مخاضات المنطقة

باستثناء تركيا الاردوغانية التي يبدو انها ستستمر وقتاً في خانة قوى التطرف، تمر منطقة الشرق الاوسط، انظمة وحركات وتحالفات، في مخاضات عسيرة ومتداخلة ومفاجئة، وبعضها خارج انضباط الاستراتيجيات العامة، هذا إذا ما قُرئت هذه المخاضات على انها ليست بالضرورة ايجابية ولا هي دائمًا عفوية املتها أزمات المحاور وصراع الارادات وفشل الصفقات والمراهنات، لكن القول بان رياح الاعتدال والبحث عن حلول عبر المفاوضات يقترب من الصحة وذلك بديل عن الحروب المحلية التي دخلت في دوامات كارثية لا نفق بائن للخروج منها، ولا مؤشر على استفراد جهة او محور في تقرير شكل النتائج.
ففي الحرب الدائرة على الاراضي اليمنية تصدع محورا المواجهة وظهرت الى السطح بوادر انفصام داخل كل محور، بين السعودية والامارات من جانب، وبين الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح وحلفائه الحوثيين من جانب آخر، وتناقلت وسائل الاعلام وقائع عن مفترق طرق بين الجانبين، ولهذا التصدع تجليات على الارض قد تعبر عن نفسها في خرائط نفوذ (أو صفقات) جديدة لا يقف الاميركان بعيداً عنها، ولن تتوقف نتائجها عند حد الطلاق السياسي بين الجانبين.
وفي سوريا بدأت الحلقة ذات العلاقة بترتيب مصير الرئيس بشار الاسد تتخذ شكل صفقة (او حل وسطي) بين موسكو وواشنطن وانعكس الامر في اخبار مفاجئة عن حرب ضروس داخل الجماعات الدينية المسلحة المتطرفة تستهدف انهاء التشرذم(في الساحة الجهادية) وبناء قوة جديدة تتولى التفاوض، وسط اجراءات لافتة لجهة عمليات اعادة السكان النازحين الى بلداتهم بضمانات «مشتركة» من جميع الاطراف.
وتشاء رياح التغيير والبحث عن مسار سياسي جديد ان تضرب الكتلة الفلسطينية الجهادية الاكبر (حماس) لتقرر (في مؤتمر لها) ابعاد زعيمها خالد المشعل الذي قادها الى عزلة خانقة بسبب نبذه لخيار التفاوض وانخراطه في المحور القطري الذي خاض حروبا ضارية (ومُكلفة) في ليبيا ومصر وسوريا ووجدت حركة حماس نفسها خلال هذه المعارك في وضع التابع والمعزول والمطارد في الوقت ذاته ، وخرج مؤتمر الحركة بفيادة جديدة على رئيسها القيادي اسماعيل هنية المعروف بتحبيذه لفكرة الحوار وبخاصة فيما يتعلق بالساحة الفلسطينية، وتفيد القراءات المبكرة ان هنية قد يسعى الى تنشيط التعاطي مع العواصم العربية التي اغلقت ابوابها امام حماس.
المحللون ينظرون الى اجواء ومقدمات الانتخابات الرئاسية الايرانية على انها فاصلة اخرى في مخاضات المنطقة، بحثاً عن مسارات تقلل من كلف المواجهة.
********
الدوس هسيكلي:
«التجارب لا تعلم إلا المستعدين للتعلم».
عبدالمنعم الأعسم

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة