ترامب يشن هجوماً حاداً على قطر ويتهمها بتمويل الإرهاب وروسيا تتخذ موقفاً حذراً في الخليج

مع غموض الموقف بالنسبة للقاعدة العسكرية في الدوحة
متابعة الصباح الجديد:

اتهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قطر، امس الاول الجمعة، بتمويل الإرهاب على «مستوى عالٍ جدًا»، معتبرًا أن حل المشكلة في هذه الدولة الخليجية الصغيرة قد يكون «بداية نهاية الإرهاب»، لأنه «لا مزيد من التمويل، بحسب قوله، فيما اتخذت موسكو على المستوى الرسمي، موقفًا حذرًا من التطورات الأخيرة في الخليج، وأكدت حرصها على مواصلة تعزيز العلاقات مع كل الأطراف، مع تجنُّب توجيه إشارات تؤيد الإجراءات التي اتُّخِذت ضد قطر أو تعارضها.
وكان ترامب، الذي أطلق ادعاءً استثنائيًا ضد شريك عسكري أميركي رئيسي، قد استنكر ما أسماه «أيديولوجية المتطرفين في قطر من حيث تمويل الجماعات الإرهابية»، وهو اتهام نفته قطر مرارًا وتكرارًا، فيما جاءت تصريحاته بتأييد قوي من قبل المملكة العربية السعودية ومصر والبحرين والإمارات العربية المتحدة لقطع العلاقات مع قطر.
وقال ترامب إنَّ القادة العرب الذين التقاهم في السعودية الشهر الماضي حثوه على مواجهة قطر على تصرفاتها، حيث أوضح بقوله «لقد حان الوقت لدعوة قطر لإنهاء تمويلها، عليهم إنهاء هذا التمويل»، متابعًا أن قطر «معروفة تاريخيًا بتمويل الإرهاب على مستوى عالٍ جدًا»، فيما أكد مسؤولون أميركيون آخرون أن قطر اتخذت بالفعل بعض الخطوات للحد من تمويل الإرهاب ولكن هذه الخطوات غير كافية.
ولم يتضح بعد كيف يمكن لإدانة ترامب الشديدة أن تؤثر على تعاون الولايات المتحدة مع قطر التي تستضيف نحو 10 آلاف جندي أميركي وقاعدة جوية أميركية كبيرة تشكل نقطة انطلاق للعمليات في سورية والعراق وأفغانستان، بينما لم تستجب السفارة القطرية في واشنطن على الفور لطلب التعليق، بينما أصدر وزير الخارجية ريكس تيلرسون رسالة مختلفة جدًا، ودعا الدول العربية إلى تخفيف حصارها على قطر فورًا.
وأكّد تيلرسون «أن الانسداد يعرقل العمل العسكري الأميركي في المنطقة، والحملة ضد داعش»، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة تطلب من قطر «الاستجابة لشواغل جيرانها»، وأضاف: «إن قطر لديها تاريخ مع الجماعات الداعمة التي تمتد على نطاق واسع من التعبير السياسي، والنشاط إلى العنف»، وأعرب عن ارتياحه لقيام دولة قطر بتحقيق تقدم في الحد من الدعم المالي وطرد الإرهابيين، لكنه تابع: «يجب إن تفعل المزيد، ويجب عليها إن تفعل ذلك بسرعة أكبر».
ولفت تيلرسون في حديث لوزارة الخارجية الأميركية أن الولايات المتحدة ستساعد في دعم الجهود للتوسط في الأزمة مع الكويت وهى دولة خليجية أخرى تكثف في محاولة للتوصل إلى قرار، وحث جميع الأطراف على تجنب المزيد من التصعيد».
بدورها أشادت السعودية والبحرين امس السبت بمطالبة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لقطر بوقف دعم الإرهاب ووصفتا موقفه بأنه «حازم» إلا أنهما لم تقدما ردا على دعوة وجهتها وزارة الخارجية الأميركية لهما بتخفيف الضغط عن قطر.
ورحبت أيضا البحرين في تقرير نشرته وكالة أنبائها بتصريح ترامب «حول مواجهة دعم قطر المرفوض للتطرف وبضرورة وقفها تمويل ودعم الإرهاب فورا».
وقالت «هذا الموقف الحازم يأتي في إطار الجهود الأمريكية الحثيثة ويعكس إصرارا شديدا على مواصلة مكافحة كل صور الإرهاب وضمان التكاتف الدولي للقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة». وفي بيان منفصل، أشادت الإمارات امس الاول الجمعة «بقيادة الرئيس دونالد ترامب في مواجهة دعم قطر المقلق للتطرف».
وفى وقت سابق من هذا الأسبوع، توجه ترامب إلى «تويتر» ليعرب عن تقديره للحركة التي تقودها السعودية لمعاقبة قطر، قائلًا إنها «يمكن أن تكون بداية نهاية الإرهاب في الشرق الأوسط»، وأشار إلى انه خلال زيارته الأخيرة للمملكة العربية السعودية، وافق مع القادة العرب الذين التقاهم فئ التحذير من دعم قطر للإرهاب».
ومنذ أن قطعت السعودية ودول أخرى العلاقات الدبلوماسية مع قطر الاثنين الماضي ، ما اثأر أسوأ أزمة دبلوماسية في الخليج منذ سنوات، أصر الجيش الأميركي على أن ذلك لن يؤثر على العمليات العسكرية الأميركية في المنطقة، بيد ان تيلرسون قال إن الأزمة تؤثر بالفعل على الجيش الأميركي، علمًا أن قطر قد نفت منذ فترة طويلة دعم أو تمويل الجماعات الإرهابية، لكن دبلوماسيين غربيين يتهمون الحكومة بالسماح بل وحتى تشجيع تمويل بعض المتطرفين السنة، مثل فرع تنظيم القاعدة في سورية.
وفي الشأن ذاته اتخذت موسكو على المستوى الرسمي، موقفًا حذرًا من التطورات الأخيرة في الخليج، وأكدت حرصها على مواصلة تعزيز العلاقات مع كل الأطراف، مع تجنُّب توجيه إشارات تؤيد الإجراءات التي اتُّخِذت ضد قطر أو تعارضها، وفي الوقت ذاته، عكست تعليقات برلمانيين ومعلقين في وسائل الإعلام الحكومية أن التريث في إعلان الموقف، يهدف إلى إجراء أوسع تقويم للوضع لتحديد نقاط الربح والخسارة، فيما لم تخفِ أوساط «ارتياحًا» إلى مكاسب سياسية واقتصادية تسعى إلى تحقيقها.
ومنذ اندلاع الأزمة، أوحت المحادثات الهاتفية التي أجراها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع أمير قطر تميم بن حمد والرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بأن روسيا تريد أن تتولى جهود وساطة، لكن الكرملين أعلن في وقت لاحق أن موسكو تدعو إلى تسوية الأزمة بالطرق السياسية الدبلوماسية، مؤكدًا أن الحديث لا يتعلق بمسعى للتوسط.
وفي نفس السياق، لفتت مصادر دبلوماسية إلى أن طلب الوساطة الروسية ربما يكون جاء من قطر، خصوصًا أن كل الاتصالات مع بوتين ووزير الخارجية سيرغي لافروف جاءت بمبادرة من الدوحة، وتبرز في هذا الإطار زيارة وزير الخارجية القطري موسكو، والتي لم تكن مدرجة سابقًا على جدول أعمال لافروف، بينما لم تخفِ موسكو أن لديها مخاوف جدية من التداعيات المحتملة على الوضع في المنطقة، وعلى جهود مكافحة الإرهاب تحديدًا، وركّزت وسائل إعلام رسمية على أن الانقسامات العربية تؤدي إلى شل جهود تسوية الوضع في سورية، وتفاقم خطر تصاعد المواجهات.
وبرزت إحدى أولى النتائج المباشرة، من خلال إعلان تأجيل جولة مفاوضات في آستانة، واعتبر دبلوماسيون أن تعقيدات الموقف العربي تدفع إلى التريث لإنضاج ظروف إنجاح المفاوضات السورية، وواضح أن اثنتين من الدول الضامنة لوقف النار في سورية، هما تركيا وإيران، انخرطتا في متابعة الأزمة، وبرزت إشارات إلى ميلهما إلى تبنّي موقف أقرب إلى الدوحة، بينما لا يبدو إطار التحرُّك الروسي بعيدًا من وجهتَيْ النظر التركية والإيرانية، إذ حملت عبارات الوزير لافروف موقفًا لافتًا الخميس، عندما أشار إلى «تطابق موقفَي موسكو وطهران في شأن ضرورة تسوية الأزمة في الخليج من طريق الحوار».
وكشفت تعليقات خبراء مقربين من الكرملين أن موسكو تعدّ دراسة معمّقة للوضع، وثمة من يرى أنه سيعود بفوائد كبرى على الروس، من خلال إعادة ترتيب التحالفات في الشرق الأوسط.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة