في الطريق الى الهاوية

لا شيء يشير الى ان القوم يدركون نوع الجحيم الذي ينتظرهم مع هذه العقائد والقيم التي تقدس القتل وانتهاك كرامة وحقوق من حاولت شرائع الارض والسماء تكريمه. فالعراق وبالرغم من هول المآسي والمحن التي عاشها سكانه من مختلف الرطانات والأزياء في العقود الأخيرة، والتي ازدادت شدة وقسوة بعد زوال “جمهورية الخوف” ما زال اسيراً لسطوة المخلوقات المذعورة والمتسترة بمختلف الذرائع والشماعات وخاصة الدينية والشوفينية منها لمواصلة مشوار الخراب والضياع الشامل الذي لا يكف عن اجهاض اية محاولة لانتشال مشحوفنا المشترك من المستنقعات النتنة المنحدر اليها .

لقد حذرنا منذ اللحظة التي سقط فيها مارشال الاصنام في ساحة الفردوس؛ من مخاطر تسلل هذا الحطام من البيارغ والبشر الى حيث المفاصل الحيوية للمجتمع والدولة، واشرنا الى الدروب المجربة والممارسات والسلوك البديل لما كان زمن النظام المباد، الى حيث الملاكات المؤهلة والشجاعة والمسلحة بمنظومة القيم الحداثوية العابرة للعقائد الصدئة المثقلة بثارات القرون السالفة. الى حيث الملاكات المترعة بروح الايثار والابتكار لاعادة بناء العراق الفيدرالي التعددي والذي يضع فيه الانسان المناسب في المكان المناسب بعيداً عن سكراب تعويذة (الولاء والبراء) الكفيلة بنحر أجمل الاوطان واكثرها ثراء مادياً وروحياً.

اليوم لم يعد الانكار مجدياً، فلقد وضعتم كل امكانات هذا الوطن المنكوب، بيد المخلوقات الاشد ذعراً وفتكاً، وهاهم اليوم في كل مكان، يبسطون هيمنتهم على مقاليد الامور في جميع المتاريس والخنادق المتنازعة، ينفذون ما يحلو لهم من دون أي رادع أو قانون ينتصر لكرامة وحق المستضعفين في العراق كبشر مثل سائر الامم التي اكرمتها الاقدار بتشريعات ودول، لا عصابات واشقياء وجماعات للاجرام المنظم تحت ذرائع الانتصار لشرائع السماء وتحقيق الفضيلة والتقوى ببحار من الدمار والدماء. لقد فات الوقت على عطابات الحلول الترقيعية كي تنتشلنا من الهاوية التي تنتظرنا عند نهاية هذا الطريق، ولم يعد غير القرارات والتحولات المؤلمة والشجاعة من بمقدورها وضع حد لهذا الانحطاط والتدهور الشامل الذي نعيشه اليوم على مختلف الجبهات السياسية والعسكرية والقيمية، قرارات ننتزع السلاح والقرار فيها من العصابات والميليشيات والمجاميع المسلحة، وتعيده الى حيث الجهاز الشرعي الوحيد للعنف المنظم أي الدولة، حيث المؤسسة الاخطبوطية العابرة لكل انواع “الهويات القاتلة” والمسؤولة عن ترسيخ الهوية الانسانية الجامعة لسكان أحد أقدم الاوطان في هذا العالم الذي تحول الى قرية زمن غفلة التشرذم، حيث نحن الآن قاب قوسين أو أدنى من لحظة انتقالنا الى جوف هاوية لا يعرف قعرها الا الله والراسخون بعلم انقراض الامم.

جمال جصاني  

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة