نظّم الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، بالتعاون مع وزارة الثقافة، مؤتمره الثاني للسرد يومي الجمعة والسبت 5-6/5/2017، ولا أريد الحديث هنا عن القيمة العلمية والثقافية لما طرح في المؤتمر وهي مهمة كبيرة، بل وجدت أن من الضروري الحديث عن الجوانب الإدارية والإجرائية اللافتة التي أدت إلى أن يكون تظاهرة ثقافية ناجحة ومميزة.
وصلت الوفود المشاركة يوم الخميس أي قبل فعاليات المؤتمر بيوم واحد، ليجد الجميع أن إسكانهم في الفندق وضيافتهم مرتبة بدقة لا تسمح بحدوث أي إرباك على الرغم من العدد الكبير من المدعوين الذين كانوا يمثلون كل محافظات العراق، بما في ذلك نينوى ومحافظات كردستان.
شاركت في المؤتمر عشرون ورقة بحثية عالجت الظواهر الفنية والثقافية المتعلقة بالرواية العراقية، وكان الجميل أن يجد المشاركون تلك الأبحاث مطبوعة في كتاب أنيق أمامهم في قاعة استقبال الفندق، وقد قسمت الأبحاث على أربعة محاور، كان لافتة أن يكون ترتيبها ذات الترتيب الذي قدمت به في الجلسات الأربعة، ما يعطي انطباعا بصرامة إدارة المؤتمر وحرصها على وقته.
أعلمت إدارة المؤتمر كل المشاركين بمواعيد الجلسات والأنشطة وأوقات وجبات الطعام والاستراحة، وطبعت تلك المواعيد على مطوية المؤتمر، وكان لافتا الالتزام بتلك المواعيد بدقة متناهية الأمر الذي أكسب المؤتمر جدية علمية وأسهم في إنجاحه.
في اليوم الثاني للمؤتمر كان هناك طاولة مستديرة جلسة إليها الروائيون والنقاد جلسة صريحة طرحت خلالها وجهات نظر وتصورات لحاضر الرواية العراقية ومستقبلها، وقدم عدد من الروائيين شهادات عرضوا فيها تجاربهم الذاتية، وكان المهم في هذه الجلسة التعارض الكبير في وجهات النظر والصراحة الكبيرة، ولكن كل ذلك كان يتم في جو من الود واحترام الرأي المغاير، وهذا ما جعل الجلسة مثمرة وغنية.
في مؤتمرات من هذا النوع يكون لما يدور على الهامش من حوارات ولقاءات أهمية تضاهي ما يعرض في الجلسات البحثية أو المداولات الرسمية، وقد كان اختيار المكان وإدارة الوقت عاملان مهمان لتهيئة الظروف لمثل هذا النشاط، فقد كانت غرف الضيوف والجلسات الصغيرة في أروقة الفندق تشهد نشاطا على مدار اليوم أثمرت الكثير من الاتفاقات على مشاريع مستقبلية.
وإذا كان لابد من رد الفضل لأهله فإن من غير الممكن إغفال دور اللجنة التحضيرية للمؤتمر التي واصلت عملها حتى بعد مغادرة الضيوف، وكان لافتا دور الروائية السيدة عالية طالب رئيسة اللجنة، التي أدارت الأمور بحزم يشبه حزم قائد عسكري، من حيث الالتزام بالدقة ومراقبة أصغر التفاصيل، ليس فيما يخص الأنشطة الثقافية والجلسات حسب، بل حتى أدق التفاصيل المتعلقة بالضيافة وتوجيه العاملين والإشراف على عملهم، فكانت تصل الليل بالنهار، تراها واقفة قبل الجميع تستقبلهم في كل نشاط وفعالية. وكان لحرصها هذا الأثر المهم في النجاح المبهر الذي تحقق، وهو درس بليغ مفاده أن التخطيط المسبق والحرص على الالتزام به هما العاملان الرئيسان لإنجاح مثل هذه الأنشطة.
د.ثائر العذاري
المؤتمر الثاني للسرد.. نجاح مبهر
التعليقات مغلقة