عُد مؤتمر ميونيخ ، من المؤتمرات المهمة التي تناقش الشأن الأمني والإقتصادي وما يرتبط بهما بالسياسة العالمية في فترة مواجهة المعمورة بأسرها للإرهاب والتطرف ، مع خلافات دولية وتحالفات متناقضة .
والعراق في محورين مهمين؛ اولهما تشكيله رأس الحربة في محاربة الإرهاب، وحليف لأميركا وايران وكلاهما مختلفان ، فهل ينجح في إيصال صوته للعالم، او هل يقدر أن يكون محور تقارب بين الخلافات الدولية على تصنيف وتسمية الدول الراعية للتطرف؟! نسمع أن الدول تغير الزعامات ولا تغير التحالفات والإستراتيجيات، ولكن المنظومة العالمية في تحديات أكبر من كل سابقاتها.
قدم العراق خدمة جليلة للعالم، والمستشارة الالمانية ( زعيمة البلد المضيف) طالبت قادة المسلمين بالمشاركة بحرب الارهاب؛ في حين أميركا تتحدث عن جبهة أميركية إسرائيلية لمحاربة الإرهاب، وروسيا لاعب أساس ومحتدٍ للغرب، وبين هذا وذاك رئيس الوزراء العراقي الدكتور العبادي بين تحديد أولويات التحالف.
تعد اللقاءات الثنائية للعراق على هامش المؤتمر مع رؤساء ووزراء خارجية؛ ذات أهمية وأثر على العلاقات العراقية الثنائية ، وما تمثله من بناء إستراتيجيات، وعلى العبادي التحرك وتحديد الأولويات ومصلحة العراق ، والموقف لا ينحصر برئيس الوزراء ، أن لم تتفق القوى السياسية داخل البلد وفي السياسة الخارجية لا خلاف بين أبناء البلد الواحد.
قتال العراقيين ونصرهم أعطاهم هيبة، ومن يشاهد الجيش والشرطة والحشد الشعبي والعشائري والبيشمركة في صف واحد، فأنه يشعر بزخم وحدة العراق، وإصرار بناء الدولة من شعبها برغم بعض الخلافات السياسية، التي تُصور أن الخلاف مجتمعي، ولكن كلما تقدمت الأيام وإقتربت السكاكين من الرقاب، فتجد العراقيين شعبا واحدا متلاحما لا يقبل التقسيم برغم المراهنات الدولية.
إن الخدمة جليلة للعالم من العراق إلزام ، وعلى الأخير الإيفاء بإلتزاماته ، ويجب على ساسة العراق تبني سياسة ناضجة ، وإجادة إستراتيجية لعبة تحقيق المصالح؛ بسياسة يحترفها الكبار، وأن يختلفوا في الداخل لتحقيق مصلحة شعبهم، ولا يختلفون في رسم السياسة الخارجية، ويدركوا حجم المشكلة؛ لأن الهرب لا يحلها وسيترك خسائر تتسابق عليها الدول التي تنتظر فرقة قيادات الدولة للإستفراد بهم وإذلالهم بتنازلات من وطنيتهم، ولو أحسن ساسة العراق؛ لإستطاع العراق قيادة التقارب بين التحالفات الدولية، وبين ميونخ وبغداد رسائل لرسم تحالفات دولية.
العراق يحتاج الدول في الإستشارة الأمنية والإعمار، وهذه تحتاج لبيئة جاذبة وقوى سياسية موحدة.
وعدم التعاون الدولي بنحو صحيح؛ سيؤخر القضاء على الإرهاب، وفي أكثر من مرة أقيمت مؤتمرات أقليمية ولم يُدع العراق وهو رأس الحربة ؛ فيما تتذبذب مواقف دول تدعي حمايتها للديموقراطية؛ بينما لا تقرُّ بوجودها في العراق ؛ من خلال دعوة قوى سياسية عراقية متهمة من القضاء العراقي ، في وقت تتقدم الشعوبية اليمينية، التي تتهم المسلمين بالإرهاب وتصفهم بالمتخلفين، والعرب والمسلمين مختلفين بتحالفاتهم، وإذا كانت المؤتمرات جادة بالقضاء على الإرهاب فعليها تجفيف منابعه .
وما مطلوب من العراق سياسياَ أن يتحرك بصدر عالٍ وهو يقهر إرهابا عالميا عجزت منظومات دولية عن مجابهته، ويختار سياسته الإستراتيجية، وهذا لا يتحقق إلاّ بساسة ناضجين يعون مسؤولياتهم، وكيفية إستثمار المجتمع الدولي والإقليمي، ومثلما للعراق مصالح معهم، فهم لديهم مصالح مع العراق.
*كاتب عراقي
واثق الجابري