عادل عبد المهدي
وزير عراقي سابق
انتهت الجمعة الماضية اعمال قمة «منظمة شنغهاي للتعاون» في الاستانا عاصمة كازخستان. بمشاركة روسيا والصين وكازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان واوزبكستان. تم اقرار انضمام الهند وباكستان العضوين المراقبين السابقين. وتلت اجتماعات القمة اجتماع تحضره عادة الدول المراقبة، وهي افغانستان ومنغوليا وايران، وبيلاروسيا وتركيا كبلدان شريكة في الحوار. كانت ايران قد قدمت طلباً عام 2008 للحصول على العضوية الكاملة، وهو ما تحمست له الصين وروسيا، لكن طاجكستان تعارض منذ 2015 بدعوى دعم ايران لـ»حزب الصحوة الاسلامية» الطاجكستاني المعارض.
ركز الاجتماع الاخير على قضايا الامن والارهاب واوضاع الشرق الاوسط وسوريا والازمة الخليجية وايجاد عقيدة مشتركة لمحاربة التطرف. تؤكد المنظمة اهمية عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، ونجد افضل توصيف لمهام المنظمة في كلمة الرئيس الصيني «شي جين بينج» في قمة حزيران 2016 في طاشقند عاصمة اوزبكستان:
توحيد الجهود لمكافحة الارهاب والانفصالية والتطرف والجريمة المنظمة.
تعزيز التعاون في المجال الاقتصادي-التجاري والنقل والطاقة والبنية التحتية والزراعة والشؤون الانسانية.
بحث التحديات الامنية الدولية والاقليمية الجديدة وكيفية مواجهة المخاطر الناجمة عنها.
بحث علاقة منظمة شنغهاي بالمنظمات الاقليمية ومنظمة الامم المتحدة في بقية اطراف العالم.
قد تكون المنظمة رديفاً او بديلاً لـ»مجموعة الدول الثماني الاسلامية النامية» التي تاسست في1997 بمبادرة اربكان رئيس وزراء تركيا الاسبق والتي تضم حالياً مصر ونيجيريا وباكستان وايران واندونيسيا وماليزيا وتركيا وبنغلاديش والهادفة لدعم العلاقات الاقتصادية والاجتماعية بين دول المجموعة وتحسين موقفها في الاقتصاد العالمي.. وبرغم استمرار عمل واجتماعات المجموعة وانفتاح عضويتها لكل البلدان الاخرى، لكن المجموعة لم تشهد توسعاً فيها او فعالية كبيرة تميزها.. خصوصاً وان «منظمة شنغهاي للتعاون» تمثل اليوم عدداً من اكبر البلدان، وتمثل 44% من سكان الارض، وتمثل قوة امنية واقتصادية وتكنولوجية وتاريخية مشتركة طويلة.
نرى اهمية ان يدرس العراق طلب الانضمام. فالعراق بلد ينتمي لما يسمى بمنطقة اورواسيا، ويرتبط بعلاقات وثيقة بالدول العربية والاسلامية والاسيوية، وبالبلدان الاوروبية والافريقية وفي امريكا الشمالية والجنوبية واستراليا. ويستطيع ان يلعب دورا موازناً ومحورياً، خصوصاً ان جميع دول «منظمة شنغهاي للتعاون» لها علاقات تاريخية بالعراق من حيث علاقات الشعوب وثقافاتها وعقائدها وعاداتها وتقاليدها ومصالحها الاقتصادية والجغرافية والجيوبوليتيكية. فبغداد كانت «عاصمة» لعدد كبير منها، والتي تحمل بدورها مشاعر الاعتزاز بتلك الادوار والروابط التاريخية.
لاشك ان بعض مزايا هذه المنظمة تمثل في الوقت ذاته بعض السلبيات. فاختلاف الانظمة بقدر ما يطمئن ان الاتفاقية لا تسير بالبلدان في اتجاهات قسرية، كما تفعل بعض المنظمات الدولية بسبب غلبة وتعسف بعض القوى الكبيرة وفرضها قيمها ونظراتها على بقية الشركاء، لكن اختلاف الانظمة هذا قد يكون احد اسباب الضعف في فاعلية عمل المنظمة. برغم هذه الملاحظة وغيرها لكننا نرى ان انضمام العراق فيه من الايجابيات والفوائد اكثر بكثير مما فيه من المحاذير والسلبيات، سواء من حيث الانعكاسات داخل العراق او اقليمياً ودولياً. وهذا امر سيمنح للعراق امكانية لعب دور متزايد لاستثمار هذه العلاقات والروابط لمصلحة شعبه وشعوب المنطقة والسلم العالمي. بل يستطيع العراق عبر الوزن الجديد الذي سيتمتع به ان يلعب ادواراً اكبر في المنظمات الاقليمية والدولية كالجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي والمؤتمرات الاقليمية والامم المتحدة، اضافة لتوثيق علاقاته بالغرب وافريقيا على حد سواء. اذ نرى مستقبل العراق مرتبطاً بحسن تواصله مع فضاءاته الاقليمية كما كان تاريخياً. فهذه الفضاءات كانت وما زالت جزءاً من عوامل وحدته وقوته وشخصيته وامكانيات تطوره. وان انعزاله خلال العقود الاخيرة عن وسطه العربي والاسلامي والاسيوي والشرق اوسطي والمتوسطي-الاوروبي هو اكبر حصار يفرضه على نفسه. وان خروجه لعالمه وامتداداته يجب ان يكون جزءاً مهماً من سياسته الداخلية والخارجية، ومن ثقافة متأصلة لشعبه ونخبه وقواه السياسية، ليلعب دوراً محورياً لنفسه ولغيره، كما لعبه يوماً كـ»دار السلام» وكاحدى عواصم الدنيا ومن مراكز تقدمه وحضاراته.
أهمية انضمام العراق لمنظمة «شنغهاي»
التعليقات مغلقة