اسمح لي في عيد الحب أن أقول لك.. أحبك

بغداد ـ أحلام يوسف:
الاحتفال بعيد الحب ليس وليد التغيير الذي حصل بالعراق والذي جلب معه متغيرات طالت كل تفاصيل حياتنا، فقد كانت بعض العائلات قبل 2003 تحتفل به، وتتبادل الهدايا.
عيد الحب او الفالنتاين، من المناسبات المثيرة للجدل في العراق، لكن بعيدا عن أسباب الجدل فإن العراقيين اليوم محتاجون لأي مناسبة او يوم مختلف، يعيشون به حالة الحب والود بعيدا عن منغصات الحياة ومتاعبها وهي الأكثر في العراق من غيره.
مهند الياسري مهندس نفط يقيم في كندا يقول ان عيد الحب مثله مثل أي عيد اخر، حلاوته هو الغاية، والغاية بالنسبة الى العراقيين هي التواصل مع الأهل والأقارب والأبناء: لم اكن اعرف ان هناك عيدا اسمه فالنتاين الا بعد 2003 ووجدت انه امر جميل ان يكون للحب عيد، وهل هناك اسمى واجمل منه، لذلك فمنذ العام 2004 وانا في هذا اليوم اهدي عائلتي، زوجتي وبناتي واولادي ورودا حمراء، او دبا احمر، ووجدت ان تلك الهدايا تشحنهم عاطفيا، وتزيد هرمون السعادة لديهم.
الشحنات العاطفية، جل ما يحتاجه العراقي اليوم كي تزيل بعضا من همومه اليومية، ومعها يستعيد نشاطه ليُقبل على يومه بشيء من التفاؤل. حسن الجبوري باحث بعلم النفس يقول ان الشحنات العاطفية يمكن ان تكون علاجا من بعض الامراض، ووقاية من بعضها الاخر: نسمع عن بعض حالات الانتحار هنا وهناك وانا اعلم ان هؤلاء لو وجدوا الحب الحقيقي من قبل من حولهم ولا اعني هنا الغرام فحسب، فأحيانا يكون الفشل بالعلاقة العاطفية سببا بالشعور بالكآبة، وهنا يأتي دور المحبة الأكبر من الاهل، يرافقها الوعي والادراك، فهناك من الاهل من يستخف بحزن ابنائه ان كان السبب فشل بقصة حب، لذلك فالثقافة والوعي مع الحب هو ما يقينا شر المرض والإحباط.
احد افراد الحشد الشعبي بدأ حديثه عن عيد الحب بأبيات شعر للمتنبي “لعَيْنَيْكِ ما يَلقَى الفُؤادُ وَمَا لَقي.. وللحُبّ ما لم يَبقَ منّي وما بَقي.. وَما كنتُ ممّنْ يَدْخُلُ العِشْقُ قلبَه.. وَلكِنّ مَن يُبصِرْ جفونَكِ يَعشَقِ. يقول مروان الحربي: الحب هو أساس الحياة بكل تفاصيلها، فلولا حبي لوطني ما جازفت بروحي وتطوعت للدفاع عنه، ولولا حبي لأهلي ما بذلت الجهد لأكون ناجحا بحياتي، ولولا حبي لزوجتي وابنتي ما حرصت على ان اعود لهم حيا منتصرا، الحب لا يتجزأ، فمن يحب وطنه لابد ان يحب ابناءه، وانا في كل عام احرص على ان اشتري وردة حمراء او دبا احمر لا ادري بصراحة لماذا الدب بالتحديد، واهديه لزوجتي واشعر دائما بان الحب بيننا يتجدد لحظة تبادل الهدايا في هذا اليوم.
هناك مشهد في احد الأفلام الأميركية عن شاب اقدم على الانتحار وكتب رسالة قال فيها، لو القى احدهم التحية عليّ لتراجعت عن الخطة، والرسالة من هذا المشهد هو ان الاحساس بمحبة الاخرين او حرصهم حتى من لا تربطني بهم علاقة يمكن ان يكون له تأثير إيجابي، هذا ما ذكرته بلقيس لطيف: إحساس عظيم ان تشعري بمحبة من حولك لك، اذن فعلينا ان نبدأ من الداخل، ان نكون متصالحين مع انفسنا، نحبها، فانا لا استطيع ان امنح أحدا الحب سواء زوجي، او اولادي، او اهلي وبلدي قبل ان احب نفسي.. الفالنتاين مناسبة جميلة لتجديد الحب بيننا، فلا يكلف شيئا ان قلت عيد حب سعيد للآخر حتى من دون ان تحمل له هدية.
هناك من يجد ان عيد الحب مستورد من الغرب لذا فهو يرفض الاحتفال به، لكن هل يوجد أجمل من ان نستورد تقليدا يؤسس لثقافة الحب؟ خاصة ونحن في العراق حولناه الى عيد للمحبة بكل اشكالها واوصافها، لأننا بالفعل محتاجين لنشر ثقافة الحب بيننا.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة