جميع الدول تضع سياستها التجارية انطلاقا من منهجيتها واستراتيجيتها الاقتصادية وفقا لنظامها الاقتصادي اشتراكي مركزي او اقتصاد السوق لذلك فيتم التخطيط للتجارة الخارجية والداخلية بما يحقق اهداف النظام الاقتصادي .
ولكن الحالة في العراق تختلف بسبب عدم وضوح الرؤية للمنهج الاقتصادي بالرغم من مرور 14 سنة على التغيير وبالرغم من تأكيد الماده (25) من الدستور على ضرورة تحديث الاقتصاد العراقي ودعم القطاع الخاص ،لكن ذلك لم يحقق بالشكل الناجز وانما ارتبكت السياسات الاقتصادية في كافة القطاعات بالرغم من اعداد واصدار عدد من الاستراتيجيات في الزراعة والصناعة وتطويلر القطاع الخاص وصدور قوانين لحماية المنتج المحلي وحماية المستهلك ومع الاسف لم يتحقق شيئ مهم واساسي فالاقتصاد العراقي مازال ريعي ويعتمد بنسبة 95% من ايراداته على النفط ولم يتم تنويع مصادر الايرادات غير النفطية ولم يشرك القطاع الخاص في ادارة الاقتصاد وصناعة القرارات الاقتصادية .
والسياسة التجارية في العراق استنادا الى ماورد اعلاه استمرت بالتخبط بين عدم السيطرة على التجارة الخارجية وعدم ضبط حركة السوق بأتجاه الاهداف الاقتصادية الوطنية حيث فوتحت الحدود والاسواق للصناعات والاستيرادات الرديئة والرخيصة الثمن من مناشئ مختلفة وبدون تخطيط وبدون مناهج استيرادية محددة للقطاع الحكومي والخاص مما ادى الى اغراق السوق بالبضائع الاستهلاكية والكمالية وغير الضرورية في وقت لم يتم دعم المنتج المحلي ولم يتم اعطاء فرص للقطاع الخاص الانتاجي في منافسة المستورد مما خلق فجوة كبيرة بين الحاجة الفعلية للسوق والتي يجب ان تعتمد على (تقديرات حجم الطلب عن كل مادة ) وبين الكميات المستوردة بدون تحديد لكمياتها ونوعياتها كما معمول به في الدول الاخرى المنتجة للنفط.
لذلك استمر اقتصادنا ريعياً وسوقنا ملئ بالمستورد وخاليا من المنتج المحلي والفجوة كبيرة بين التجارة الخارجية والداخلية وبالنتيجة (قصور سياستنا التجارية ) لذلك نقترح مايأتي:ـ
1ـ قيام وزارة التجارة بالتنسيق مع وزارة التخطيط والتعاون الانمائي ووزارة الصناعة والقطاع الخاص بأعداد دراسات لتقدير حجم الطلب على جميع المواد الغذائية وشبه الضرورية والكمالية (الاستهلاكية) وتحديد كمياتها التي سينتج محليا والكميات المستوردة التي تسد الطلب وفق مبدأ (الاستيراد مكملا للانتاج المحلي وليس منافسا له).
2ـ اعداد مناهج استيرادية للقطاع الخاص وتخصيص المبالغ اللازمة للاستيراد بالتنسيق مع البنك المركزي العراقي وعدم اصدار اية اجازة استيرادية بدون الرجوع للمخصص والمحدد في المنهاجالاستيرادي بالكميات والمبالغ المرصودة لغرض القضاء على الاستيراد الكيفي والمحافظة على العملة الاجنبية.
3ـ اعادة هيكلية وخصخصة الصناعات الحكومية واشراك القطاع الخاص الانتاجي في ادارة الصناعات العراقية وتشغيل الايدي العاملة العاطلة.
*مستشار اقتصادي
سمير النصيري