تنامي الحالات والظواهر السلبية جرّاء الأزمة الاقتصادية
السليمانية ـ عباس كاريزي:
علمت الصباح الجديد من مصادر طبية عن تسجيل اكثر من 15 حالة لبيع الكلى والاعضاء البشرية جرّاء الفاقة وتعذر تأمين موارد العيش في الإقليم.
وقال مصدر صحي مطلع للصباح الجديد، ان قرابة 14 مستأجرا لجأوا الى بيع احدى كلاهم، مؤخرا، نظرا لعدم قدرتهم على تأمين الاجور الشهرية للمساكن التي يقطنوها.
وبينما تهيمن الاحزاب الحاكمة وعائلاتها على موارد الاقليم وتقتسم ثرواته يعيش المواطنون في اوضاع معيشية ومعاشية صعبة، تفاقمت معها الاوضاع الاقتصادية والمالية تدهورا، ادت الى بروز العديد من الظواهر الشاذة والحالات السلبية، التي تهدد السلم الاهلي والواقع الاجتماعي، منها ارتفاع نسب البطالة وحالات الطلاق والسرقة والقتل والهجرة التي ارتفعت بنحو ملحوظ، خلفتها هيمنة الحزبين الحاكمين على مفاصل ومؤسسات الاقليم وتسخير موارده، لتثبيت اركان حكم قبلي عائلي بعيدا عن القيم والمبادئ الديمقراطية.
وعلى صعيد ذي صلة يقول هيمن احمد الذي يمتلك مكتباً للطيران وتوفير تأشيرات السفر بمحافظة السليمانية للصباح الجديد، ان المئات من المواطنين يسافرون يومياً تاركين الاقليم الى دول اوروبا واميركا وكندا.
ويضيف احمد ان تفاقم الاوضاع المعيشية وانخفاض المستوى المعاشي وتراجع الخدمات في مدن ومحافظات الاقليم، وهيمنة الاحزاب وسيطرتها على السلطة وتسخيرها لتثبيت اركان حكم غير ديمقراطي، دفع بالمواطنين من شتى الشرائح الى التفكير بترك الاقليم واللجوء الى احدى الدول المتحضرة.
واضاف احمد انه عدا ذوي الدخل المحدود، فان اغلب ذوي الدخول المرتفعة يستفسرون يومياً عن امكانية الحصول على تأشيرة لاحدى الدول الاوروبية، معلنين استعدادهم لبيع ممتلكاتهم كافة للحصول على لجوء في احدى الدول الاوروبية.
واشار الى ان المئات من المواطنين يتركون الاقليم ويسافرون بطرائق ووسائل متعددة الى اية دولة يجدون فيها نوعا من الاستقرار الاقتصادي وتأمين مستقبل اطفالهم، بعيدا عن التجاوزات اليومية والتدهور الاقتصادي والسياسي والاجتماعي الذي يشهده الاقليم، وخصوصا بعد اجراء الاستفتاء، الذي تسبب بالقضاء على اي امل بالاصلاح ومعالجة الاوضاع الاقتصادية المتدهورة، الأمر الذي تسبب بسخط المواطنين وبعض الأحزاب الكردية التي قررت اعلان احتجاجها بنحو مباشر، اذ دعت هذه الأحزاب المواطنين الى المشاركة في التظاهرات التي تنطلق اليوم الاثنين ويؤمل ان يشترك فيها آلاف المواطنين من الموظفين والملاكات التدريسية واحزاب المعارضة، في محافظات ومدن الاقليم في مسعى منهم، لتغيير نظام الحكم ومحاربة الفساد وتشكيل حكومة انتقالية تأخذ على عاتقها ترميم البنى التحتية المدمرة ومعالجة ازمات الاقليم السياسية والاقتصادية المتراكمة.
