زيارة الجبير وعلم المعايير

عندما زار وزير خارجية العربية السعودية عادل الجبير بغداد الاسبوع الماضي، كان المحللون الموضوعيون قد سجلوا ملامة على الدبلوماسية (والسياسة)العراقية انها لم تمهد لهذه الزيارة بما يضعها في حجمها الطبيعي كخطوة تستهدف تبادل الرأي في معالجة الخلافات والمخاشنات بين البلدين، وعرض المطالبات والتجاوزات والتدخلات، وان الامر في صالح العراق اذا ما تم استعمال علم المعايير في تقييم الصح والخطأ في هذه الخطوة.
ولا حاجة للتأكيد على اهمية تسوية الخلافات بين الدول عن طريق الحوار المباشر يبدأ بالمجسات الدبلوماسية وجس النبض وتكوين قاعدة لمعرفة النيات، واظن ان هذا ما حدث في هذه الزيارة على الرغم من ان سياسيين ونواباً من لون معيّن لهم رأي آخر، وردود افعال لا تستقيم مع حكمة التهدئة التي هي في صالح العراق.
بموازاة ذلك فان اخضاع بؤرة التوتر بين البلدين الى المناقشة المعيارية، وتحديد جدوى القبول بالحوار مع دولة لنا معها صلة الرحم بالنظام الامني والاقتصادي للمنطقة، وان لنا عليها شكاوى مريرة، لابد ان ينتهي الى التسليم بأن كلا من بغداد والرياض بحاجة الى التسمع والتعامل المباشر بينهما بعد ان كف الاسلوب الاعلامي والخطابات النارية عن «حسم المعركة» في صالح أي منهما، وفي جوهر هذه الحقيقة هناك حسابات استباقية صحيحة تماماً بان التجييش (من العراق) ضد السعودبة لا يخدم ضرورات استقرار البلاد ولا معركتها الضارية ضد فلول داعش الاجرامية حيث يتوجب ادارة الصراع والعلاقات باقل منسوب من المماحكات مع الجيران من دون ايهام النفس بالاعتقاد ان الخلافات الناشبة بين البلدين مجرد غيوم عابرة، فان ثمة ملفات معقدة والغاماً متراكمة تحتاج الى نمط جديد من السياسات التي تسكت صيحات التهديد والتهديد المتبادل وتطوي صفحات التدخل المتعسف للسعودية في الشؤون العراقية.
والحال اننا نحتاج الى معيار واقعي وعلمي ومتوازن للعلاقات الاقليمية ينأى بالعراق عن المحاور والاستقطابات التي تعصف بالمنطقة، ويحول دون تحويله الى ساحة لتصفيات الحساب بين المتخاصمين من جيرانه، بل ان موقع الدولة المسالمة وغير المنخرطة في المحاور يساعد في ان تلعب دوراً ايجابياً لاطفاء بؤر التوتر ودور الوسيط في تقريب وجهات النظر بين الدول المتخاصمة.
ملف العلاقات بين العراق والسعودية معقد، ومن طبيعة الملفات المعقدة انها تزداد تعقيدًا حين تحشر بالمزايدات والتمارين الخطابية.. والزعيق.
**********
سقراط:
«من لم يكن حكيماً لم يزل سقيما».
عبدالمنعم الأعسم

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة