عن المحكمة الاتحادية العليا (مناصب كركوك)

بالعودة مرة أخرى إلى كركوك، فقد عالجت المحكمة الاتحادية العليا في قرار سابق حمل الرقم (24/ اتحادية/ 2013) موضوع يتمتع باهمية وخصوصية كبيرة المتمثل بآلية تقاسم المناصب الادارية والامنية العليا في المحافظة والمنصوص عليها في قانون مجالس المحافظات رقم (36) لسنة 2008.
حيث تم الطعن بفقرتين من المادة (23) من القانون المذكور فقد نصت الاولى منها على أن تجرى انتخابات محافظة كركوك والاقضية والنواحي التابعة لها بعد تنفيذ تقاسم السلطة الادارية والامنية في الوظائف العامة بما فيها منصب رئيس مجلس المحافظة والمحافظ ونائب المحافظ بين مكونات محافظة كركوك بنسب متساوية بين المكونات الرئيسة في المحافظة.
واعطت تلك الفقرة الخيار لـ «المكون ذي الاغلبية في مجلس المحافظة باختيار احد ثلاثة مناصب المحافظ أو نائب المحافظ أو رئيس مجلس المحافظة».
والمحكمة الاتحادية العليا وبعد استقراء النص القانوني والرجوع إلى النصوص الدستورية ذات العلاقة وجدت أن الزام تقاسم السلطات الادارية والامنية والوظائف العامة بين المكونات الرئيسة بالتساوي من شأنه أن يفوت الفرصة وحرمان من لم يكن ضمن المكونات (الرئيسة) بتلك الوظائف.
ويمكن التوصل إلى الموقف الصحيح وقصد المشرع الدستوري من خلال الاطلاع على المادة (16) من الدستور العراقي التي نصت على «تكافؤ الفرص حق مكفول لجميع العراقيين وتكفل الدولة اتخاذ الاجراءات المطلوبة لتحقيق ذلك».
ومن هذا المنطلق وجدت المحكمة الاتجادية العليا أن الفقرتين المطعون بهما تخالفان احكام المادة (16) من الدستور.
وفي جانب اخر، فأن نص المكونات الرئيسة، بحسب توجهات القضاء الدستوري ينطوي على ابهام، حيث لم يحدد هذه المكونات وكيفة بيانها عن سواها من المكونات، كما أنه يتعارض مع احكام المادة (14) من الدستور التي تنص «العراقيون متساوون أمام القانون من دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الاصل أو اللون أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي».
أضافة إلى ما تقدم فان محافظة كركوك لم يجر فيها احصاء سكاني ولم يتم معرفة عدد السكان لكل مكون في المحافظة حتى الان.
وأزاء ذلك ذهبت المحكمة الاتحادية العليا إلى الحكم بعدم دستورية الفقرة الاولى المتقدم ذكرها، وهذا الامر أنسحب ايضاً إلى الفقرة الثانية التي نصت في مقدمتها على «تشكيل لجنة تتكون من ممثلين اثنين من كل مكون من مكونات محافظة كركوك الرئيسة الثلاثة..».
أن ذلك الحصر بحسب قرار المحكمة الاتحادية العليا بالرقم (24/ اتحادية/ 2013) لا يحقق تكافؤ الفرص أمام مواطني كركوك الذي كفلته المادة (16) من الدستور آنفة الذكر.
مع ملاحظة أن قرار المحكمة الاتحادية العليا بهذا الشأن أكد في نهايته على عدم جواز سن قانون يتعارض مع الحقوق والحريات الاساسية الواردة في الدستور.
إياس الساموك

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة