ابتسام يوسف طاهر
كثير من البشر تضطرهم الظروف الى التأقلم مع أي بيئة حتى التي يرفضونها. فالعراقيون ابتلاهم القدر بظروف اصعب من بعضها فوجدوا انفسهم يتأقلمون مع الحصار مع شحة الكهرباء ومع تسلط البعث وسياسة التخويف والترهيب. تعودوا على حالة الترقب لما يخفيه الزمن وقائدهم الضرورة! بل حتى الحروب وجد فيها بعض ضعاف الضمير ممن تقهقرت لديهم نظرية النشوء والإرتقاء، فرصة للربح والمتاجرة بأرواح البشر. حتى صار بعض المساكين متعودين على مشاهد الخراب والقتل والدمار.
في روايته ذكريات من منزل الاموات عن سجن سيبيريا ومعاناة السجناء والعقوبات هناك. يقول دستويفسكي «الانسان حيوان متعوِّد». فالسجناء في ايامهم الاولى يرفضون ما يقدم لهم من طعام بائس ولكنهم مع الايام وأحكام الجوع يصيرون يستطعمونه ويأكلونه بشهية.
فلا تفسير لفرح البعض بقطعان الارهابيين يروعون ابناء الأنبار ومن ثم ابناء الموصل، من الطائفيين ومعهم بقايا المستنفعين من دولارات قائدهم المقبور. ومن وراءهم بعض المغيبين عقلا ودين، غير تعودهم على سياسة العصا والجزرة.. متناسين ما فعله البعث من قبل والمقابر الجماعية التي حفروها لكل اطياف الشعب العراقي، حتى عائلة المقبور لم تسلم من غدره وتسلطه وقتله لكل من يعترض على قراراته، متناسين انه باع ارض العراق الحدودية بسعر بخس لكسب تأييد العروبيين والتطبيل له.
كيف نفسر مباهاة البعض بقادة داعش وانهم من ذاك العجين المداف بدم الشعب؟ كيف نفسر نسيان المعاناة لعقود عجاف؟ كيف نفسر هزيمة الدوري وكل ذوي النياشين امام المحتل وترك اسلحتهم بيد المجرمين والقتلة؟ كيف نفسر نسيانهم عزلة العراق عن العالم لعقود؟
لا تفسير لذلك ولا للتحالف مع ابشع الكائنات والمطالبة بالمصالحة معهم، غير انهم تعودوا واستطعموا الرشوة والصعود على اكتاف الغير في سلم الوظيفة بلا جهد ولا تعب. تعودوا واستعذبوا المتاجرة بكرامة الانسان . تعودوا الخوف والسير على وفق العصا التي تلهب ظهورهم.
حتى دول الجوار التي تدعم وتمول قتلة العراقيين لتدمير اقتصاد العراق وبقاء نفطهم جاريا وكسب الملايين مغمسة بدماء ابناء العراق. تناسوا ما فعله صدام بهم بالأمس القريب! متناسين ان خلايا سرطان الارهاب ستزحف لهم وتدمرهم. لكنهم حيوانات متعودة.