بعد منع رعايا بعض الدول الإسلامية من دخول أميركا
ترجمة: سناء علي
في مقال للكاتب الأميركي البارز انتوني كوردسمان نشره مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأميركي حاول فيه تقديم نصيحة للإدارة الاميركية الجديدة برئاسة ترامب حول طريقة تعاملها مع المسلمين، حيث قال :
«ان الحكومة الجديدة التي تسلمت مقاليد الحكم والتي تهدف الى تغيير العديد من الجوانب المهمة في السياسة الاميركية، من المحتمل ان تحقق هذه الاهداف في اقرب وقت ممكن، لكن اتخاذ قرار سريع ومفاجيء سيكون له ضرراً وليس منفعة، وان الطريقة التي تسلكها الولايات المتحدة للتعامل مع التطرف الاسلامي العنيف والارهاب هي مثال على ذلك.وان الدراسة الاخيرة التي اجراها كرسي ارليه بورك في معهد الدراسات الاستراتيجية والدولية بعنوان «اعادة التفكير بتهديد التطرف الاسلامي: التغيرات المطلوبة في الاستراتيجية الاميركية» تعالج وتتطرق الى هذه القضايا بشكل مفصل، وتدرس الميل الأخير تجاه التطرف الاسلامي العنيف والارهاب، وسبب التطرف والدور العنيف الذي لعبه شركاء اميركا الاستراتيجيين في العالم الاسلامي.»
كما بين كوردسمان ان « استراتيجية اميركا الناجحة-ووضع اميركا العالمي في التعامل مع مثل هذه التهديدات-لايمكن ان تعتمد على اقصاء المسلمين، بل على التعامل مع الحكومات المسلمة المعتدلة والشركاء في مكافحة الارهاب والأمن الاقليمي، كما تعتمد على كسب دعم المسلمين الذين يقطنون في الولايات المتحدة والغرب بدلاً من ابعادهم ودفع البعض منهم بين يدي المتطرفين.قد يكون التركيز على تفويض البلدان الاسلامية أفضل من تبني مفاهيم خطرة مثل فرض الحظر عليها، وقد يكون تحسين التدقيق والحصول على تأشيرات الدخول أفضل من منع الدخول على اساس الدين والقومية، وفي الوقت ذاته فان جميع البلدان الاسلامية التي يمكن ان تخصها الولايات المتحدة بالذكر بسبب الاضطرابات والتهديدات هي بلدان تحتاجها الولايات المتحدة كشركاء وحلفاء.»
ويرى كوردسمان انه « ربما يكون حصول العديد من البلدان على معلومات وبيانات مهمة امر مستحيل، اذ ان الكلام أسهل من العمل، لذا ربما ستكون النتيجة النهائية منع الانضمام في صفوف من يتقبل خطر الدعم الفعلي للولايات المتحدة، بينما الاشخاص الذين يحملون جنسية مزدوجة (اميركية او اوروبية)، ويتدربون في معسكرات المتطرفين، هم اشخاص مجهولو الهوية، الأمر الذي يمكنهم من كسب دعم الجماعات المتطرفة لغرض الحصول على وثائق مزورة او مساعدتها على السفر.وعلى نطاق واسع، فان الدراسة المفصلة للبيانات المتعلقة بالتطرف الاسلامي تدعم الادارة الجديدة من خلال القول بانه يشكل تهديداً رئيساً وتتجاهل الروابط بين الارهاب والنسخة المضللة من الاسلام وهذا امر مضلل وخطير، وفي الوقت ذاته تُظهر مدى اهمية وجود دول اسلامية كشركاء استراتيجيين في الوقت الحالي، لذا من المهم اخذ الديموغرافية الاسلامية بعين الاعتبار والتركيز على «داعش» بدلاً من التهديد العام.»
واكد ايضا انه من الواضح « لا يمكن للحلول العسكرية ولا مكافحة الارهاب هزيمة التطرف الاسلامي العنيف بشكل سريع خلال العقد الحالي، ولا يمكن ان نطلق تسمية «الحرب الطويلة» على النضال ضد التطرف الاسلامي العنيف، لكنه سيكون صراعا طويلا في أحسن الأحوال، كما ستقوده الكثير من المشكلات العميقة في التسلط والحكم، والفساد، والضغط السكاني والتنمية الاقتصادية، فضلا على الانقسامات العرقية والطائفية والقبلية.وإذا اهملت الولايات المتحدة التعامل مع الاسلام والعالم الاسلامي، ستسهم في نقل الصراع ضد الاقليات المتطرفة الصغيرة الى صراع فعلي أكثر خطورة بين الغرب والعالم الاسلامي، يصب في مصلحة العديد من التهديدات منها التهديد الايراني الذي يعد تطرفا من نوع اخر فضلا على التهديد الروسي».
واوضح كوردسمان ان « الارهاب لا يلتصق بالإسلام وانما بالنسخة المضللة من الاسلام، وكشف زيف هذه النسخة وتعريتها امر مفيد للمسلمين وغيرهم.اضافة الى ان اتهام المسلمين بالإرهاب، واقصاء دول اسلامية بكاملها لا يسهم بمعالجة المشكلة، بل سيقود الى تفاقمها وربما تحولها في مرحلة ما الى حرب مفتوحة بين الغرب والعالم الاسلامي، وهذا يحقق اهداف المتطرفين في كلا المعسكرين، وقطعا لا يخدم الانسانية، وعليه من الضروري التفريق في التعامل مع العالم الاسلامي بين الارهابي وغير الارهابي من الافراد والدول؛ من اجل اقامة شراكة استراتيجية مع المعتدلين من المسلمين تصب في محاربة الارهاب.»
واشار الى اهمية « مراجعة سيرة بعض حلفاء اميركا المتورطين في ملفات ارهابية مهمة، فهؤلاء قد يتطلبون مواقف صارمة تحد من نشاطهم، وتحتوي سياساتهم الخطرة. كما اضاف ان الارهاب ليس ناتج فقط عن اسباب دينية، بل هناك اسباب سياسية واقتصادية واجتماعية تكمن في بنية المجتمعات التي يتوالد منها الارهابيون تتطلب المعالجة من اجل تجفيف منابع الارهاب وحواضنه. موضحا ان السلاح لوحده غير قادر على تحقيق النصر النهائي على الارهاب، بل هناك ادوات اخرى ممكنة إذا أحسن استعمالها لتحقيق الهدف.»
كما بين في اخر تقريره ان « هذه النصائح ليست مفيدة للإدارة الاميركية الجديد فحسب، بل هي مفيدة لجميع الحكومات والشعوب، ولاسيما شعوب وحكومات الشرق الاوسط، ومن الضروري التمعن فيها ووضع السياسات المناسبة وفقا لها، إذا أردنا تحسين صورة الاسلام والمسلمين في نظر العالم، واردنا بناء دول جديرة بالاحترام والتقدير العالمي، فهل تجد لها اذان واعية تدركها، وتعمل على ضوئها؟ .»
* عن المركز الاميركي للدراسات الاستراتيجية والدولية