الاوضاع الاقتصادية والسياسية الصعبة التي يمر بها الاقليم نتيجة للتعنت السياسي وهيمنة الحزب الديمقراطي، مدعوما بالاتحاد الوطني الكردستاني على مفاصل ومؤسسات الاقليم، والتفرد في اتخاذ القرارات المصيرية، وانعدام الشفافية في ملفات النفط والموارد المالية، وما ترتب عليها من ديون هائلة يعجز الاقليم عن الايفاء بها، دفعت بالمواطنين الى اعادة النظر في مجمل العملية السياسية والعمل سحب الثقة من الحزبين الحاكمين وانهاء هيمنتهما واعادة بناء مؤسسات الاقليم وفقا لاسس جديدة بعيدا عن الهيمنة الحزبية والحكم العائلي.
سياسة الحزبين خلال فترة حكمهما الماضية التي استمرت زهاء 26 عاماً، ترتب عليها فقدان اكثر من نصف اراضي الاقليم لصالح شركات النفط العالمية، التي وسعت استثمارتها لتستولي على ثروات الاقليم النفطية ومساحات شاسعة من الاراضي الزراعية بحجة احتوائها على حقول للنفط مستغلة جهل وتواطؤ مسؤولين بارزين في حكومة الاقليم، وخصوصا وزير الثروات الطبيعية اشتي هورامي، الذي وصفه رئيس واعضاء في لجنة الطاقة والمالية ببرلمان الاقليم بانه رمز الفساد والسبب الرئيس وراء الازمات التي يواجهها الاقليم.
موظفو الاقليم والمواطنون وبعد ان فاض بهم الغيض ووصل السيل الزبى، وبعد ان فقدوا الامل باية اجراءات لاصلاح حقيقي تقوم به الحكومة الحالية، قرروا مقاطعة الدوام الرسمي والخروج بتظاهرات شعبية لاقتلاع جذور الفساد المستشري وانهاء العقوبات الاقتصادية، التي قالوا ان حكومة الاقليم تفرضها عليهم بداعي عدم كفاية واردات النفط الذي تصدره الى الاسواق العالمية.
وقال الدكتور احمد محمد رئيس منظمة الدفاع عن حقوق الملاكات التدريسية في جامعات ومعاهد الاقليم في حديث للصباح الجديد، ان اللجوء الى التظاهر والشارع يأتي بسبب فقدان الملاكات التدريسية والموظفين الامل بحكومة الاقليم، التي قال انها فاقدة للشرعية، وفشلت على مدار السنوات الاربع المنصرمة من تحقيق ادنى قدر من الوعود التي قطعتها للمواطنين، ناهيك عن معالجة الازمات الاقتصادية والادارية والمالية والخدمية التي يعانون منها.
واضاف ان التدريسيين في الجامعات والمعاهد والمعلمين، وجهوا طلبا عاجلاً للحكومة الاتحادية في بغداد للتدخل لمعالجة ازمة رواتب التدريسيين والموظفين بنحو عام، كما طالبوا عبر ممثلي اقليم كردستان في مجلس النواب العراقي، بلقاء رئيس الوزراء حيدر العبادي، للتشاور معه في السبل الكفيلة بمعالجة ازمة رواتب الموظفين في الاقليم.
وكانت الملاكات التدريسية في محافظات السليمانية وحلبجة وادارتي كرميان ورابرين قد خرجت في تظاهرات حاشدة بداية شهر اكتوبر المنصرم، مطالبين بالغاء نظام الادخار الاجباري ومنح مستحقاتهم الوظيفية ورواتبهم المتأخرة، الا انهم لم يتلقوا أي رد عملي من حكومة الاقليم، التي لجأت قبل عامين الى تطبيق نظام الادخار الاجباري، بعد انخفاض اسعار النفط عالمياً، الذي اتى على ثلاثة ارباع رواتب الموظفين في الاقليم، فضلا عن فشلها في توزيع رواتب الموظفين المتأخرة منذ اشهر.