جدد خلالها قدرته على التحكم بنفط محافظة كركوك
السليمانية ـ عباس كاريزي:
رسائل عديدة بعث بها الاتحاد الوطني الكردستاني خلال عملية اقتحام قواته العسكرية التي يطلق عليها (القوة السوداء) شركة نفط الشمال، والسيطرة على عدة حقول، ما تسبب بايقاف عملية تصدير النفط من حقول كركوك الى ميناء جيهان التركي لعدة ساعات.
وبينما حاول مسؤول المركز الثاني لتنظيمات الاتحاد الوطني ومسؤولون آخرون تبرير هذا التصرف والدوافع التي تقف وراء اتخاذ هكذا اجراء، قال مسؤول رفيع المستوى في الاتحاد الوطني رفض الكشف عن اسمه للصباح الجديد، ان القوة تحركت بعلم من قيادة الاتحاد الوطني، وان قيامها بفرض السيطرة على عدد من الحقول النفطية في شركة نفط الشمال، اضافة الى تطويق الحقول التي تشرف عليها شركة كار التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني شمال المدينة، هي رسالة الى الحكومتين الاتحادية وحكومة الاقليم لمراعاة حق المواطنين وعدم التجاوز على مستحقاتهم من واردات نفط المدينة.
واضاف المسؤول انها كذلك رسالة الى الحزب الديمقراطي الذي يتزعمه مسعود بارزاني بان الاتحاد الوطني الذي يمثل الاغلبية السياسية في كركوك، لن يسمح بعد الان بان يستخدم الديمقراطي نفط كركوك لمحاربة خصومه السياسيين في الاقليم وشمال وغربي كوردستان وشراء الذمم وتوقيع الاتفاقات والعقود طويلة الأجل مع تركيا، لتثبيت اركان حكم الحزب الديمقراطي التفردي على حساب الاتحاد وحركة التغيير، فضلا عن تعارضه مع مصالح واهداف الاحزاب والقوى الاساسية في اجزاء كردستان الاخرى.
واضاف ان الحكومة الاتحادية تنصلت كذلك من التزاماتها تجاه محافظة كركوك، عقب مذكرة التفاهم التي وقعها محافظو كركوك وديالى وصلاح الدين مع وزير النفط في الحكومة الاتحادية، في السابع من شهر كانون الثاني المنصرم، لتخصيص اموال من واردات تصدير النفط لاعادة الاعمار والخدمات وبناء مصطفى جديد للنفط في المحافظة.
واضاف ان الاتفاق يتضمن النقاط التالية:
1- تخصيص جزء من النفط الخام للشركات التي تستثمر في محطات الكهرباء وانتاج الطاقة الكهربائية لتأمين 250 ميكاواط من الكهرباء لمدينة كركوك.
2- تخيص 40 الف برميل من نفط كركوك لمحطة اسكي كلك والاستفادة من وارداته المالية لمحافظتي صلاح الدين وكركوك، اضافة الى تأمين المحروقات اللازمة لانتاج الطاقة لمحطة كهرباء القيارة لتأمين الكهرباء لمحافظة الموصل.
3- منح 20 الف برميل يوميا لشركة قيوان بمحافظة السليمانية.
4- تقوم وزارة النفط بالتعاون مع المستثمرين وشركة نفط تشيكية بتجديد مصفى نفط الشمال.
5- الاستمرار في تأمين 25 الف برميل لمحطة كهرباء القدس.
6- مساعدة محافظة كركوك لبناء مصطفى كركوك والعمل مع شركة نفط برهم لبناء مصفى جديد.
7- الزام المستثمر الذي يعمل في مصفى اسكي كلك ان يراعي السياقات القانونية في تعيين واستخدام العمال والكوادر في محافظات نينوى وكركوك ومحافظات الاقليم.
في غضون ذلك قال المتحدث باسم حكومة إقليم كردستان سفين دزيي إن اقتحام شركة نفط الشمال في كركوك تصرف غير مسؤول، مشيراً إلى أن ذلك التصرف لا داعي للقيام به.
وأضاف دزيي، في تصريح أدلى به أن «اقتحام شركة نفط الشمال في كركوك من قبل قوات عسكرية تصرف غير مسؤول، واردف «أنه وفقاً للاتفاقية الموقعة بين بغداد وأربيل فأن نفط كركوك يدار من قبل إدارة المدينة، لذا فأن هذا التصرف لا مبرر له ونعتبره غير مسؤول وغير قانوني في نفس الوقت».
وكان عضو المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني مسؤول مركز تنظيمات كركوك، اسو مامند قد كشف عن سيطرة قوة من الاتحاد الوطني الكردستاني وبعلم من المسؤولين على حقول شركة نفط الشمال.
وتابع مامند في تصريح للصباح الجديد ان اتفاقا ابرم بين بغداد وادارة محافظ كركوك في الشهور الماضية، ينص على تخصيص نصف انتاج تلك الحقول لأهالي كركوك وتسديد قروض الكهرباء التي بذمة الحكومة المحلية، مشيراً الى ان الاتفاق تضمن كذلك منح حق بناء مصفى للنفط ومشاريع استثمارية اخرى في قطاع الطاقة بالمدينة، الا ان الحكومة الاتحادية تراجعت عن وعودها في الاتفاق.
مامند اوضح ان الاتحاد الوطني وبحكم المسؤولية التي يتحملها في كركوك فانه ملزم بتنفيذ مطالب المواطنين، وان السيطرة على حقول شركة نفط الشمال من قبل الاتحاد الوطني جاءت بناءا على ذلك.
وقال اسو مامند خلال مؤتمر صحفي عقده اليوم الخميس: ان عملية تصدير النفط بدأت من الان ولم نقم باحتلال تلك الحقول، وان توقيف عملية التصدير كان مجرد انذار للحكومة الاتحادية، مشيرا الى انهم امهلوا الحكومة الاتحادية اسبوعاً واحداً لتنفيذ الاتفاق المبرم بين الطرفين.
حركة التغيير من جهتها عبرت عن استغرابها من اقتحام قوات تابعة للاتحاد شركة نفط الشمال والسيطرة على حقول نفطية فيه، بينما يتغاضى عن تحقيق الشفافية في حقلي هافنا وباي حسن في شمال المحافظة.
واضاف نائب رئيس لجنة الطاقة في برلمان كردستان القيادي في حركة التغيير علي حمه صالح ان الاتحاد اظهر رد فعل قوي تجاه 110 الف برميل نفط يتم انتاجه يوميا من الحقول التي تديرها شركة نفط الشمال يذهب نصفه لصالح حكومة الاقليم، بينما تستخدم الحكومة الاتحادية المتبقي منه في عدد من مصاف التكرير، فيما يتغاضى عن قرابة 300 الف برميل يتم انتاجها وتصديرها من قبل شركة كار التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني في حقلي هافانا وباي حسن.
من جهته اوضح الخبير النفطي احمد كريم في تصريح للصباح الجديد ان القوة التي اقتحمت شركة نفط الشمال سيطرت على منطقة حساسة جدا في الشركة، وهو ما ادى الى توقف تصدير النفط الى ميناء جيهان من كافة حقول المدينة لعدة ساعات.
واضاف كريم ان القوة سيطرت على قسم (الذاكرة) في شركة نفط الشمال وعطلوا هذا القسم لفترة من الوقت، وهو ما ادى الى ايقاف عملية التصدير لعدة ساعات من ابار المدينة، وقال ان كل النفط الذي يتم انتاجه من حقول المحافظة يجب ان يمر قبل تصديره عبر هذا القسم، وتابع ان هذا القسم يعمل على تنقية النفط من حامض (الهايدروكلوريك) قبل ان يتم ضخه في انبوب التصدير، لانه اذا لم يتم تنقية النفط المنتج من حقول المدينة من هذا الحامض قبل ضخه في الانبوب ، فان ذلك سيؤدي الى تأكل الانبوب خلال فترة وجيزة.
بدوره وصف رئيس الجبهة التركمانية ارشد الصالحي ما يحصل في المناطق المتنازع عليها وبالاخص في كركوك، وتوقف ضخ النفط من قبل القوة العسكرية التي اقتحمت شركة نفط الشمال، بانها نتيجة الحسابات الختامية لما بعد داعش.
الصالحي اضاف انه من المعروف ان هناك خلافا على هوية كركوك الجغرافية والتأريخية، وان هناك خلافا وصراعا اخر مخفيا، الا وهو صراع النفط، الذي يعد الاكثر حساسية والاخطر من داعش ومن عائدية كركوك التاريخية ومن التوازنات القومية في المدينة.
واوضح ان الاحداث التي شهدتها كركوك امس يوضح مدى وعمق الصراع الموجود بين السليمانية واربيل على النفط من جهة وبين بغداد واربيل من جهة اخرى، بالاضافة الى الوضع الاقليمي المستجد، بما فيه قضية مد انبوب اخر لنقل نفط كركوك الى ايران.
هذا واشارت مصادر الى ان محافظ مدينة كركوك الدكتور نجم الدين كريم الذي يشغل في ذات الوقت منصب عضو في المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني، وهو يغيب الان عن المدينة في زيارة يقوم بها الى الولايات المتحدة الاميركية، لم يكن على اطلاع بالاجراء الذي لجأ اليه مسؤول مركز تنظيمات كركوك آسو مامند وايعازه لقوة عسكرية تابعة للاتحاد الوطني بدخول شركة نفط الشمال والسيطرة على ابار للنفط في رسالة إنذار إلى الحكومة وحكومة الاقليم بالتوقف عن التصرف بنفط كركوك بما لايتلائم مع تطلعات المواطنين فيها.