همام السليم
كاتب وباحث عراقي
بعد ان تحررت الموصل فإنها ستواجه تحديات اجتماعية انتقالية تتمثل بإعادة الثقة بالمواطن الموصلي ومد جسور التواصل والمحبة بينه وبين اخيه المواطن العراقي، وهذا الامر يتم معالجته من خلال الشباب واعمالهم التوعوية واندفاعهم لنقل رسائل ايجابية من الموصل الى بقية المحافظات والعكس صحيح، وقد تم ذلك فعلا من خلال عدة حملات لشباب مدنيين لعل اهمها مبادرة (#هلا_بيكم) التي نقلت (100) شاب موصلي من الموصل الى مدينة العمارة الجنوبية مروراً بالعاصمة بغداد لتبادل رسائل السلام والمحبة ونقل صورة ايجابية عن اهل الموصل والتعبير عن شكرهم لتضحيات اخوتهم من محافظات العراق المختلفة، وتكررت المبادرة ذاتها الى محافظة كربلاء المقدسة في شهر رمضان المبارك، فرد عليها ابناء بغداد والمحافظات بحملة (#العيد_في_الموصل ) او ( #قافلة_العيد_في_الموصل ) بنقل شباب من بغداد والمحافظات الى مدينة الموصل للاحتفال في العيد بالموصل وقد استقبلهم اهالي الموصل بالأفراح والدموع ، ثم تكررت القافلة باسم ( #قافلة_الحرية ) لنقل شباب من الموصل مع نخبة من اساتذة كلية العلوم السياسية بجامعة الموصل الى بغداد ثم النجف لزيارة مقبرة السلام فيها وسيما مقابر شهداء معارك تحرير الموصل وقراءة الفاتحة على ارواحهم ووضع الزهور على قبورهم والامتنان لتضحياتهم في رسالة ايجابية كبيرة تعبر عن شكر اهالي الموصل لتلك التضحيات، وسوف تتكرر مبادرات اخرى من هذا النوع مستقبلاً منها مهرجان القراءة الأول في الموصل.
الايتام والارامل والمسنون
ومن التحديات الاجتماعية التي ستواجه المدينة ملف الاطفال الايتام الذين تم الزواج بين ابويهما خلال مرحلة سقوط المدينة بيد داعش من دون ان يسجل زواجهما في محكمة رسمية ودائرة النفوس ، فكيف سيتم التعامل مع هؤلاء الاطفال ؟ وكيف يثبت زواج الام بأب متوفى وكيف يمنح الطفل حقه بالجنسية وغيرها ؟ هذا بالنسبة للطفل من اب مدني بريء توفي طبيعياً او استشهد على يد عصابات داعش او خلال العمليات العسكرية للتحرير، بينما سيواجه المجتمع حالات لاطفال الدواعش المحليين او الاجانب والذين لم سيجل زواجهم سابقاً فهل يمنح جنسية ؟ كيف سيتعامل معه المجتمع ؟ واين سيتم ايواؤهم ؟ هنا لا بد من فتح دور الايتام وتركيز الضوء على هذا الملف بالتنسيق مع وزارة الداخلية وغيرها.
اجتماعياً سنكون امام حالات كثيرة للأرامل والمسنين والعجزة ممن لا معين لهم فكيف سيتم التعامل معهم ؟؟ وهنا ندعو لإعادة افتتاح دور المسنين وتوسيع المستفيدين من شبكتي الحماية والرعاية الاجتماعية.
التعامل مع عائلات الدواعش
ومن التحديات الاجتماعية المهمة مستقبلاً والتي تتداخل مع التحديات الأمنية هو ملف التعامل مع عائلات الدواعش فهل سيتم عزلهم في مخيمات خاصة ونبذهم كما يدعو لذلك البعض ؟ ام سيتم تركهم في مناطقهم للعيش مع عائلات ضحايا داعش ؟ هنا فإننا نؤيد عزلهم مؤقتاً في مخيمات خاصة على ان يتم تثقيفهم واعادة تأهيلهم وخاصة اطفالهم وتلقينهم قيم المحبة والسلام والتعايش السلمي والقبول بالأخر والايمان بالتعدد وعدم تكفير الاخر او الغائه تمهيداً لإعادة دمجهم بالمجتمع؛ لأن نفيهم وعزلهم دون رعاية سيولد جيلا جديدا من الارهاب بسبب حقدهم على الحكومة التي عاقبتهم والمجتمع الذي نفاهم وهذا تحد اجتماعي وامني مستقبلي، لأننا سنوفر مكانا وبيئة مناسبة نجمع فيها كل عائلات الدواعش المؤمنين بعمل ابنائهم وبالتالي سهولة التواصل فما بينهم والتأثير في بعضهم البعض والتخطيط لأعمال ارهابية مستقبلية فضلاً عن دفع العائلات غير المؤيدة لعمل ابنائه سابقاً نحو الارهاب مستقبلاً بسبب عقابهم الجماعي ، ومن جهة اخرى فأن ابقاءهم (عائلات الدواعش) خلال هذه المرحلة الانتقالية والعيش مع عائلات ضحايا داعش هو ايضا سيشكل تحديا امنيا آنيا ولذا نؤيد عزلهم مؤقتا واعادة دمجهم مستقبلاً.
الطائفية بين المكونات
ستواجه المدينة تحديات اجتماعية تتمثل بالطائفية المناطقية والدينية والعرقية بين المكونات، منها الخلاف الازلي بين (الحضر والريف) والعزف من قبل بعض القوى السياسية على هذا الوتر والتميز بين (المصلاوي والقروي ) ودق اسفين الطائفية والاتهام المتبادل بينها، والفتنة والتسقيط المنتشر حاليا بين النازحين والمقيمين عبر بعض صفحات الفيس بوك المدفوعة الثمن، فضلاً عن الفتنة الطائفية واعادة الثقة بين مكونات المحافظة الدينية والقومية والعرقية، وهنا ندعو شبابنا الى التصدي لهذه السياسات الطائفية والتركيز على المواطنة وتغليب هوية نينوى على الهويات الفرعية وان نعيش اخوة متحابين متساوين في الحقوق والواجبات، الأمر ذاته ينسحب على ابناء المكونات الدينية والعرقية في محافظة نينوى والموصل خاصة وان نسهم في تشجيع اخوتنا المسيح والايزيدين والكرد والشبك وغيرهم من المكونات بالعودة الى مدنهم وقراهم وبيوتهم واعادة الثقة بين مكونات الموصل والتعايش السلمي بينها واعادة بث الروح في فسيفساء الموصل الجميلة الاولون المتعددة المكونات المتعايشة فيما بينها والمساواة في الحقوق والواجبات.