العشائر والعشائرية

مرة اخرى تجري المياه متدفقة في اقنية موضوع العشائر، وهذه المرة على ثلاثة مسارات، الاول، باتجاه محاصيل الانتخابات المقبلة واستقطاب وشراء وضمان الاصوات، والثاني لجهة تجريد المشروع الارهابي من حاضناته واغلاق معابر العودة بالنسبة للمنخرطين في تنظيم داعش من ابناء العشائر، والثالث، نزع فتيل التوتر والخصومات والعداوات بين العشائر المتجاورة والمتداخلة على خلفيات تتصل بالصراع السياسي والولاءات أو باعمال تهريب واستحواذ على السلطة وحماية المطلوبين، ولم تظهر بوادر للتقرب من دائرة الحلول للمشكلات المتفاقمة بين بعض العشائر والحيلولة دون اهدار المزيد من الدماء ومنع توسيع رقعة المواجهات المسلحة وبناء شبكة علاقات سليمة وضامنة بين العشائر، لأن غالبية المحاولات انطلقت من الاهابات وتطييب الخواطر وبوس اللحى، أو من تقاسم واعادة بناء النفوذ والمصالح اللاشرعية، في حين نال الالتزام بالقوانين واحترام الدولة والقضاء اهتماما شكليا وغير ذي اثر في الواقع.
معروف ان العشيرة العراقية تشظت مع تصاعد الصراع السياسي(والطائفي) على السلطة، او السقوط في شرك «ثورة العشائر» الكارثية الى وحدات فئوية طبقا لولاء شيوخها ووجهائها والاجندة التي يجري ترجمتها الى اعمال عنف، ولم تشهد هذه السنوات فعالية موحدة لعشيرة من العشائر باستثناء لقاءات بين فروعها وشيوخها بالمناسبات الدينية او خلال المواساة للضحايا او في حال تبادل التهاني بالافراح المعروفة، وقد تراجعت هذه المظاهر شيئا فشيئا واقتصرت على «القرابة» فيما شهد العقد الاخير عسكرة العشيرة، على نطاق واسع.
ولم يغير من واقع الحال هذا ما تابعناه من مؤتمرات عديدة ودورية باسم العشائر توالى على تنظيمها ورعايتها اصحاب السلطة، او الكتل السياسية، بعضها باسم التعبئة لصالح مشروع سياسي، وبعضها الاخر باسم المصالحة الوطنية، والبعض الثالث تحت شعارات معارضة للحكم، الامر الذي ادى الى الاحتراب داخل العشائر نفسها غذته اطماع السياسيين وانانيتهم، من جهة، والاموال المتدفقة من دول اقليمية نافذة، من جهة اخرى.
الجديد في الحالة العشائرية، ان الصراع بين العشائر وفي داخل كل عشيرة، يتخذ الآن طابعا مناطقيا متداخلا وينحدر الى شكل من اشكال صراع المافيات، صاحبة القوة والمال والنفوذ، والاتباع والحراس ذوي البأس.
نعم للعشائر مكانة في الواقع المجتمعي العراقي، لكن دخولها في الصراعات السياسية، ثم صراعات النفوذ، اختزل تلك المكانة الى ورقة سرعان ما تقاذفتها الرياح وقذفت بها الى المجهول
*******
ابراهام لنكولن:
« انك تستطيع أن تخدع كل الناس بعض الوقت، أو بعض الناس كل الوقت، لكنك لا تستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت».
عبدالمنعم الأعسم

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة