بعد أن انتهينا في المقال السابق من التعريف باختصاصات المحكمة الاتحادية العليا، وأكدنا أنها الهيئة القضائية الاعلى التي تمارس مهاما ابرزها الرقابة على دستورية القوانين والتشريعات والقرارات الصادرة عن السلطة التنفيذية، وقد يسأل البعض ما هو الأساس القانوني لوجود هذه المحكمة بهيئتها الحالية، لاسيما وأن بعض الاصوات قد ظهرت عن دون دراية وتقول بأن وجود القضاة الحاليين لا يستند إلى قانون.
إن الاساس الدستوري لوجودها هو القانون رقم (30) لسنة 2005، حيث نصت المادة الأولى منه على تأسيس محكمة اتحادية عليا يكون مقرها في بغداد تمارس مهامها بنحو مستقل لا سلطان عليها لغير القانون، في حين شددت المادة الثانية على استقلاليتها من الناحيتين المالية والإدارية.
أما المادة الثالثة من القانون، فقد فصّلت تكوينها بأنها تتألف من رئيس وثمانية أعضاء يجري تعيينهم من مجلس الرئاسة (رئاسة الجمهورية حالياً) بناء على ترشيح مجلس القضاء الأعلى وبالتشاور مع المجالس القضائية في الأقاليم.
وكان مجلس القضاء الاعلى وبناءً على الاليات المرسومة عقد جلسة بتاريخ 21/7/2004 وفي اقتراع سري بترشيح ثلاثة أضعاف العدد المطلوب من كبار القضاة المستمرين في الخدمة (أي 27 مرشحاً) مراعيا الخبرة والكفاءة والتأريخ الوظيفي.
وأرسل مجلس القضاء الاعلى قائمة بأسماء المرشحين والأصوات التي حصل عليها كل منهم والتاريخ الوظيفي للمرشحين، وبعد مداولات وتشاور بين أعضاء مجلس الرئاسة والمعنيين صدر المرسوم الجمهوري رقم (67) في 30/3/2005 بتعيين رئيس وأعضاء المحكمة الاتحادية العليا.
واستكمالاً للاجراءات صدر القرار الجمهوري رقم (2) في 1/6/2005 بتصديق قرار تعيين رئيس وأعضاء المحكمة الاتحادية العليا الواردة أسماؤهم في المرسوم الجمهوري رقم (67) لسنة 30/3/2005 بعد تشكيل الحكومة الوطنية.
لكن، وبعد إحالة احد أعضاء المحكمة الاتحادية العليا الى التقاعد لأسباب صحية فقد صدر المرسوم الجمهوري رقم (3) في 19/2/2007 بتعيين قاضٍ بديلا عنه.
أما عن كيفية انعقاد المحكمة على وفق قانونها النافذ، فأنها بموجب الفقرة الاولى من المادة (5) تكون بدعوة من رئيس المحكمة إلى اعضائها للانعقاد قبل الموعد المحدد بوقت كاف ويرفق بكتاب الدعوة جدول الاعمال وما يتعلق به من وثائق.
ولا يكون انعقاد المحكمة صحيحاً الا بحضور جميع اعضائها، اما القرارات والاحكام فتصدر بالاغلبية البسيطة عدا الاحكام والقرارات الخاصة بالفصل في المنازعات الحاصلة بين الحكومة الاتحادية وحكومات الاقاليم والمحافظات والبلديات والادارات المحلية فيلزم ان تصدر بأغلبية الثلثين.
ومن هذا المنطلق ولتآمين حسن سير العمل في المحكمة وعدم تعطل أعمالها عند غياب احد أعضائها أو عند وجود سبب قانوني يحول دون اشتراكه في نظر دعوى معينة، صدر الأمر الجمهوري رقم (61) في 26/5/2009 بتسمية اثنين من قضاة محكمة التمييز الاتحادية ليكونا عضوي احتياط في المحكمة الاتحادية العليا إضافة إلى عملهما في محكمة التمييز الاتحادية.
إن سرد هذه التفصيلات بات ضرورياً اليوم ليطلع الرأي العام على الأساس القانوني لتشكيل المحكمة الاتحادية العليا بهيئتها الحالية، والية ترشيح قضاتها وكيفية تعيينهم، وأن السند الدستوري باستمرارها باداء مهامها هو حكم المادة (130) من الدستور ونصها (تبقى التشريعات النافذة معمولاً بها، ما لم تلغ أو تعدل وفقاً لاحكام هذا الدستور).
إياس حسام الساموك
عن المحكمة الاتحادية العليا (الحلقة الثانية – الأساس القانوني(
التعليقات مغلقة