نحو عراق جديد سبعون عاماً من البناء والإعمار

هشام المدفعي
اعتادت الصباح الجديد ، انطلاقاً من مبادئ أخلاقيات المهنة أن تولي اهتماماً كبيرًا لرموز العراق ورواده في مجالات المعرفة والفكر والإبداع ، وممن أسهم في إغناء مسيرة العراق من خلال المنجز الوطني الذي ترك بصماته عبر سفر التاريخ ، لتكون شاهداً على حجم العطاء الثري والانتمائية العراقية .
واستعرضنا في أعداد سابقة العديد من الكتب والمذكرات التي تناولت شتى صنوف المعرفة والتخصص وفي مجالات متنوعة ، بهدف أن نسهم في إيصال ما تحمله من أفكار ورؤى ، نعتقد أن فيها الكثير مما يمكن أن يحقق إضافات في إغناء المسيرة الإنمائية للتجربة العراقية الجديدة .
وبناءً على ذلك تبدأ الصباح الجديد بنشر فصول من كتاب المهندس المعماري الرائد هشام المدفعي ، تقديرًا واعتزازًا بهذا الجهد التوثيقي والعلمي في مجال الفن المعماري ، والذي شكل إضافة مهمة في مجال الهندسة العمرانية والبنائية وما يحيط بهما في تأريخ العراق .
الكتاب يقع في (670) صفحة من القطع الكبير، صدر حديثاً عن مطابع دار الأديب في عمان-الأردن، وموثق بعشرات الصور التأريخية.
الحلقة 22
الفصل العاشر
تطوير مدينة بغداد في ثمانينات القرن العشرين
التكليف بمهام تطوير بغداد ، الحرب العراقية الإيرانية والانغماس في مشاريع الأمانة، رفعة الجادرجي ومهمة تطوير بغداد , مرض زوجتي سعاد في فترة الحرب، الحرب العراقية الإيرانية هرب الشركات من ساحات الحرب ، تسلم مهمة معاون أمين العاصمة ، مشاريع شارع حيفا ، منظومات الإشراف على المشاريع ، مكتب تنسيق شارع حيفا ، عبد الحسين الشيخ علي اميناً للعاصمة
مكتب تنسيق أعمال شارع حيفا
اخترت اسلوبا للعمل ، لتكون جميع اعمال المشاريع مرتبطة بي مباشرة ، ويساعدني في ذلك ، مهندس اقدم لكل عدد من المشاريع . فاعتمدت صديقي وزميلي المهندس رشيد الدبيسي مساعدا لي كرئيس لقسم التنفيذ ومسؤول مشروع السيدية لخبرته الطويلة باعمال الامانة الهندسية ولثقتي الكبيرة به . كما كان سلام عسكر يساعدني في اعمال مشروع شارع حيفا ، ويوسف العاني في اعمال الاسواق وآخرين . كان هدفي من هذا الاسلوب هو جعل مهندسي معاونية الانشاءات القدامى مسؤولين عن الاشراف معي ، وان يتعرفوا على اسلوب التعامل مع الاستشاريين والمقاولين العالميين .
عمل معي في الدائرة اثنان من اكفأ مساحي الكميات العالميين من كبريات المختصين البريطانيين ، وكان واجبهم هو النظر في كل القضايا التعاقدية ، ومعرفة كيفية تطبيقها مع بنود المقاولات والنظر في امر كل خلاف يحدث مع المقاولين في الموقع ، ومهندسي الاشراف او مساحي الكميات في المواقع . اما مهندسو الخدمات فقد كان لدي مختصون في هذه الاعمال يكون واجبهم النظر في مسيرة اعمال الخدمات في المشاريع ، ومحاولة التنسيق بين الاعمال .
كانت التصاميم والمخططات قد وضعت من قبل مقاولين عالميين من مختلف دول العالم ، فان كل هؤلاء يعتمدون في تصاميمهم المواصفات التقنية المعتمدة في بلدانهم . وهذا يعني ان النتيجة النهائية لعمارات شارع حيفا مثلاً ، سيكون استخدام معدات ومواد كهربائية وصحية وخدمية واجهزة تكييف وغيرها من مواد كهربائية وميكانيكية والكترونية من مناشئ عديدة ، قد تكون من ثمانية مناشئ مختلفة لوجود ثمانية مقاولين من دول مختلفة . هذا الموضوع غير مقبول ، فحاولت عن طريق مكاتب التنسيق ، توحيد مواصفات هذه المواد قدر المستطاع لتسهيل الحصول عليها وعلى موادها الاحتياطية من الاسواق المحلية او استيرادها بسهولة .
حاولت كذلك توحيد مواصفات المصاعد ، لتكون قريبة من المناشئ المستعملة في العراق . ولما كانت هناك 77 عمارة في شارع حيفا وحده ، فقد وجهت ان يكون على الاقل في كل عمارة مصعد واحد للخدمات والاثقال وشتى الاستخدامات . لقد كان موضوع التنسيق وتوحيد استعمال بعض المواد من الاهمية بمكان في ذلك الوقت . خلال فترة ثلاثة اشهر من بدء التنفيذ ، وفي كل مشروع من مشاريعنا ، طلبت من جميع المقاولين ان يقدموا نماذج للمواد الانشائية والمواد والمعدات الكهربائية والمواد الصحية ومواد التكييف ، وتخصص غرفة كبيرة (معرض او متحف) في دوائر المهندسين المقيمين لعرض هذه المواد ويكتب تحتها مواصفاتها بوجب العقد . بعد اكمال هذه المعارض كنت اقوم بزيارتها ومعي المهندسون المعنيون بالمشروع ، وممثلو الاستشاريين والمقاولون ، لدراسة مطابقة تلك المواد لنصوص المقاولات .وبعد اقرارها يكون المعرض مفتوحا لكل العاملين في المشروع او زواره .
كان على اجهزة الاشراف على المشاريع ان تقدم اليّ تقاريرَ شهرية ، تبين مدى مطابقة العمل وتقدمه مع المنهج المتفق عليه . كنا ندقق هذه التقارير ونبحث مع واضعيها ، لمساعدة المهندسين المقيمين في اتخاذ القرارات لمواكبة منهاج التنفيذ مع المنهاج الزمني المتفق عليه . كان لي منهج اسبوعي ونصف شهري لزيارة المشاريع ومتابعتها ميدانيا ، ودراسة تقدم الاعمال في المواقع مع الاستشاريين والمقاولين .
كانت اجتماعاتي في جزيرة بغداد ، تتطلب مدة طويلة ، لسعة الاعمال وتشعب الجوانب الفنية . كانت معظم مشاكل المشروع متأتية من المهندس المقيم ، وهو المهندس المعماري خالد السامرائي ، اذ كان شكوكا ويتخوف من المسؤولية . وكنت اشعر في اول الامر انه لقلة المهندسين المساعدين معه ، يعمل في دائرته الصغيرة لساعات طويلة ، ويستمع باهتمام الى اذاعة امانة العاصمة الداخلية من سيارته ، لئلا يناديه امين العاصمة فيتأخر بإجابته ، وعليه ان يثبت في كل وقت انه في موقع المشروع ! . وفي الوقت نفسه لا يعرف ماذا يعمل على وجه التحديد لعدم توفر الوقت الكافي لديه. اذهب في الساعة العاشرة صباحا بعد زيارة بعض المشاريع الصغيرة الى موقع مشروع الجزيرة ، فابقى هناك واتناول طعام الغداء ، واكمل عملي فيه الى مابعد العصر . كان يحضر الاجتماعات مدراء الشركة ومهندسوها ومهندسونا ، ومساحو الكميات ، فتعرض عليّ كل القضايا التي تحتاج الى مصادقة.
اتصل بي صباح احد الايام الاستاذ طارق عزيز وكان مسؤولاً عن ترتيبات مؤتمر القمة لدول عدم الانحياز وانجازها في مواعيدها وقال انه تقرر عقد دعوة عشاء في جزيرة بغداد في مساء اليوم الاول ويود ان يحضر الى الجزيرة للاطلاع على الموقع ومنهاج العمل وتناول وجبة الغداء هناك . رحبت به وبالفكرة وتمنيت ان تكون قريباً .الا انه تدارك وقال انه لن يحضر مالم يكن هناك نوع جيد من النبيذ الاحمر مع الغداء … اكدت له ذلك وأيدته بأهمية وضرورة الشراب الاحمر في مناسبة كهذه.
حضر الاستاذ طارق عزيز مع زميلي وصديقي عدنان الربيعي وهو الخبير في اعمال المصايف والسياحة … وبعد التعرف على مسؤولي المقاول الفنلندي واطلاعهما على منهاج العمل وتقديم التوصيات والملاحظات التي رجوا ان نأخذها بنظر الاعتبار ..تمتعنا جميعاً بوجبه الغداء والشراب الفنلندي المتميز .
اعطيت اهمية لهذا المشروع ، ولإكماله قبل انعقاد مؤتمر دول عدم الانحياز في بغداد وتحقيق دعوة العشاء . لذا تقدم المقاول بقائمة طويلة لزيادة الاسعار للعديد من الفقرات للابنية الواجب انجازها بوقت اقل من المدة المحددة في المقاولة . وبعد نحو سنة ونصف من ذلك وقبل اشهر من التاريخ المحدد للمؤتمر ، ابلغنا المقاول بالغاء ذلك الموعد وانهاء قرار انعقاد مؤتمر عدم الانحياز في بغداد ، وبإمكانه الاستمرار بالاعمال بموجب العقد الاصلي . مما احدث ارباكا في الحسابات ، الا اني تمكنت من تلافي ذلك بالتعاون مع مساحي الكميات الاكفاء العاملين معي ، وكفاءة الشركة في ادارة المشروع .
اما اجتماعات نصب الشهيد ، فكانت تستغرق ساعات طويلة ايضا ، بسبب كون المهندسين اليابانيين يمتازون بتعدد التخصصات وعدم صلاحية مدير المشروع من التحدث نيابة عن الاخرين في مشروعه . ويحضر الاجتماعات ما لايقل عن ثلاثين مهندسا ومختصا من جانب المقاول ، وعدد من مهندسي الامانة برئاستي ، اضافة الى المهندس المقيم وممثل الاستشاري المعماري (سامان كمال او سعد الزبيدي او وجدان ماهر ) ، واحيانا كان الفنان اسماعيل فتاح .
حرص ( مكتب تنسيق اعمال شارع حيفا ) على الاشراف ليلا ونهارا على اعمال مشاريع الشارع الثمانية لكون معظم مقاولي المشروع كانوا يعملون 24 ساعة يومياً . مما سهل علينا عقد اجتماعات مسائية في الموقع اعطاء التوجيهات واتخاذ القرارات اللازمة لاستمرار العمل وتقدمه . كما ان معاذ الالوسي تفرغ وفريق عمل من كبار المهندسين والمختصين من ذوي الخبرة بشكل كامل ، لمتابعة الاعمال وتنسيق مساراتها . ورغم سعة المشروع وتعدد اطرافه ومقاوليه ، فقد كان بإمكان جهات الاشراف تذليل العقبات والصعوبات ان وجدت ، في موقع العمل من اي جزء المشروع مع جهاز الاشراف في دائرة المهندس المقيم او في مكتب التنسيق.
لقد كنت اشعر بسعادة غامرة وانا اتجول بين مشاريع تطوير بغداد ، لسير الاعمال وفق الخطط الموضوعة ، وسيطرتنا الكاملة عليها . كانت جميع الاعمال تسير بصورة نموذجية . كما كانت سعادتي اكثر وانا ارى جميع مهندسينا وعمالنا وباقي العاملين من استشاريين ومقاولين يعملون بكل طاقاتهم بجد واخلاص . ولم تكن لدينا مشاكل فنية في مشاريع امانة العاصمة لم نستطع ايجاد الحلول لها ، لا من الناحية الادارية ولا من الناحية المالية ، بل كانت مشاكلنا محصورة فقط في الحصول على الموافقات الحكومية ، بسبب كثرة الاعمال في العراق في تلك الفترة . ومن ذلك الموافقات الامنية لاستخدام اجهزة الاتصال والمخاطبة .
خصصنا مساحات واسعة لتكون معسكرات وقواعد خلفية للمقاولين بين جسر المثنى وطريق سامراء في شمال الكاظمية ، للخزن وسكن العمال . وبامكان اي مقاول ان يستفيد من ارض مساحتها زهاء عشرة دونمات كقاعدة خلفية لمشروعه . وقد شيدت هناك معظم معامل الكونكريت مسبق الصنع لمقاولي شارع حيفا . عند تجوالي في المواقع تلك كنت الاحظ التخطيط الجيد لبعض المقاولين في انشاء القواعد الخلفية التي تضم مناطق الادارة والخزن وورشة الاليات وقاعات سكن العمال والمطاعم والحوانيت . كان لدينا يومذاك نحو 80 الف عامل يعمل في شارع حيفا يسكنون تلك المنطقة .
عند التحدث مع مدير شركة هيونداي الكورية حول ساعات عمل العمال ، علمت ان شركته تتعاقد مع العمال في كوريا الجنوبية للحضور الى العراق للعمل ، على ان تكون ساعات العمل من الساعة السادسة صباحا الى السادسة مساء ، تتخللها ساعة واحدة لتناول الطعام والراحة . وبعدها تبدأ وجبة المساء بنفس التوقيتات ، ويستحق العامل يوم واحد عطلة كل اسبوعين للراحة . وبموجب الاتفاق مع العمال تحول مستحقاتهم كاملة الى عوائلهم في كوريا . اما اجور الاعمال الاضافية وهي 4 ساعات يوميا ، فتسلم للعامل بعد انتهاء العقد معه ومغادرته للتمتع بها خلال اجازته .
في مناسبات انتهاء عمل معين او مناسبة مهمة في المشروع ، كان بعض المقاولين يقيم احتفالا كبيرا في معسكره .وعند دعوتي كنت لا اتردد من حضور هذه الاحتفالات ، من منطلق التواصل الاجتماعي بين مسؤولي الامانة والمهندسين الاستشاريين والجهاز الاداري والفني لدى المقاولين . وكنت اطلب من جميع مهندسينا المشرفين والعاملين معي الحضور الى هذه الدعوات احتراما للمناسبة وتقديرا لمقيميها ، وللقاء هذه المجموعات من المهندسين وعوائلهم في حفلة اجتماعية خارج الارتباطات الرسمية . وقد خلقت هذه الدعوات علاقة جيدة بين العاملين كافة .
****
تعيين عبد الحسين شيخ علي أميناً للعاصمة (1/7/1982 – 10/1/1983)
كانت زيارات امين العاصمة سمير الشيخلي الى مشاريع الامانة ودوائر الامانة الاخرى مستمرة ومنتظمة . الا اني كنت اراه ينظر الى مشاريع دائرة الانشاءات نظرة خاصة ، لتميزها وسعة الكوادر المسؤولة عنها . اعلمني احد زملائي بان سمير الشيخلي قد انتخب ليكون عضوا في القيادة القطرية لحزب البعث ، وان ذلك سيحتم عليه التفرغ التام للعمل الحزبي ، ولعله سيترك منصب امين العاصمة ، مما يتطلب تعيين امين جديد . بقي هذا الامر متداولا بين موظفي الامانة لعدة ايام . فقد كان البعض من يربط مسيرته الوظيفية ووجود امين بعينه !
لسعة اعمال شركة هيونداي الكورية في العراق ، حضر في نهاية حزيران 1982 الى العراق رئيس مجلس ادارة شركة هايونداي المستر(Li). لزيارة اعمال شركته في بغداد . طلب مني امين العاصمة ان اقيم دعوة عشاء باسم الامانة تكريما لهذا الضيف . اقيمت الدعوة على احدى العوامات النهرية ، وحضرها كبار موظفي الامانة ومنهم وكيل الامانة عبد الحسين الشيخ علي . وخلال الاحاديث المختلفة عن اعمال شركة هيونداي على المستوى العالمي ، ابلغني كمال البصام مدير الادارة آنئذٍ ان عبد الحسين الشيخ علي هو الذي سيحل محل سمير الشيخلي في منصب امين العاصمة .
