنظيمي «داعش» و»النصرة» وأعطى الحق للحكومة السورية بالرد على أي اعتداء.
كما صرح بأن السلطات السورية دعت المجموعات المسلحة في الغوطة الشرقية إلى إلقاء السلاح وأمنت للمدنيين ممرات خروج آمنة.
وأشار مندوب سوريا إلى أن الجماعات المسلحة في الغوطة تحتجز المدنيين كرهائن.
وعرج قائلا إن إيصال المساعدات الإنسانية يقوم على مبدأ احترام سيادة الدولة السورية.
وكان مجلس الأمن الدولي آجّل، الجمعة الماضي، عدة مرات التصويت على نسخة معدلة من مشروع قرار بشأن فرض هدنة إنسانية في سوريا، وذلك لاستمرار الخلافات بين الدول الأعضاء في المجلس.
وكانت موسكو اقترحت، خلال جلسة للمجلس عقدت الخميس الماضي، إدخال تعديلات على مشروع القرار المقدم من الكويت والسويد لجعله «منطقيا وواقعيا».
وقد طالب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الجمعة الماضية الجهات الخارجية ذات النفوذ على المسلحين المتمركزين في الغوطة بتقديم ضمانات ستلزمهم بتطبيق الهدنة.