محبوب الكلب (القلب ) الله يخلي ..
لايندل ولا… يخليني أدلي ..
أكله الدرب هذا..يكلي لا..ذاك ..
كلمات أغنية بغدادية قديمة ، بطعم ونكهة الماضي الجميل ، تحمل الكثير من المعاني والدلالات العاطفية والاجتماعية والانسانية والقيمية، نتلمس بين سطورها الحب الحقيقي والعاطفة الصادقة ، والحرص على من نحب .
والنَّصِيحَةُ عند أهل اللغة والكلام : قولٌ فيه دعوةٌ إِلى صلاح ونَهْيٌ عن فساد . والجمع : نصَائحُ ..و تعني أيضا إخلاص الرأي في الدعوة إلى الخير وهي تحري فعل اوقول فيه صلاح صاحبه تتضمن : الإصلاح والصدق والإخلاص والمحبة لان النصيحة هي عماد الدين وقوامه ، فجمع فيها الدين كله أشارة لعلو شأنها وعظيم منفعتها .
تعرضت الأغاني العراقية للكثير من المواضيع الحياتية والتي عبرت من خلالها عن الواقع والبيئة الاجتماعية التي نعيشها ونتعايش معها ، فنجد في طيات كلماتها ومعانيها ومضامينها.. العتاب والوصف والتحذيروالتخديروالتوسل والتهديد والوعيد أضافة الى “النصيحة”..لكن يبدو أنه ونظرا لطبيعتنا وتركيبتنا الاجتماعية ..فأننا نرفض “النصيحة” والاستفادة من مشورة رجالات العقل والحكمة على خلاف الكثير من الامم العريقة التي أتخذ حكامها وملوكها.. من أصحاب الحلم والموعضة والخبرة ناصحين ومستشارين لهم .. يدلوهم على طريق الصواب ، فالتجارب السابقة والظروف القاسية التي مرت بشعبنا على مدى العقود الماضية خير دليل على هذا.. ويعزو خبراء الطب النفسي ذلك.. بان الكثير من أفراد مجتمعنا لايتقبلون النصيحة بسهولة وخاصة شريحة الطبقة السياسية والمسؤولين وأصحاب المناصب .. لان الكثيرمنهم مصابون وبحسب علماء الاجتماع بعقد واشكاليات عديدة بحيث يكابرون على أنفسهم بقبول النصائح من الآخرين أضافة الى عنادهم ورفضهم لكل رأي سديد قد ينقذهم مما هم فيه ، حيث يعتقد الكثير من هؤلاء بإنهم يفهمون في كل شئ بمجرد الجلوس على “الكرسي “.
أن المسؤولية الاخلاقية والانسانية والاجتماعية ، تتطلب منا أن نكون مخلصين في تقديم النصح لمن نحب بغض النظر عن طبيعة هذه العلاقة وعلى وجه الخصوص لمن يحيطون بنا سواء في البيت اوالعمل … كذلك من يتشارك معنا في الهم والمصير والمستقبل …وهذا ماأكدته طيبة الذكر المطربة الراحلة زهور حسين في أحد روائعها التي تغنت بها وأنشدت تقول ( تفرحون نفرحلكم … تحزنون نحزنلكم …واللي يمسكم يمسنا .. روحي تتلوع كبلكم …. احبكم أحبكم ) نفرح لفرحهم ونحزن لحزنهم…هكذا تربينا ..هكذا تعلمنا نحن “الناصحون” ..أما “المنصحون” ..فذلك يتوقف على مدى قبولهم للنصيحة وتعاطيهم معها… والرجوع عن الخطأ… أوعن أتخاذه لقرارات غير صائبة..أو الاعتراف على تقدير بانه بات لايميز بين مايضره وما ينفعه !
في الكثير من الاحيان يتعرض “الناصح” الى الأذى من “المنصوح”..وفق نظرية “خيراً تعمل ..شراً تلقى ” وقد يذهب المرء ضحية نصيحته وقد يعد بعض “المسؤولين والساسة” تقديم النصيحة لهم خطاً أحمرا لايمكن تجاوزه ، لان ذلك يمثل أهانة لعقولهم وتصرفاتهم وسلوكهم بحسب أعتقادهم ..وهذا ماحصل للخروف الذي أصبح كبش فداء جزاء نصيحته .. تقول الحكاية ” ان طبيبا ً قال للمزارع: إذا لم يتعافى “حصــــــــانك” في غضون ثلاثة أيام ، فيجب قتله والتخلص منه ؟ سمع الخروف كل شيء ، فأسرع الى صديقه الحصان يخبره ويرجوه النهوض والعودة للعمل ، لكن الحصان لم يستطيع الوقوف على قدميه .. لانه كان متعباً جداً ، وكرر الخروف محاولته في اليوم الثاني قائلاً له : انهض بسرعة… لكن الحصان لم يستطيع أيضاً،وفي اليوم الثالث قال الخروف : للحصان انهض ياصديقي بسرعة و إلا سيقتلونك ، عندها نهض الحصان على قدميه ، وعندما شاهده المزارع على هذا الحال ..طار من الفرح ، وصاح بأعلى صوته : يجب أن نحتفل بهذه المناسبة … ونذبح الخروف .. الذي أراد أن يعلمنا كيف نتصرف مع الحصان!!
وفي موضع آخر طلبت أمرأة نصيحة جارها صاحب محل الحلويات والمعجنات حول سلوك زوجها التي شكت منها.. فقال لها الفران بحسب أختصاصه : “الرجل كالشاي والمراة كالبسكوتة ..فاحذري أن تنغمسي في الشاي فتختفين ويبقى الشاي وحده… عندها سيبحث الرجل عن بسكوتة أخرى !” .
• ضوء
هناك من يصنعون التاريخ ، وهناك من تصنعهم الصدفة !
عاصم جهاد