بغداد – أحلام يوسف:
انها انثى طائر الفينيق.. التي خرجت من ركام رماد شكلته نار مأساتها باستشهاد ابنها البكر، لكنها استطاعت ان تحيل رمادها المستعر بشجاعتها وثقتها بقوتها الى تميمة، تشدها اليها لترمي بها فيما بعد خارج دائرة جمراته، والحزن الذي كاد ان ينقض عليها، لكنها امرأة عراقية حقيقية، انها حفيدة السومريين أسماء حسن، التي احالت حزنها الى شذرات كلمات، شرحت بها الواقع بكل تفاصيله، بحنكة أدبية رائعة، من خلال روايتها “لعينيك..حكاية- رواية حب في زمن الغياب.
تقول الكاتبة في اثناء حديثها في مقهى گهوة وكتاب الذي أقيمت جلسة توقيع روايتها فيه “لست اديبة، ولست دخيلة على الادب، انا عاشقة للحرف عاشقة للمفردة الثرة، اختلفت عن أمهات الشهداء فلم اترجم حزني دموعا فاختصرته كلمات، ذلك الحزن الخلاق الذي جعل احزاني تتجسد سطورا، الرواية تلامس الواقع بكل قسوة، قد يعترض احدكم ويقول لقد تعبنا من الواقع “فهناك من يبحث عن الخيال خلال قراءاته هربا من واقعه” وأقول إني لا اجيد التحليق في الخيال، الرواية، عن الحب في زمن الغياب، اتعرفون معنى الغياب؟ انه غياب القانون، والأمان، غياب النزاهة، وهناك سؤال مطروح في الرواية هل العقيدة اقوى من العشق وستجدون الإجابة عند قراءتكم لها.
أسماء حسن لم تختلف عن الكثير من العراقيين نساء ورجالا في زاوية ترجمتها للحزن فحسب، بل في تعاطيها مع المأساة التي لم يسلم منها عراقي، فهي لم تنقم على العراق، او تلومه مثل الكثير منا، بل هي تشكر عراقها الذي فجعت على ارضه بولدها، لأنها تجد ان كتابتها للرواية ما هي الا أحد ميزات الوطن الذي استطاع بأحداثه الدامية ان يحولها الى امرأة استثنائية، وتقول في ذلك بمقدمة الرواية: ” انا مدينة للعراق في كتابة هذه الرواية، فلولا احداثه الدامية ما كتبتها.. وطني ممتنة لكل هذا الكرم، ممتنة لأنك منحتني وجميع أمهات الشهداء قبورا، يرقد فيها مصطفى “ابنها الشهيد” ورفاقه، قبورا تذرف الدمع عندها، لعل الصحراء تنبت.. زهرا.
وكتب الشاعر والناقد الاكاديمي أ.د حمد محمود الدوخي على غلاف الكتاب: ان رواية “لعينيك..حكاية- رواية حب في زمن الغياب”، بعنوانها المألوف هذا، تمتلك صدقا خلاقا، نابعا من إحساس عال، يشعر بالمسؤولية إزاء ما حوله، اذ ارادت الرواية ان تقدم شهادة أدبية للحال الذي عليه البلد، من زاوية خاصة جدا، وبحيادية موضوعية، ابتعدت عن المداهنة، والتواطؤ، والمجاملة، لذا هي جديرة بالقراءة والانتباه، كونها وثيقة لواقع لا يمكن ان يُجتاز على مستوى التدوين حاضرا ومستقبلا.
تقع رواية “لعينيك..حكاية- رواية حب في زمن الغياب”، بنحو 260 صفحة. صدرت عن دار الزاوية للطباعة والنشر والتوزيع، وقام بتصميم العمل الفني كريم جبار، وكتبت أسماء حسن في مقدمة الكتاب كلمات شكر وعرفان لكل الأصدقاء الذين اسهموا بانتشالها من بئر الحزن، وشجعوها على البدء ومواصلة طريقها الادبي، واهداء كتبت فيه “مصطفى..لا شيء يوجعني بعد وجعك.. لقد شطرت القلب شطرين ..فاصطحبت افضلهما معك..احبك.. حتى نلتقي”.
حفل توقيع رواية حب في زمن الغياب في “قهوة وكتاب”
التعليقات مغلقة