بغداد – حذام يوسف:
المنافي حكاية لم تنته للمبدع العراقي، على مستوى الادب السينما والفنون التشكيلية، حيث زخرت العديد من المعارض العالمية، بقصص كثيرة توزعت على لوحات، كانت شاهداً على معاناة العراقي، عبر هجرات توزعت على اكثر من مرحلة تاريخية بالعراق، منذ الثمانينيات والى الآن، «علي النجار، وستار كاووش، ورافع الناصري، وزياد حيدر ، وآراز طالب، وغيرهم من التشكيليين العراقيين الذين اغنوا الساحة الفنية العالمية بإبداعاتهم، فكانوا منبعاً للإبداع، يغترف منه الشباب، ليغنوا تجربتهم الفنية الابداعية، من هؤلاء الفنانين التشكيلي محمد قريش.
أول محطة لقريش كانت العاصمة الأردنية عمّان، لكنها لم تكن الحلم، فلم يبق بها الا بضع أشهر، ليغادر بعدها الى فرنسا، فكانت محطة للتعرف على عدد من الفنانين الفرنسيين، وفي عام 1994 استقر في هولندا، ودرس في الأكاديمية الملكية، فكان اول معرض له في المانيا وسط اعجاب واضح من المهتمين بالتشكيل، ومنه الى العشرات من المعارض الشخصية، وبعدها شارك في عدد من المعارض الدولية والجماعية.
المحطة الاخرى البارزة في مسيرته في عالم الفن، كانت اقتناء اعماله من قبل متحف «لوزان» في سويسرا، ومتحف «ارماندو» في هولندا، ومتحف الفن العراقي المعاصر في بغداد، ومن ملكة هولندا، ومحكمة العدل الدولية، وقد حصل خلال مسيرته الفنية على العديد من الجوائز الفنية.
الفنان التشكيلي محمد قريش من الفنانين الذين يدعون الى اعلان هويتهم الخاصة، بدلا من تقليد الهوية الاوروبية، وهو كما وصفه احد النقاد التشكيليين في هولندا، بأنه فنان يتميز بالأسلوب الشرقي المعاصر والمتطور، وكما يؤكد: «الاطلاع والمشاهدة والاستكشاف بعد اقامتي في هولندا بالتأكيد لها أثرها، وحتى في أعمالي القديمة، هناك جذور الفنون الشرقية، وبالمناسبة، أعتقد لا توجد هناك عوازل ما بين الفنون الشرقية، والأفريقية، والفنون الأخرى، فهناك خطوط واتصال تحت الأرضية، منها السحنات اللونية الحارة والرموز، واستطيع ان اذكر انه في أعمالي الحديثة هناك أكثر من الرموز لأنها صارت انتمائي..».
ما يميز الفنان التشكيلي محمد قريش ايضا، هو استعماله في أعماله الفنية، تقنيات ومواد متنوعة، اغلب اصولها معادن مثل المفاتيح، والمسامير، وقطع قماش، والياف، وانواع من الورق لإضافة جمالية أخرى على العمل الفني، ودعم مضمونه الفكري، أيضا عرض فيلم وثائقي عن اعماله ونتاجه الفني باللون، وحكايته مع اللوحة، من انتاج معهد العالم العربي في باريس، والحدث الابرز ربما، هو دخوله لموسوعة جينيس للأرقام القياسية عن عمله الفني معالجة سعف النخيل وتحويلها يدويا الى أطول شريط من ورق الكتابة.
الجدير بالذكر ان الفنان التشكيلي محمد قريش يقيم في هولندا منذ عام 1994 ، وهو من مواليد بغداد عام 1965، بدأ اهتمامه بالرسم في سنوات الطفولة المبكرة، وحتى قبل دخوله المدرسة، وفي الصف الأول الابتدائي حصل على الجائزة الأولى لمسابقة رسوم الأطفال وما يزال حتى اليوم يذكر هذه الجائزة، واصل الفنان محمد قريش اهتمامه بالرسم واكمل دراسته بنحو أكاديمي في كلية الفنون الجميلة بالعاصمة بغداد، وتأثر بأسلوب أساتذة وفنانين كبار أمثال فائق حسن، ووليد شيت، بعد تخرجه من الجامعة عام 1993 ظل حلم السفر إلى خارج العراق يراوده باستمرار، هرباً من الحرب، وبحثاً عن الهوية، إذ يؤكد الفنان محمد قريش انه كان ينتمي إلى جيل مضطرب وحائر.