احسان ناجي
هذه المرة، مع صغيرتهم.. كبيرتهم قطر، الخلايجة يلعبون لعبة «حصار» جديدة؛ هنا ثمة اشارة مبطنة على حصارهم.. قطيعتهم عراق ما بعد 2003 وما تلاها. والناس هناك يقولون ان المصالح الأميركية الآن بنت السيد ترامب لا تسمح ببروز حرب طاقوية في الشرق الأوسط، وأن ثمة توافقاً بين الدوائر المالية والاقتصادية العالمية على أن قطر هي منتجاً صغيراً للغاية للنفط الخام الأمر الذي لا يسمح لها بأن تكون مصدر إزعاج للسوق.
مسُ قطر التي «ترعى» أيضاً نحو 40 في المئة من واردات الغاز الكوري الجنوبي و17 في المئة لليابان ثالث أكبر اقتصاد بعد الولايات المتحدة والصين.. هذه التي تخشى الأنفوجراف الروسية ذكرها نسبة ما تصدره الدوحة من غاز وملحقاته الى بكين، مسّها لا يعدو سيناريو لترويض الأسواق على الأزمات.. لصالح شركات تنتج الكاربوهيدات بكلفة أعلى بكثير.
لعل رأسمالية الكوارث تصعد الآن على حساب اسقاط قطر نفطياً فهي تنتج نحو مليون برميل يومياً من الخام، الأمر الذي يصب في مصلحة مشروع منتجي النفط، في منظمة «أوبك» والمنتجين الآخرين خارجها، تخفيضهم الانتاج لرفع الأسعار عالمياً. ولشركات النفط الصخري الأميركية نصيب براغماتي من هذا المشروع؛ رفع الأسعار يعني أن أي فلس تتحصل عليه منتجة للنفط سيذهب الى جيوب شركات السلاح في حقبة حروب الكونية الثالثة، لتمتين علاقة المنتجين، عموماً، بـ «الدور الأممي في مكافحة الارهاب».
ألكسندر فرولوف المحلل المهم في شؤون الطاقة العالمية (ورد مقاله في الملحق/ من يريد الأزمة لقطر؟)، يقول ما ثيمته: «تدمير قطر سيصب في مصلحة شركات الغاز الأميركية والأسترالية التي ستدخل بقوة إلى أسواق الغاز وتجني الأرباح، وبخاصة الشركات الأسترالية». لكن فات على فرولوف أن قطر المنتجة لغاز الهليوم مرتفع الثمن جداً.. لاستعماله في مجالات الفضاء، الفيزياء التجريبية، التصوير بالرنين المغناطيسي وصناعة الأجهزة الإلكترونية وغيرها، بحسبه، لن تقف عند حصارها الخلايجي «الشقيقي التعاوني» حتى لو بيعت بحراً وأرضاً وسماءً وأساطيلاً وأنابيب غاز لمشتريها، فهي «دخيلة» أمد الدهر على عقود أوروبية وآسيوية، أما عقودها مع الصين العظمى بلا شك، فهي شفيعة بقاءها على خارطة الطاقة العالمية؛ هذه العقود أبرمتها دولة مع دولة أخرى. ولن تكون بكين مثلاً غير حجر عثرة حقيقي أمام اخراج الدوحة من السوق الغازي العالمي الأنسب.
ليس ثمة داع، هنا، لتحليل ميتافيزيقية قمة واشنطن ـ الرياض، فلقد كتب شرقيون وغربيون شهاداتهم عن الـ «ما وراء» من الصفقة تلك.
لكن، قبل حلول شتاء العام القابل 2018.. عندما ينذر «الفهرنهايتي» الغربي و»السليلوزي» الآسيوي بقدوم الزمهرير، سيكون هناك كلام خلايجي ـ دولي آخر عن غاز قطر.
وربما ستصدر قبائل «التعاون» ما تبقى من مأدبة خيمة التراضي الى الجنوب.