اعلمت الشيخ علي بما سمعته الذي كان جالساً الى جانبي ، فشعرت وكأنه لم يدر بخلده انه سيكون امينا للعاصمة في هذه الفترة القصيرة . اعتقدت بان هذا التعيين بسبب ترشيح الشيخلي في قيادة الحزب ، وان سميرا في تعيين الشيخ علي في هذا التعيين لانه قد تكون لغير عبد الحسين في تلك الفترة نظرة تختلف عن نظرته نحو تطوير بغداد ، مما سيؤخر الاعمال او نحو ذلك . انتهت سهرتنا مع رئيس شركة هيونداي وخرجنا فرحين ، الا ان عبد الحسين الشيخ علي كما اتوقع لم يستطع تقدير حجم المسؤولية التي القيت على عاتقه تلك الليلة .
استمرت الاعمال خلال فترة بقاء عبد الحسين الشيخ علي امينا للعاصمة كما خططنا لها ، بل ساعدنا هو كثيرا على تذليل العديد من المشاكل التي واجهتنا بين فترة واخرى . وكان عليّ ان اشرح له تفاصيل الاعمال بصفته مهندسا استشاريا عمل في مكتب هشام منير ، وعمل لسنوات مديرا للمركز القومي للاستشارات الهندسية ، وله خبرة جيدة في ادارة الاعمال واستراتيجية الاتصالات مع المسؤولين الكبار في الدولة . غير ان علاقاته لم تكن جيدة مع رؤساء دوائر امانة العاصمة ، بل كانت متقلبة وغير مستقرة . من مسؤولي الامانة الذين اختلفوا مع الشيخ علي وكيل الامانة السيد كمال البصام ، اذ كان هذا مسؤولا حزبيا ويرغب احيانا بتوجيه بعض اعمال الامانة التي لها صلة بالمواطنين في بغداد ، لفائدة دوائر الحزب او اعضاء الحزب ، مما لا يرق لأمين العاصمة . كان الشيخ علي يسرني ببعض الصعوبات التي يواجهها في عمله لكونه غير حزبي ، كما كان البصام يسرني هو الآخر ببعض ما يختلف به مع الامين .
ادى الخلاف بينهما في احدى المرات الى ان يستشير الامين رئاسة الجمهورية بامر استقالته من منصبه ، الا ان الرئاسة اجابته بانه لايجوز لاي مسؤول في الدولة ان يستقيل من منصبه . ومن جهة اخرى كان البصام لايتردد في بث الاقاويل ضد عبد الحسين الشيخ علي ، التي لا اعرفها ولا اعتقد بها .
ظهر خلاف خفي من ناحية اخرى بين عبد الحسين الشيخ علي وسمير الشيخلي ، اذ كان الاخير ، وهو الذي رشح الشيخ علي لمنصب الامين ، قد طلب قبل مغادرته امانة العاصمة ، ان يصدر قرار من مجلس الامانة بتقديم هدية تكريمية للامين السابق ، هي مزرعة على نهر دجلة مساحتها نحو عشرة دونمات بالقرب من جامعة بغداد ، تقديرا لخدماته لمدينة بغداد . الا ان الشيخ علي لم يكن راغبا في ذلك او متخوفاً منه ، وقال له انه كان بامكانه الحصول على مبتغاه عندما كان امينا للعاصمة . شعر الشيخلي بان هذا الرفض نكران للجميل وقلة تقدير . وهكذا ساءت العلاقة بين الامينين السابق واللاحق .
استمرت العلاقة السيئة بين الاثنين ، واخذ عبد الحسين الشيخ علي يشعر بأن الامور انقلبت ضده ، وخاصة بعد تاييد كمال البصام للشيخلي . ولم يستمر الامر طويلا اذ صدر القرار بتنسيب سمير الشيخلي مشرفا على اعمال امانة العاصمة ، مما يعني ان رئاسة الجمهورية غير راضية عن عمل الشيخ علي . في نهاية الصراع صدر مرسومٌ جمهوري بنقل عبد الحسين الشيخ علي الى منصب وكيل وزير الحكم المحلي وهذا يبين بوضوح عدم رضى الرئيس عنه ، وفي الوقت نفسه صدر امر رئاسة الجمهورية بتسجيل ملكية المزرعة المذكورة باسم سمير الشيخلي .
في الفصول القادمة من هذه المذكرات اشرح بشكل تفصيلي عملي على المشاريع الرئيسية واهم الاحداث والتحديات التي واجهتنا اكمالا لفائدة القارئ على تفاصيل مشاريع رئيسية في بغداد .

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة