الصواب وغيره في زيارة العبادي للسعودية

الصواب في زيارة رئيس الوزراء حيدر العبادي الى السعودية في هذه الظروف الاقليمية المتوترة والتي تشهد استقطابات معقدة وتصدع متواصل في المحاور التقليدية وتشكيل محاورة جديدة انها تخدم مصلحة العراق وسيادته وحربه العادلة ضد الارهاب في ان ينأى بنفسه عن المحاور ويحتفظ، الى ذلك، بحق ابقاء الجسور مفتوحة مع الجميع اخذا بالاعتبار ان هذه الجسور ليست مغلقة نحو قطر التي تخوض صراعا مع جيرانها الخليجيين، ولا مع سوريا، والاهم، ان جسوره ناشطة باتجاه ايران، وقد نجح العبادي في ان يُضمن زيارته هذه رسالة فصيحة الى مراكز المحاور في المنطقة بوجوب التعامل مع العراق ليس بوصفه حليفا لأحد.
هذه قراءة لا ترجم بالغيب.. فان منتقدي الزيارة، وبشتى اللهجات والتأويلات، ومن جميع زوايا المعارضة لها يمنون النفس ان ينخرط العراق في المحور المناهض للرياض، ويحشدون الاسباب (بعضها صحيح طبعا) لجهة عدم الثقة بالسياسة السعودية، لافتين النظر الى سجل التدخلات السعودية في شؤون العراق، ولا يخفي بعضهم البُعد الطائفي في التجييش ضد الزيارة، علما، ان غالبية اطراف المحاور الاقليمية مارست التدخلات في الشؤون العراقية، واستضعفت قدرته في حماية حدوده، وقدمت اشكال الدعم للإرهابيين، وعملت على استعمال ارض العراق ساحات لتصفية الحساب مع بعضها، ومع القوى الدولية، وللاسف، بواسطة جماعات سياسية وطائفية عراقية، ولم تكن قطر بريئة من سلسلة الانشطة الارهابية الاجرامية التي عربدت في طول البلاد وعرضها.
الى ذلك فأن المراقبين رصدوا من شهور اشارات جديدة اطلقها الجانب السعودي عن استعداده لمراجعة سياساته ومواقفه من العراق، وكتب محللون دوليون آنذاك عن آفاق جديدة في العلاقات بين البلدين، وكانت زيارتا وزيري الخارجية والطاقة السعوديين الى بغداد عُدّت بمنزلة تدشين لمنهج سعودي جديد حيال العراق، وكان العبادي قد رد على ذلك بابداء حسن الظن، وفتح المسارات المتوقفة بين العاصمتين، وهذه آليات ومجسات معروفة في العلاقات الدولية، لا تستبعد الحذر ولا تراهن على التعهدات.. انظروا الى العلاقات بين واشنطن وموسكو او بينها وبكين.
اما غير الصواب في هذه الزيارة فانها تقتصر على التجارة والاستثمارات والعلاقات الاقتصادية بين الجانبين -اذا صح ما قيل عن اهدافها- فانه من المصلحة ان تشمل المباحثات قضايا المنطقة والحرب السورية والازمة بين السعودية وقطر، وستكون فرصة للتعبير عن حيادية العراق حيال المحاور وانتقاده لسياسات التجييش والتدخل، والتواطؤ مع الارهاب.
بعض النواب عدوا الزيارة خيانة.. فماذا سيقولون لو ان العبادي سلم الارض العراقية للطامعين؟.
****************
علي بن ابي طالب:
«اضْرِبْ بعضَ الرّأْيِ بِبَعْضٍ، يَتَوَلَّدْ مِنْهُ الصَّوَابُ»
عبدالمنعم الأعسم

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة