رأي بشأن اتفاقيات حكومة إقليم كردستان وشركة روس نفط الروسية

احمد موسى جياد
2ـ3

الاطار الثاني: اتفاقيات الرقع الاستكشافية ومشاريع البنى التحتية
اعلنت شركة روس نفط بانها، خلال مؤتمر سنت بيترسبرك الاقتصادي الدولي- روسيا، بداية حزيران 2017، قد وقعت مع حكومة الاقليم على مجموعة من الاتفاقيات بشأن «توسيع تعاونهما في استكشاف وانتاج الهايدروكاربونات، التجارة واللوجستكس (الاساسيات المساندة)» وحسب بيان الشركة فقد وقع الطرفان «اتفاقية استثمار التزما بموجبها تطوير تعاونهما في الاستكشاف والانتاج، الاتفاق على التفعيل النقدي (مونيتايزيشن) لانبوب التصدير في كردستان العراق، والدخول في عدد من اتفاقيات المشاركة في الانتاج» التي يبدو انها تتعلق بخمس رقع استكشافية ذات اهمية جيولوجية مهمة وغيرها بضمنها مجالات الغاز.
اضافة الى ذلك قال مستشار الاقليم بيوار خنسي ان «شركة روزنفط … ستسهم بمساعدة الاقليم في انشاء بعض المصافي » ولكن اعلان روزنفط لم يشرصراحة الى موضوع انشاء بعض المصافي.
في ضوء ماتقدم يمكن تسجيل الملاحظات التالية:
اولا: الغياب الشامل للشفافية.
كما هي الحال في عقد التجهيزات النفطية المشروطة بالدفع المسبق المذكور اعلاه لم يتم نش راو توفير اية معلومات عن مضامين او شروط او التوقيتات الزمنية او الاحكام التعاقدية وغيرها من الامور الاساسية الخاصة بهذه المجموعة من الاتفاقيات.
ثانيا:يوجد في الاقل اربعة انواع من الاتفاقيات: اتفاقية الاستثمار، اتفاقيات المشاركة في الانتاج الخاصة بالرقع الاستكشافية، الاتفاقية المتعلقة بانبوب التصدير واخيرا (ربما) اتفاقية تتعلق بالغاز. ولكن بسبب انعدام الشفافية يصعب تحديد وتحليل العلاقة بين هذه الاتفاقيات ان وجدت ام ان كل اتفاقية مستقلة عن غيرها.مثلا هل تسري احكام اتفاقية الاستثمار على بقية الاتفاقيات ام لا وفي هذه الحالة ماذا تغطي اتفاقية الاستثمار هذه مثل مشاريع البنى التحتية واللوجستكس والمصافي وغيرها ؟ وفيما يتعلق بالاتفاقية المتعلقة بانبوب التصدير هل هي اتفاقية ادارة ام تشغيل (كاملة ام مشتركة) ام تمويل ام مزيج من كل هذا؟
ثالثا: اتفاقيات المشاركة في الانتاج الخاصة بالرقع الاستكشافية
لم يتم تسمية وتحديد مواقع الرقع الاستكشافية الخمس؛ هل هي كلها اوبعض منها ضمن محافظات الاقليم او ضمن «المناطق المختلف» عليها؟ وهل روزنفط هي المشغل وضمن ائتلاف ام لوحدها في كل اوبعض من هذه الرقع؟ وهل كل هذه الرقع من المتنازل عنها ام تتضمن رقع لم يتم التعاقد عليها سابقا؟ وغيرها الكثيرمن الاسئلة الاساسية.
وعلى الرغم من او بسبب انعدام الشفافية فانه يتوقع ان تكون هذه الاتفاقيات لصالح شركة روزنفط على حساب مصلحة الاقليم والعراق وذلك للاعتبارات التالية:
ا- من المعروف ان عقود المشاركة في الانتاج التي وقعتها حكومة الاقليم لحد الان تعطي الافضلية من النواحي المالية والاقتصادية والادارية والقانونية للشركات النفطية. هذه العقود الموقعة سابقا تشكل «سابقة قانونية» قوية تمثل الحد الادنى الذي يتوقع ان تبني عليه شركة روزنفط موقفها التفاوضي للحصول على شروط اضافية افضل. وان من اهم العوامل المالية والاقتصادية والتعاقدية التي تستطيع روزنفط التوافض لتحقيقها هي بايجاز مايلي:
ا- تقليل نسبة الريع (رويالتي) التي تدفع الى حكومة الاقليم واساس احتسابها؛
ب- زيادة النسبة المخصصة لنفط الكلفة (كوست اويل) لضمان الاسترداد السريع لراس المال المستثمر وهذا يعني بالضرورة تخفيض النسبة المخصصة لنفط الربح (بروفت اويل)؛
ج- تغيير الضوابط المتعلقة بعامل-ار (ار فاكتر) مما يعطي لروزنفط نسبة اعلى من نفط الربح؛
د- تخفيض نسبة الحصة المحمولة (كاريد انترست) لحكومة الاقليم مما يعني فعليا تخفيض حصة الحكومة من نفط الربح؛
ه-تقليل مبالغ المدفوعات النقدية مثل دفعة التوقيع (سكنجربونص) ومايماثلها اواحتسابها ضمن الكلف القابلة للاسترداد (اي ضمن نفط الكلفة)؛
و- وفي حالة كون الرقعة الاستكشافية هي من ضمن الرقع التي تنازلت عنها الشركات النفطية (ريلنكوشد) يكون التقييم المالي لكافة الاصول والمعلومات والنشاطات بحدوده الدنيا؛
ز- اية عوامل اخرى سواء كانت ذات طبيعة مالية او ادارية او تنفيذية.

2- في المقابل فان حكومة الاقليم في موقع تفاوضي ضعيف لايسمح لها، افتراضيا، بتحقيق عقود مجزية للمشاركة في الانتاج مع روزنفط اومع اية شركة اخرى. وكما هو موثق ومعروف لدى المعنيين في الصناعة النفطية الاستخراجية بانه ومنذ عام 2014 قامت الشركات النفطية العاملة في الاقليم بالتنازل اوالتخلي (ريلنكوشد) عن 19 رقعة استكشافية وانهاء عقود المشاركة في الانتاج الخاصة بها.
لقد استندت جميع تلك الشركات في قراراتها بالتخلي عن عقود المشاركة في الانتاج،برغم مزاياها العديدة لتلك الشركات، الى اعتبارات اقتصادية تتلخص بارتفاع المخاطرة في تحقيق استكشافات نفطية اوغازية مجزية اقتصاديا بما يضمن استرداد راس المال المستثمر ومعدل المردود الداخلي (اي ار ار) المطلوب. ومن الجدير بالذكر ان تلك الشركات تشمل شركات نفطية كبرى مثل اكسوون موبل الاميركية وتوتال الفرنسية وشركات متوسطة مثل شركة النفط الكورية و(ام او ال) الهنغارية وشركات صغيرة نسبيا مثل (اويل سيرج) و(برنكو) و(كولف كيستون) و(جنيل انرجي) وغيرها.
اضافة الى تلك الرقع المتنازل عنها توجد ثلاثة رقع (وهي شورش، ملا عمر وقوشطابا) مازالت معروضة منذ سنوات ولكن لم تنل أي اهتمام؛ وهذا يعني وجود 22 رقعة مطروحة للتعاقد مما يفسح المجال امام روزنفط اختيار افضل خمس منها.
كما واوضحت الوثائق السرية المسربة والتي نشرها موقع (ويكي ليكس) في بداية هذا العام الى التباين الواضح في التقييم الاقتصادي والمكمني لبعض الحقول اوالرقع الاستكشافية بين وزارة الموارد الطبيعية في حكومة الاقليم ووزارة الطاقة التركية.
كذلك اوضحت الوثائق الاسباب الحقيقية التي دفعت اكسوون موبل الى التنازل عن ثلاث رقع (قره حانجير، شرق ارباط وبطواطة) حيث كانت المعلومات الاولية التي وفرتها سابقا وزارة الموارد الطبيعية في حكومة الاقليم تشير الى اهميتها الاقتصادية ولكن عمليات الحفروالتقييم اثبتت العكس!!. علما ان اكسوون موبل كانت المشغل وبحصة 80% في جميع هذه الرقع الثلاثة.
وهذا ربما يفسر الحذر الواضح في اعلان شركة روزنفط عن حجم الاحتياطيات النفطية والغازية في الاقليم حيث ذكرت انها «حسب تقديرات وزارة الموارد الطبيعية لاقليم كردستان» . ومن الجدير بالذكر ان تقديرات وزارة الاقليم للاحتياطات البترولية تعرضت الى تشكيك جدي في مصداقيتها بعد التخلي عن 19 رقعة وبعد نشر المعلومات المسربة المشار اليها اعلاه. يضاف الى ذلك ان التقريرالمعد حديثا من قبل مكدانيل وشركائه قد خفض احتياطيات حقل طقطق من 172 مليون برميل المقدرة في نهاية 2015 الى 59 مليون برميل في نهاية شهراذار من هذا العام، علما ان الشركة المشغلة لهذا الحقل (جينيل) سبق وان خفضت تقديرات الاحتياطي الى النصف وذلك في شهر شباط من العام الماضي. كما وتشير معلومات اخرى الى التشابه الجيولوجي بين حقل طقطق وحقل كورداميل مما قد يعني باحتمالية تخفيض احتياطي الحقل الاخير ايضا.

*استشارية التنمية والابحاث (العراق) في النرويج

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة