حذام يوسف طاهر
ضمن منهاجه الاسبوعي، احتفى نادي الشعر في اتحاد الادباء بتجربة الشاعر عيسى حسن الياسري المقيم في كندا، بمناسبة صدور اعماله الشعرية الكاملة، الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت، بحضور عدد كبير من الادباء والمثقفين وعائلة الشاعر الياسري. الجلسة أدارها الشاعر سلمان داود محمد الذي نوه الى انه يتشرف وسعيد بتكليف الشاعر الياسري له لإدارته الجلسة. فقال: نحتفي بالشاعر والروائي عيسى حسن الياسري عن بعد قريب، وكأن المسافة بين بغداد ومونتريال مليئة بالمحبة والشعر والاشتياق، كلفني الياسري بمحبة ولي الشرف بتقديم هذه الجلسة، لاسيما وان الياسري من المبدعين الذين كانوا ينظرون الى التجارب الشابة في مجال الشعر والادب بشيء من الاهتمام، مذ كان مسؤولا للقسم الثقافي في جريدة التاخي، الحديث يطول ويتشعب عن سيرة مبدع ممتدة في الارجاء، وساطعة في كل الاحايين، الكلام عن عيسى حسن الياسري يشبه الكلام عن القمر فينبغي الوضوء بالنجوم لكي تكون الصلاة موجبة ووافية .. «.
الجلسة تضمنت شهادات واستذكارات لعدد من اصدقائه الشعراء، لكن البداية كانت مع الدكتور الشاعر سعد ياسين يوسف:» منذ أول قصيدة له في مجلة
(الآداب ) بعددها العاشر من العام 1971 ، والتي حازت على اعجاب الناقد المصري المعروف الدكتور صبري حافظ، بطريقة مثيرة معتبراً إياها من قصائد العدد المهمة انفتح أمامه طريق النشر، الذي أغلقه ابناء وطنه في وجهه حينها بحجة أو بحجة أخرى، فكان عيسى حسن الياسري صوتا شفيفا نديا كجذوره الممتدة إلى أعماق مياه (أبو بشوت ) في الجنوب العراقي، وكان عميقا في صوره ومعانية كعمق تلميحات الجنوبيين في جلسات سمرهم، ومرفرفا كنوارس الربيع حينما تحلق على صفحات المياه هو (يسينن العراق ) وهو الصوت الشفيف الذي لف روحنا بموسيقاه العذبة منذ أن عبر بنا إلى مدن الفرح وأسرنا لآخر أيام حياتنا في العشب، عاش الغربة مرتين، مرة في وطنه والثانية خارج أسواره، لكنه برغم كل هذا يمنحك الفةً في شعرة وقربا يجعلك تدنو منه وتتوحد فيه وهو ينقلك إلى عوالم النقاء والصفاء الانساني بعيدا عن صخب المدن ليحل في هدأة العشب والمياه واتساع عوالم الإنسان الأولى. إنه آخر الشعراء القرويين الشاعر عيسى حسن الياسري … كنت معنا رغم المحيطات التي تفصلك عنا أبا ياسر الحبيب ..وكنا نرتشف قصائدك كما ترتشف الآرض اليباب حبات المطر الإولى ..».
الدكتور الشاعر سعد الصالحي كان مرافقا لكل تفاصيل الجلسة بقراءاته لعدد من قصائد الياسري على وفق اختياراته هـو، فكان صوتـه يرتفع ويهدأ على لحن الكلمـات، لتتواصل المشاركات من قبل الدكتور الناقد علي حـداد الـذي أكد ان مشاركتـه اليـوم هي وقفات متوزعـة على الذاكـرة :» لـم يكـن عيسـى حسن الياسري محتاجا ان يلح على جنوبيته في قصيدة او ديوان، فسمرتـه وقامتـه الممشوقة المائلة الى النحافة وملامحـه وحركاته، كلهـا توحـي الى انه جنوبي خالص يحمل هم الجنوب، يحمل احساس ارضه واهله ومكابداتهم، التي ضخهـا في قصيدته، ربما هناك جملة من المفارقات استوقفتني في تجربـة هذا الشاعر، على مستوى التلقي، عيسـى حسن الياسري يذكرني دائما بالشاعر الشعبـي الجنوبي الريفي، فغنائيته عالية وهـذه سمـة تتميـز بها قصيدته ذاته وجملة دواوينه، الياسري ينتمي الى جيل شعري اكثر من جيل شعري وهي انك لاتستطيع ان تجيله بمعنى انك لاتستطيع ان تضع رشدي العامل اويوسف الصائغ قبله فهو من جيل وسط بين هذا وذاك، هو كتب قبل السبعينيات هذه اللاجيلية ستجد ان عدم تجييلهم نفعهم وضرهم، نفعهم بان لايضعوا تجربتهم في دائرة خاصة بهذا الجيل وتصرفوا بوعي هـذا الجيـل لكنهم ظلموا لان الدارسين تعودوا على ان يؤسسـوا علـى قراءات سابقة فيصعب على الدارس ان يقف عند تجربته و يدرس تجربته ويبوبهـا ، مثلما يفعل مع جيل الستينيات والسبعينيـات. عيسـى حسن الياسري ظل في هذ البرزخ، الذي نفعـه في ان تشتغل تجربته كما شاء لها غنائية ذاتية تتحس الاخر من خلال الذات..». في ختام الجلسة وزع كتابـه الـذي ضـم اعمالـه الشعريـة كاملـة على الحضور.