عاصم جهاد
مع أعلان الحكومة الاتحادية عن خفض نسبة اقليم كردستان من 17% الى 12,6% ضمن الموازنة الاتحادية لعام 2018 حتى ارتفعت حمى التصريحات المتضاربة بين الاحزاب والكتل السياسية والنواب والمحللين السياسيين والاقتصاديين وبدأت الفضائيات بتسخير البرامج لمناقشة الموازنة التخمينية للعام الجديد والجدل الذي اثارته بين الحكومة والاقليم حول النسبة الجديدة .
ويبدو ان قرار الحكومة الجرئء والواقعي قد ساهم في أثارة بعض الساسة والنواب الكرد وتعالت أصواتهم المطالبة بالابقاء على النسبة السابقة بحجج ومبررات تبدو غير منطقية وواقعية نظراً لتعقيدات الوضع المالي والاقتصادي في الاقليم ومارافق ذلك من شبهات فساد حول النشاط النفطي وعمليات التصدير والتهريب هناك بعيداً عن أنظار الحكومة الاتحادية ووزارة النفط بحسب الكثير من الخبراء والمتابعين .
من خلال القاء نظرة واقعية على الاحداث والمجريات والاستراتيجية الجديدة التي تتبعها أو تتخذها الحكومة بعد تحريرالمحافظات والمدن في شمال وغرب البلاد واعادة فرض سلطة الدستور والقانون على محافظة كركوك ،نجد أن الحكومةالاتحادية ستواجه تحديات وصعوبات ومعضلات جديدة نتيجة التراكمات الثقيلة التي خلفتها حكومة الاقليم وتخبطها بادارة الملف النفطي والاقتصادي هناك بعيداً عن الحكومة الاتحادية فضلاً عن غياب الشفافية والضبابية التي تحيط بهذا الملف ، ويبدو أن الكثير ممن يتصدون الى التصريحات يجهلون أو يتجاهلون بعض الحقائق المهمة التي تشكل عوامل مهمة ومقومات أساسية عند وضع أولويات الموازنة الاتحادية التي تعتمد على الايرادات المالية المتحققة من تصدير النفط ، فبحسب قانون الموازنة فإنه يلزم المحافظات والاقاليم بتسليم الكميات المنتجة من النفط والغاز والمشتقات النفطية الى وزارة النفط بهدف الحصول بالمقابل على النسب المقررة من الموازنة وهذه مسألة طبيعية لاغبار عليها .
وبسبب الخلاف القائم بين المركز والإقليم وعدم أيجاد حل للمشاكل العالقة بينهما ومنها الملف النفطي فاننا نعتقد بإن الحكومة الاتحادية سوف تضطر الى تجاهل حصة الأقليم المالية في الموازنة الأتحادية لعام 2018 بسبب أستمرارالإقليم بتصدير النفط لحسابه الخاص والأحتفاظ بالإيرادات المالية المتحققة .
ومع أستمرار الأزمة المالية في الأقليم وتراجع الوضع الاقتصادي الى درجة مقلقة وعجزه عن تسليم الرواتب لموظفيه رغم الايرادات المالية الكبيرة التي حصل عليها طيلة الفترة المنصرمة ، فإن الوضع قابل للتأزم في الاقليم أكثر فأكثربسبب تراكم ديون الشركات النفطية الاجنبية والتي تقدر بعشرات المليارات من العملة الصعبة،وأمام هذا العجز فأن الأمور سوف تزداد تدهوراً وسوءاً في العام الجديد ولايمكن للحكومة الاتحادية في ظل هذه الأوضاع أن تجد حلولاً مقبولة لتسوية الأمور مع الأقليم بسبب الملفات المالية والنفطية الشائكة والمعقدة ، ولايمكنها أي الحكومة الاتحادية أن تتحمل تبعات المشاكل والديون المالية الباهضة التي خلفتها حكومة الاقليم ، وأمام هذا التحديات فإن الحكومة الاتحادية سوف تمضي بإحتساب الأيرادات المالية المتوقعة من تصدير النفط من حقول الوسط والجنوب التي تشهد استقرارا كبيراً مع عدم وضع أيرادات حقول الاقليم في حساباتها بسبب تعنت ساسة الاقليم في مواقفهم المتشددة والاضرار بالموازنة الاتحادية نتيجة عدم تسليم الايرادات المالية وعدم التعاون وزارة النفط في تصدير النفط من حقول كركوك الى ميناء جيهان التركي !
نعتقد ان حل المشاكل العالقة لاتاتي بالتصريحات او المواقف المتشنجة ، وانما البحث عن أصل المشكلة والاسباب والمسبات لها ، ومن اجل حل جذري للمشاكل العالقة بتغليب المصلحة الوطنية على المصالح الأخرى .. فان على الاقليم ان يقدم أجابات واضحة عن حجم الايرادات المالية التي حصل عليها طيلة السنوات الماضية سواء من خلال تصدير النفط من حقول كركوك أوالاقليم واخضاعها الى الرقابة والتدقيق ؟ وأين تم أنفاق كل هذه الأموال ؟ وماهو حجم ديون الشركات الاجنبية ؟ ولماذا تم اقتراض الأموال من الشركات الاجنبية ؟ وأيضاح بيان طبيعة العقود المبرمة مع هذه الشركات ؟ وهل تم رهن أو بيع النفط الخام من بعض الحقول لسنوات القادمة وأستلام أيراداتها مقدماً وأين ذهبت هذه الايرادات ؟
بعض من أسئلة كثيرة .. بحاجة الى إجابات ملحة قبل الخوض في نقاشات عقيمة أو تصريحات سياسية لاتغث ولا تسمن.. حول الموازنة أو أيجاد حلول للمشاكل العالقة بين المركز أو الأقليم !