عامر القيسي
طالبنا في عمود سابق باجتماع القادة الكبار في البلاد وتحمل مسؤولياتهم الوطنية والتأريخية لايقاف الانزلاق النهائي للبلاد الى الحرب الاهلية وتقسيم البلاد وهو النتيجة المنطقية لمثل هذه الحرب بأنموذجها العراقي.
واجتمع القادة يوم الثلاثاء ليخرجوا لنا ببيان انشائي من الدرجة الاولى ، لم يضع اصبعه على أس المشكلة العراقية المتمثل بالازمة السياسية الخانقة التي انتجت لنا وضعا مهلهلا وخطيرا مثل ما هو حاصل في البلاد .
كان البيان عموميا غائما يتحدث عن “الحشد الوطتي” في غياب الاتفاقات السياسية وتوافقاتها..
يتحدث عن “الالتزام بالآليات الديمقراطية” و” حل المسائل الخلافية على وفق الدستور” وهو كلام حفظناه عن ظهر قلب كما يقال..
يحذر من “اشاعة التفرقة بين المواطنين على اساس الخلافات المذهبية والدينية” وهو ما سمعناه ملايين المرات ..يدعو الى “مواكبة التطورات من مصادرها االوطنية”..محذرا “من اي ممارسة طائفية بحق اﻻكثرية في كل مدينة من مدن العراق حتى تحفظ ابناءنا وبناتنا واموالهم”..و ” عدم السماح باﻻجهاز على ثمار العملية اﻻنتخابية “..
ودعا الى التوازن في الحشد الوطني و “تحشيد من كل مكونات الشعب العراقي وبشكل متواز يراعي الخصوصيات المناطقية “.. و” اﻻلتزام بالدستور والقوانين لتحقيق العدل اﻻجتماعي وارساء الدولة على قاعدته “..وتجنب “اﻻستفزازات الطائفية”.. و “استمرار لقاءات القيادات الوطنية في التداول بالشأن العراقي”.. و”منع ظواهر التسلح وحمل السلاح العشوائي خارج اطار الدولة والقانون من اي جهة كانت”..
كلام جميل ومطلوب لكنه يصلح لندوة اعلامية عن الوضع العراقي ، وهو كلام يقوله كل عراقي حريص على وحدة البلاد ومستقبلها ، وهو كلام نقوله يوميا ونسمعه لكن النتيجة كانت دائما “جعجعة بلا طحين” .. فبالقدر الذي تحدث به السادة الكبار عن حل الخلافات تتعمق يوميا وبشكل متصاعد ازماتنا السياسية.. وبالقدر الذي كان يتحدث به الكبار عن الالتزام بالدستور كان يجري خرقه بانتظام باعتراف المجتمعين باكثر من مناسبة ، خصوصا مع تصاعد حدّة الخلافات ..وليس مفهوما حقيقة الحديث عن تحشيد شعبي على وفق الاكثرية المناطقية ، وهو توجه يكرس الطائفية المناطقية باقوى مما هي عليه الآن ففي المحافظة المتلونة بالشيعة والسنة ـ سيكون هناك حشد للسنة وآخر للشيعة !!
هل هذا كلام يخفف الاحتقان الطائفي في البلاد ويؤدي الى حشد وطني متماسك في مقاتلة الخطر الارهابي والتصدي له بروح الهوية العراقية العابرة للهويات الفرعية ؟
واخيرا انفض الاجتماع على امل “”استمرار لقاءات القيادات الوطنية في التداول بالشان العراقي”..
كنّا نأمل من المجتمعين وهم الممسكون بمعظم خيوط الوضع العراقي ان يخرجوا لنا بقرارات واضحة وآليات للتطبيق والتزامات وتوقيتات محددة تنتج لنا وضعا جديدا مختلفا يضع ارجلنا في خطوتها الاولى لحل الازمة السياسية في اصلها وفصلها .. كنّا نأمل بدعوة سريعة لمؤتمر وطني عام وشامل .. كنّا نأمل بقرارات تطمئن الشارع العراقي من مخاوفه .. كنّا نأمل بقرار لدعوة البرلمان الجديد للانعقاد من دون انتظار المدد الدستورية المسترخية للسير في طريق بقية الاستحقاقات وتشكيل الحكومة الوطنية القوية القادرة على انقاذ البلاد .. كنّا نأمل بقرارات سياسية واقعية وواضحة تساعد الناس في المحافظات المنكوبة بالارهاب الى ان تسحب البساط من داعش الارهابية وغيرها ..
كناّ نأمل الكثير .. لكن القادة الكبار اكتفوا ببيان عمومي عن استمرار اللقاءات ، بعد ان عجزوا عن تحديد حتى الجهة المسؤولة عن تنفيذ قراراتهم عامة !!